في عالم الأحجار الكريمة النادرة والاستثنائية، لا يمكن إلا لقلة قليلة أن تزعم أنها الأندر في العالم. ويعد معدن كياوثويت (kyawthuite)، وهو معدن فريد من نوعه لدرجة أنه لم يتم اكتشاف سوى عينة واحدة منه على الإطلاق، مثالاً بارزًا. لقد أسرت هذه الجوهرة الصغيرة ذات اللون البني الفاتح، التي تزن 1.61 قيراط فقط، عالم علم الأحجار الكريمة بأصولها الغامضة وجمالها الذي لا مثيل له.
محتويات المقال :
اكتشاف بالصدفة
تبدأ قصة الكياوثويت في عام 2010، عندما اشترى عالم أحجار كريمة يُدعى كياو ثو ما اعتقد أنه حجرًا كريمًا عاديًا على من أحد الأسواق في ميانمار. في البداية، اعتقد كياوثويت أن الحجر معدن شائع يُعرف باسم الشيلايت (scheelite). ومع ذلك، بعد الفحص الدقيق، أدرك أنه عثر على شيء غير عادي. وبسبب فضوله حول خصائص الحجر غير العادية، أرسلها إلى مختبر معهد الأحجار الكريمة الأمريكي (GIA) في بانكوك، تايلاند.
اكتشاف علمي
في معهد الأحجار الكريمة الأمريكي، انبهر علماء المعادن بالتركيبة الفريدة للجوهرة. فقد تم التعرف عليها على أنها شكل من أشكال أنتيمونات البزموت، مع الصيغة الكيميائية Bi3+Sb5+O4. ولم يتم ملاحظة هذا الترتيب المحدد للعناصر في الطبيعة من قبل. وقد مثل هذا اكتشافًا مهمًا في عالم علم المعادن، حيث كشف عن جانب غير معروف سابقًا من العمليات الجيولوجية على الأرض.
يتميز الحجر بلون برتقالي مشبع، مع مسحة حمراء وخطوط بيضاء؛ وهو لون المسحوق الذي ينتجه الحجر عندما يتم جره عبر سطح خشن. كما يحتوي على شوائب مجوفة على شكل أنبوب تسمى “en echelon veins” والتي تسببها إجهادات القص (shear stress)، وهي دليل على تكوينه الطبيعي.
إن أنتيمونات البزموت هي مركب متعدد الاستخدامات له تطبيقات في مجالات مختلفة. ويمكن أن يوجد في أشكال مختلفة، بما في ذلك السبائك الثنائية مثل أنتيمونيد البزموت (BiSb) ومركبات مثل أنتيمونات البزموت (BiSbO4). إنها ذو قيمة خاصة في الأجهزة الكهروحرارية، وخاصة في درجات الحرارة المنخفضة، بسبب كفاءتها الكهروحرارية العالية. من ناحية أخرى، فإن أنتيمونات البزموت لها تطبيقات محتملة في الكيمياء الكهربائية كمعدِّل للأقطاب الكهربائية، والتحفيز، وأجهزة الاستشعار.
لمحة عن الماضي
بينما تظل الظروف الدقيقة لتكوين الكياوثويت محاطة بالغموض، قدم الجيولوجيون بعض النظريات. ويُعتقد أن هذا الحجر ربما كان من أصل ناري، وهو عبارة عن شوائب في نوع من الصخور البركانية الشائعة تسمى البيجماتيت (Pegmatite)، وهي شائعة في المنطقة التي عُثر فيها على الحجر. ومثل الجرانيت، فإن تكوين البيجماتيت يشبه تكوين كعكة الفاكهة، حيث تختلط معادن مختلفة معًا؛ ومن الشائع العثور على بلورات كبيرة من الأحجار الكريمة في البيجماتيت.
يرجع الحجم الكبير لبلورات البيجماتيت إلى التبريد البطيء والسوائل الغنية بالمعادن الوفيرة الموجودة أثناء تكوينها. تسمح هذه الظروف للبلورات بالنمو دون إزعاج، مما يؤدي إلى تكوين عينات مذهلة.
إن آثار التيتانيوم والنيوبيوم والتنجستن واليورانيوم في الكياوثويت تتوافق مع تكوين البيغماتيت. بالإضافة إلى ذلك، تظهر التجارب في المختبر أن بلورات البزموت أنتيمونيت تتشكل عند درجات حرارة عالية تتوافق مع درجات حرارة تبريد الصهارة. ولأن المعدن يبدو نادرًا جدًا، فمن المحتمل أن تكون هناك ظروف خاصة أخرى حول كيفية تشكله، لكننا لا نعرف ما هي.
جوهرة لا تقدر بثمن
نظرًا لندرة هذا الحجر وخصائصه الفريدة، فإن قيمته لا تقدر بثمن. أما ثاني أندر الأحجار الكريمة في العالم، وهو معدن يسمى البيانيت (painite)، فيقدر سعر القيراط الواحد منه بما يتراوح بين 50 ألفًا و60 ألف دولار أمريكي. والعينة الوحيدة المعروفة في العالم موجودة حاليًا في المتحف الوطني للتاريخ في مقاطعة لوس أنجلوس، حيث لا تزال تبهر الزوار وتثير اهتمامهم.
إن اكتشاف هذا الحجر يذكرنا بالعجائب التي يمكن للطبيعة أن تنتجها. كما يسلط الضوء على أهمية الملاحظة الدقيقة والاستقصاء العلمي في الكشف عن أسرار كوكبنا. ومع تعمق فهمنا للعمليات الجيولوجية للأرض، فقد نكتشف المزيد من المعادن غير العادية مثل هذا الحجر.
المصدر
The World’s Rarest Mineral Is So Rare It’s Only Ever Been Found Once | science alert
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :