محتويات المقال :
ما حقيقة اكتشاف كونٍ موازٍ يسير فيه الزمن إلى الوراء ؟
تناقلت بعض المواقع الاخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي موخرًا خبر اكتشاف كونٍ موازٍ يسير في الزمن إلى الوراء. مصدر هذه الإشاعة هو إساءة فهم لمقالٍ نُشر في الثامن من أبريل في مجلة «New Scientist» . في هذا المقال سنستعرض حقيقة وجود كون موازٍ يسير فيه الزمن إلى الوراء وسنعرف الحقيقة من مصدرها وليس مما يكتبه الصحفيون في مقالاتهم.
من هنا بدأت القصة
نشرت صحيفة «ديلي ستار–DailyStar» البريطانية مقالًا عن اكتشاف وكالة ناسا لجسيمات قد تكون من خارج كوننا. وفي التجربة استخدمت وكالة ناسا بالونًا عملاقًا يحلّق فوق القارة القطبية حيث لا وجود لضوضاء راديوية قد تشوش على النتائج ويحمل الهوائي الدافع العابر للقارة القطبية أو ما يُعرف اختصارًا «أنيتا–ANITA» وهو عبارة هوائي راديوي موجهة إلى الأرض لاكتشاف الموجات الراديوية المنبعثة من النيوترينوات عالية الطاقة في حالة تصادمها مع ذرات الموجودة في الجليد. ولاحظ العلماء، أن هناك رياحًا مستمرة لجسيمات عالية الطاقة تأتي من الفضاء الخارجي وبعضها أقوى بمليون مرة من أي شيء يمكن توليده على الأرض، وأضاف العلماء أن الجسيمات منخفضة الطاقة «نيوتريونات–neutrinos» تستطيع المرور عبر الأرض وتتفاعل بالكاد مع مادة كوكبنا، إلا أن الأجسام ذات الطاقة الأعلى تتوقف بسبب المواد الصلبة الأرضية. وأضافت صحيفة ديلي ستار إلى أن الجسيمات عالية الطاقة لا يمكن اكتشافها إلا وهي تنزل من الفضاء الخارجي، مضيفة أن اكتشاف جزئي أثقل «نيوترينو تاو– tau neutrino» وهو يخرج من الأرض يعني أن هذه الجسيمات تسير للخلف بمرور الوقت، ما يعد دليلًا على وجود كونٍ موازٍ.
هوائي أنيتا
تفسير خاطئ للأبحاث العلمية
تجذب عناوين الأكوان المتوازية سماع الكثيرين وتتصدر أخبارها الصفحات الأولى ولكن ما يهمنا هنا هو معرفة الحقيقة من لسان الخبراء والباحثين أنفسهم وليس ما يصيغه ويُئَوله الصحفيون. كل ما يدور حول موضوع اكتشاف كونٍ موازٍ لا تسري فيه قوانين الفيزياء الحالية أتى من ثلاث أوراق بحثية:
- الورقة الأصلية من أنيتا التي أكتشف فيها الباحثون جسيمات عالية الطاقة.
- الورقة البحثية الثانية لباحثين من جامعات أمريكية والتي افترضت أن النتائج المتحصلة من قبل أنيتا يمكن أن تقدم دليلًا على وجود الكون المتماثل حيث تهيمن المادة المضادة على هذا الكون ويمكن أن يسير فيه الزمن إلى الوراء ومن هنا أتت ادعاءات الكون الموازي وذلك عند قراءة هذه الجملة الموجودة في هذه الورقة العلمية ” وفي هذا السيناريو، يُعاد تفسير الكون قبل الانفجار العظيم وبعد الانفجار العظيم على نموذج (كون-كون مضاد) أُنشئ من لا شيء”
- الورقة البحثية الثالثة لباحثين من مرصد «أيس كيوب نيترينو–IceCube Neutrino» والتي نشرت في مجلة «The Astrophysical Journal» وتقترح هذه الورقة الحوجة إلى البحث عن تفسيرات بديلة لنتائج أنيتا.
ومع ذلك فأن الاستنتاج الحقيقي الوحيد هو أن الأحداث المكتشفة من قبل أنيتا لا يمكن تفسيرها بالنموذج القياسي للكون. وعلى إثر إعلان نتائج أنيتا حول اكتشاف نيوتيرونات ذات طاقة عالية تنبعث من الأرض ولكن من مصدر مجهول، سارع الباحثون في مرصد ايس كيوب في محاولة البحث عن مصدر هذه الجسيمات. يقبع مرصد أيس كيوب نيترينو في القرب من القطب المتجمد الجنوبي ويتكون من 5160 كاشف ضوئي مدفونيين تحت الجليد لغرض اكتشاف النيوتريونات التي تمر عبر ذرات الهيدروجين والأكسجين وتتفاعل معها. وبهذا يعتبر مرصد ايس كيوب أداة رائعة لمتابعة مايكتشفه هوائي أنيتا لأنه في حالة اكتشاف حدث شاذ من قبل هوائي أنيتا فمن المفترض أن يكون مرصد أيس كيوب قد اكتشف الكثير من المعلومات عن ذلك الحدث. تقول الباحثة «أناستاسيا باربان–Anastasia Barban» من جامعة جينيف في سويسرا “هذا يعني أنه يمكننا استبعاد فكرة أن هذه الأحداث جاءت من مصدر نقطة مكثفة –أو بعبارة أخرى من كونٍ موازٍ- ، وذلك لأن احتمالات رؤية أنيتا لحدث وعدم رؤية أيس كيوب لأي شيء ضئيلة جدًا.”
مرصد أيس كيوب في القطب المتجمد الجنوبي
ما الذي خَلُصت إليه الأبحاثُ العلمية؟
النتائج المنشورة لفحص اكتشافات أنيتا باستخدام مرصد أيس كيوب تُختتم بعبارات مثل “غير متناسقة مع التفسير الكوني” و “الفيزياء الجديدة” ، وتُصاغ على النحو التالي: “إن التفسير الفيزيائي الفلكي لهذه الأحداث الشاذة في ظل الافتراضات النموذجية القياسية مقيد بشدة بغض النظر عن المصدر”. وهذه الخلاصة حُرفت عن معناها الأصلي إلى معانٍ أخرى غير صحيحة. فالمعنى الصحيح: “لا نعرف حتى الآن من أين أتت هذه الإشارات.” أما المعنى الخاطئ: “جاءت هذه النيوترينوات عالية الطاقة من كونٍ موازٍ”. وفي نهاية هذا المقال وجب التنويه عزيزي القارئ إلى الحرص على التدقيق والتأكد من صحة الأخبار العلمية وعدم تصديق كل ما تقرأه في الصحف حتى وإن افتتحت مقالاتها بعباراتٍ طنانة مثل “اكتشفت وكالة ناسا”.
المصادر
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :