Categories: طبصحةأحياء

لماذا تستمر الميكروبات في خلق الجائحات؟

لماذا تستمر الميكروبات في خلق الجائحات؟

رغم تحقيق نجاحات في احتواء وحصار الأمراض المعدية في القرن العشرين، إلا أن الأوبئة الجديدة تستمر في الظهور والتفشي، مما دفع بعض العلماء لمحاولة تحليل أسباب ظهورها وتحديد الإجراءات المطلوبة للتصدي لها.

التكيف والتغير الميكروبي:

الميكروبات والفيروسات ليست دائما سيئة ولا تنحصر علاقتنا بها على العداء، يحمل البشر الأصحاء عددا أكبر من الخلايا الميكروبية في أجسادهم، كما أنها تعيش في كل مكان في البيئة تقريبًا ، معظم الميكروبات التي تعيش لدى البشر لا تسبب لهم الأذية، ورغم أنها تبدو عديمة القيمة، إلا أنها مهمة جدا في النظام البيئي البشري.

من الواضح أن بعض الميكروبات ممرضة لنا،. وهذا التفاعل بين يتم تحديده من خلال البيئة والعوامل الوراثية والفيزيائية والبيئية بينها وبين المضيف.

في أواخر القرن ال19 عندما تم تأسيس نظرية الجراثيم، في ظل إقتناع العلماء بأن الأمراض ناتجة عن خلايا ميكروبية ثابتة أحادية الشكل، حينها رفضوا التغيرات التي ظهرت على الميكروبات في أطباق المستعمرات الميكروبية بإعتبارها مجرد ملوثات مصدرها الجو، أما الآن أصبح أصبحت تلك التغيرات بديهية فقد أصبح من المعلوم أن الميكروبات تملك إمكانات تطورية هائلة، بحيث تخضع بإستمرار لتحولات جينية تسمح لها بتجاوز الجهاز المناعي البشري. طورت العديد من الميكروبات آلية تسمح بتبادل ودمج مادة وراثية جديدة بمورثاتها، فأصبح النقل الأفقي للحمض النووي (RNA, DNA) مع التقدم التكنلوجي أمرا رائجا، وقد يكون مسؤؤلا عن ظهور العديد من الأمراض الوبائية الجديدة، وهذا يشمل الجينات المسؤولة عن الإمراضية، أو الجينات التي توفر التكيف مع المضيف أو البيئة.

تتميز فيروسات الحمض النووي الريبي RNA بالتحول بمعدلات عالية جدا، مما يسمح لها بالتكيف مع البيئة الخارجية بما في ذلك الأدوية، ولأن الميكروبات تتكاثر بسرعة (بمعدل مرة كل 10 دقائق) حتى الطفرات النادرة تتراكم بسرعة، إضافة إلى أن الميكروبات تستطيع الإحساس بالتغير في البيئة المحيطة ثم التكيف معه.

تمتلك الميكروبات إستراتيجيات وآليات متنوعة وكثيرة للبقاء على قيد الحياة، تستخدم بعض الميكروبات مستقبلات الخلايا المضيفة من أجل الدخول إليها، كما تقوم غيرها بإستغلال البروتينات الخاصة بالخلية لتلبية إحتياجاتها، وتقوم الأخرى بتغيير محددات المستضد بأخرى جديدة، أو تثبيط المناعة، أو الإختباء داخل الخلايا، كما تلجأ بعض الميكروبات إلى التنكر بإستخدام محددات الذات الخاصة بالجسم المضيف لكي لا يتم التعرف عليها من طرف الخلايا المناعية ولا يتم مهاجمتها.

Related Post

وللأسف فإن الإمكانات التي تملكها الميكروبات تمكنها من تطوير مقاومة ضد اللقاحات العلاجية والأدوية المضادة، بحيث تمنع العلاج من تثبيط العامل الممرض، فعلى سبيل المثال فإن التغير السريع المنتظم في المحددات السطحية لفيروس نقص المناعة البشرية تقف حائلا دون تطوير لقاح فعال ضده.

تحمل الإنسان للعدوى:

تؤثر خصائص الجسم في قدرة الميكروب على إمراضه عن طريق تطوير حواجز ودفاعات فيزيائية وخلوية وجزيئية تحميه من الإصابة بالعدوى، فمثلا تعمل البكتيريا المعوية على إفؤاز مواد مضادة تمنع تمو البكتيريا الأخرى الممرضة، فعند استخدام المضادات الحيوية أو عند تقليل حموضة المعدة عن طريق الأدوية المختلفة تضعف هذه الآلية ويصبح الجسم عرضة للأمراض. يمكن أن يتعرض الجسم للعدوى من خلال حدوث خللأو ضعف في آلايات الدفاع الطبيعية نتيجة عوامل: ضعف المناعة، الوراثة وسوء التغذية.

مصادر:

ncbi
edx
edx

المزيد: كيف ساهمت التحولات التاريخية في ظهور أوبئة؟

Author: Ouissem Djeddi

.

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Ouissem Djeddi

.

Share
Published by
Ouissem Djeddi

Recent Posts

لغز “أطلانطس اليابان”: هل “هرم يوناجوني” الغارق يعيد كتابة تاريخ الحضارات الإنسانية؟

هرم يوناجوني": الحقيقة الكاملة للغز الياباني الذي يتحدى الأهرامات منذ اكتشافه صدفة عام 1986، تحوّل…

أسبوع واحد ago

جيمس واتسون.. رحيل العبقري الجدلي الذي غيّر وجه البيولوجيا للأبد

وداعاً "أيقونة الحمض النووي": جيمس واتسون ببالغ الحزن والتقدير، أعلن العالم عن رحيل أحد أبرز…

أسبوع واحد ago

“عاشق العلم بروح التصوف”.. رحيل الدكتور أحمد شوقي وإرث “كراسات علمية” الخالد

ببالغ الحزن والأسى، ودعت الأوساط الأكاديمية والعلمية في مصر والعالم العربي قامة من قامات الوراثة…

أسبوع واحد ago

نظرية “إعادة التدوير الحيوي” تكتسح “داروين” وتُعيد تعريف الحياة

الحياة منظومة تتجدد ذاتياً لا آلة عشوائية! في إنجاز تاريخي هزّ أركان علم الأحياء التطوري،…

أسبوعين ago

مملكة أورارتو القديمة: موقعها، تاريخها وأهم آثارها

تعد مملكة أورارتو واحدة من أبرز الحضارات الحديدية في الشرق القديم، إذ نشأت في القرن…

أسبوعين ago

المتحف المصري الكبير رمز لاستمرارية البصمة الجينومية للحضارة المصرية

لطالما مثلت مصر، بموقعها الاستراتيجي عند ملتقى قارات إفريقيا وآسيا وأوروبا، نقطة محورية للتفاعل البشري…

أسبوعين ago