شهد العالم وحشية لا مثيل لها من جيش الاحتلال، في ظل الأحداث الأخيرة على قطاع غزة. بداية من قصف مستشفى المعمداني، وحتى حصار الدبابات لمستشفى الشفاء زاعمًا كونها مركزًا للمقاومة الفلسطينية. ولكن هنالك ما هو أغرب وأشد وحشية من الحصار، وهو ما قاله مدير عام وزارة الصحة الفلسطينية الدكتور “منير البرش” خلال مداخلته الهاتفية مع قناة الجزيرة مباشر. وهو عدم تمكنهم من دفن الجثث في المقابر الجماعية، خشية اختطاف جثامين الشهداء من قبل جيش الاحتلال. وهنا كان السؤال، لماذا يختطف الاحتلال جثامين الشهداء؟ وما علاقة بنك الجلد الإسرائيلي بذلك؟
محتويات المقال :
بنك الجلد الأكبر في العالم
بنك الجلد هو عبارة عن تخزين عينات من جلود المتبرعين ليتم استخدامها في ترقيع أو زراعة الجلد لمصابي الحروق على اختلاف درجاتها. فبعد حرب 6 أكتوبر 1973 اتضح للاحتلال الإسرائيلي أن عليه معالجة جنوده الذين أصيبوا بحروق وتشوهات خلال الحرب. لذا قرر أن ينشئ بنك الجلد الإسرائيلي. وبالرغم من وجود خلافات إسرائيلية حول المشروعية الدينية، إلا أن مجلس الحاخامات الرئيسي أعلن مشروعيته عام 1985.
وفي عام 2014، عرضت قناة العاشرة الإسرائيلية تحقيق تلفزيوني عن بنك الجلد الإسرائيلي. وقد كشفت فيه مديرة البنك أن احتياطي دولة الاحتلال من الجلد البشري هو 170 متر مربع، وهو رقم غير منطقي نسبة إلى عدد المتبرعين وسنة إنشائه. كما تضمن التحقيق اعترافات من مسؤولين رفيعي المستوى عن أخذ أعضاء من جثامين الشهداء الفلسطينيين والعمال الأفارقة لاستخدامها في علاج المستوطنين. [1]
تسليم جثث الفلسطينيين بلا أعضاء
في عام 2001 نشر الصحفي السويدي “دونالد بوستروم” تحقيقا صحفيا يكشف فيه سرقة الأعضاء من الجثث والاتجار بها. كانت هذه أول مرة تكشف فيها هذه الجريمة للرأي العام الدولي، ثم عاد لينشر تحقيقا عن الموضوع نفسه عام 2009 في مجلة “أفتونبلاديت السويدية”. [2] يذكر بوستروم في هذا التحقيق ان وزارة الصحة الإسرائيلية أطلقت حملة قومية للتشجيع على التبرع بالأعضاء عام 1992. وبالتزامن مع تلك الحملة بدأ اختفاء عدد من الشباب الفلسطيني، ليعودوا بعدها في نعوش مغلقة. وتفرض السلطة الإسرائيلية على أهالي المفقودين دفنهم في الليل دون جنائز. وأكد بوسترم تحقيقاته حين ذهب إلى محاورة عوائل الشهداء، ومن بينهم عائلة الشهيد” بلال أحمد غانم”. بلغ بلال 19 عاما حين اعتقله الجيش الإسرائيلي في قرية أم التين في الضفة الغربية عام 1992، ليعود بعدها جثة بلا أعضاء داخلية مخاطة من العنق حتى اسفل البطن. [2]، [3]
لم تنف السلطة الطبية الإسرائيلية ما تعرض له بلال من تنكيل وسرقة أعضاء. وقال مدير معهد الطب الشرعي الإسرائيلي وقتها “تشين كوغل”، إن عائلة بلال يمكن أن تكون على حق، لأنهم أخذوا كل ما يمكن أخذه من الجثث التي جاءت إلى معهد الطب الشرعي، وذلك من دون موافقة الأسرة. ولم تتلق عائلة بلال أي تفسير أو اعتذار عما حدث. [4]، [5]
اعترافات إسرائيلية بسرقة أعضاء الشهداء
في عام 2009 عرض فيلم وثائقي عن القضية، فيه اعترافات للمدير السابق لمعهد الطب الشرعي الإسرائيلي” يهودا هيس” يعترف فيها بسرقتهم أعضاء الشهداء الفلسطينيين. وقد قال هيس: لقد أخذنا القرنيات، والجلد، وصمامات القلب، والعظام. كل ما جرى القيام به كان غير رسمي إلى حد كبير، ولم يطلب إذن من الأسرى.
درست باحثة الأنثروبولوجية “مئيرة فايس” التعامل مع أجساد الفلسطينيين في مركز “أبو كبير” للطب الشرعي في تل ابيب “يافا”. ونشرت مئيرة دراستها في كتاب “على جثثهم”. قالت مئيرة إنها شاهدت أثناء وجودها في المعهد كيف يأخذون الأعضاء من جسد الفلسطينيين ويتركون جثث الجنود سليمة. وأضافت أنهم يأخذون القرنيات والجلد وصمامات القلب بشكل يجعل غياب تلك الأعضاء غير ملحوظ لغير المتخصصين. إذ يعوضون القرنيات بأجسام بلاستيكية وينزعون الجلد من الخلف كي لا تراه الأسرة. كما يجري استخدام جثث الشهداء في كليات الطب في الجامعات الإسرائيلية لأغراض بحثية.
كما أكد “عبد الناصر فروانة” رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة الأسرى والمحررين أن إسرائيل ما زالت تحتجز أكثر من 370 جثمانًا لشهداء فلسطينيين استشهدوا في ظروف وسنوات مختلفة. مضيفًا ألى أن لائحة هؤلاء الشهداء المحتجزين تضم أشخاصا استشهدوا من السبعينيات وحتى عام 2023. [5]
جرائم جيش الاحتلال لا عد لها ولا حصر، ينتقون العلم والعلماء لهم حتى لو لم يكن ذلك بصورة أخلاقية، وعلى النقيض يحاربون العلم والعلماء في فلسطين. فالآن فقط يمكن إدراك سبب صعوبة دفن جثث الشهداء في المقبرة الجماعية، فالاحتلال الإسرائيلي لم يدفن الشهداء، ولكنه في ظل القصف دفن الإنسانية. وفي ظل الحصار دفن الحرية. وفي ظل إجرامه الحربي دفن القوانين الدولية.
المصادر:
2- AFTONBLANDET
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :