Ad

إن تناول الأطعمة الحارة قد يثير مجموعة متنوعة من ردود الفعل، مثل الشعور بالنشوة، وتسارع دقات القلب، والشعور بالوخز في اللسان، وبعض الدموع. كما أن تناول أطعمة مليئة بالفلفل الحار قد تؤدي أيضًا، على نحو غير معتاد، إلى سيلان الأنف. فلماذا يحدث سيلان الأنف بالطعام الحار؟

ما الذي يجعل الطعام حارًا؟

عادةً ما يكون السبب وراء الشعور بالحرقان الناتج عن تناول الطعام الحار هو مادة كيميائية تسمى الكابسيسين (capsaicin). هذا المركب هو المكون النشط في الفلفل الحار، وهي ثمار تنتمي إلى جنس (Capsicum). يوجد هذا المركب بشكل أساسي في الغشاء الرقيق الذي يحمل البذور، على الرغم من أنه يمكن العثور عليه في جسم الفلفل الحار نفسه.

هناك بعض المواد الكيميائية الأخرى التي تثير استجابة مماثلة، مثل إيزوثيوسيانات الأليل (allyl isothiocyanate)، وهو مركب موجود في بعض الخضروات الصليبية حيث يعطي نكهة قوية للخردل والفجل والواسابي.

سيلان الأنف بالطعام الحار

هذه المواد الكيميائية تهيج الأغشية المخاطية في الجسم، والبطانة الداخلية لبعض الأعضاء وتجويفات الجسم، مثل المعدة والرئتين والفم والعينين والأنف. وتبدأ استجابة التهيج من خلال ارتباط المادة الكيميائية بمستقبلات معينة في الغشاء والتي يتم تحفيزها عن طريق الألم والحرارة. في حالة الكابسيسين، هذا هو مستقبل “TRPV1”.

ويتم تضليل الجسم والدماغ بأنهما تحت التهديد، لذلك فإنه يعطي تعليمات للأغشية بضخ المزيد من المخاط لطرد الجسم الغريب. على هذا النحو، نبدأ في إفراز اللعاب، وعيوننا تدمع، ويبدأ الأنف في التدفق بالمخاط.

حتى لو كنت لا تشتم طعامًا حارًا، فقد يتفاعل أنفك لأن الأعصاب الحسية في فمك وحلقك تشترك في المسارات مع تلك الموجودة في تجويف الأنف.

تاريخ موجز للمأكولات الحارة

الفلفل الحار، المصدر الرئيسي للكابسيسين، نشأ في أمريكا الوسطى والجنوبية منذ أكثر من 6000 سنة. استخدمها الإنكا في طبخهم، ومن هناك انتشرت إلى أجزاء أخرى من الأمريكتين. عندما وصل الغزاة الإسبان، أخذوا الفلفل الحار إلى أوروبا، حيث سرعان ما أصبح من الأكلات المرغوبة.

مع مرور الوقت، تم إدخال الفلفل الحار إلى آسيا وإفريقيا وأجزاء أخرى من العالم، ليتكيف مع الأذواق والمأكولات المحلية. واليوم، أصبحت الأطعمة الغنية بالفلفل الحار جزءًا لا يتجزأ من العديد من الثقافات، بدءًا من أطباق الكاري الحارة في الهند وحتى النكهات الجريئة للكيمتشي الكوري.

لماذا يحب الناس الأطعمة الحارة؟

عندما نتناول طعامًا حارًا، يرتبط الكابسيسين بمستقبلات “TRPV1″، مما يؤدي إلى استجابة يفسرها دماغنا على أنها ألم. يؤدي ذلك إلى تنشيط آلية الدفاع الطبيعية للجسم، وإطلاق طوفان من المواد الكيميائية لمكافحة التهديد المتصور. ومن بين هذه المواد الكيميائية يوجد الإندورفين، الذي يشار إليه غالبًا بهرمونات “الشعور بالسعادة”.

في جوهر الأمر، يتم خداع الدماغ ليعتقد أنه يتعرض للهجوم، فيستجيب بإطلاق مزيج من المواد الكيميائية المبهجة لموازنة الألم المتصور. إن اندفاع الإندورفين يخلق إحساسًا بالمتعة والاسترخاء، وهو ما يمكن أن يسبب الإدمان.

بالإضافة إلى ذلك، يشارك أيضًا نظام المكافأة في الدماغ، حيث يطلق الدوبامين، وهو ناقل عصبي مرتبط بالمتعة والتحفيز. وهذا يعزز سلوك البحث عن الطعام الحار، حيث يربطه الدماغ بتجربة ممتعة.

هذا التفاعل المعقد بين كيمياء الدماغ وعلم النفس هو ما يدفع بعض الناس إلى اشتهاء الطعام الحار بشكل متكرر، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى دورة من الإدمان.

إطلاق العنان لقوة الكابسيسين في الحياة الحقيقية

في المجال الطبي، أظهر الكابسيسين نتائج واعدة في علاج الألم المرتبط بالتهاب المفاصل، والألم العضلي الليفي، وحتى مرض السكري. الكريمات والمراهم الموضعية المحتوية على الكابسيسين يمكن أن توفر الراحة للمرضى الذين يعانون من الألم المستمر. علاوة على ذلك، تشير الأبحاث إلى أن الكابسيسين قد يكون له خصائص مضادة للالتهابات، مما يجعله لاعبًا محتملاً في مكافحة الأمراض المزمنة.

وبعيدًا عن المجال الطبي، وجد الكابسيسين طريقه أيضًا إلى عالم الدفاع عن النفس. حيث يعتمد رذاذ الفلفل، الذي يشيع استخدامه من قبل جهات إنفاذ القانون والأفراد على حد سواء، على الخصائص المهيجة القوية للكابسيسين لإعاقة المهاجمين. إن قدرة المادة الكيميائية على إحداث انزعاج شديد، دون التسبب في ضرر دائم، تجعلها خيارًا جذابًا لأولئك الذين يبحثون عن وسائل حماية غير مميتة.

لكن تأثير الكابسيسين لا يتوقف عند هذا الحد. وفي عالم الزراعة، يتم استكشاف المادة الكيميائية باعتبارها طاردًا طبيعيًا للآفات. ومن خلال دمج الكابسيسين في الأسمدة والمبيدات الحشرية، قد يتمكن المزارعون من تقليل اعتمادهم على المواد الكيميائية الاصطناعية، وتعزيز نهج أكثر استدامة في الزراعة.

المصدر

Why Does Spicy Food Make Your Nose Run? | iflscience

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


أحياء طب صحة

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 593
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *