غالبًا ما نتمنى نحن البشر عند لحظات الألم الجسدي أو النفسي الشديدين لو أن لدينا القدرة على فقدان الشعور! هل تخيلت الفكرة؟ حياة كاملة بلا أي شعور بالألم أو الحزن، هل ستكون حياتنا أفضل بلا شعور؟ ولماذا توجد المشاعر عند الإنسان؟
أغلب البشر لا يستطيعون العيش بدون مشاعر، حيث أن وجود المشاعر ضروري جدًا لأنها تنقذنا من الوقوع في ظروف خطيرة أو مؤلمة. لذلك فإن العواطف جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، فهي تساعد على تنظيم الجسم وتحافظ على بقائنا أحياء، كما أنها ضرورية للمواقف الاجتماعية. لا سيما أن البشر لا يستطيعون العيش بمفردهم مدى الحياة.
لماذا وجدت المشاعر؟ وكيف يترجم دماغنا تركيبة المشاعر الغريبة؟
محتويات المقال :
كيف تنقذنا المشاعر من الأمراض الجسدية؟
هل تساءلت يومًا عن تفسير شعورك بالألم الشديد في أحد أعضاء جسمك؟ إنها أحد أهم وظائف المشاعر. عندما تشعر بألم في معدتك يرسل الجسم إشارات إلى الدماغ ويحثه على اتخاذ ردة فعل تجاه هذا الألم. وهذا ما يسمى الفحص التلقائي لحالة الجسم الداخلية حيث أن ردة الفعل تحقق استجابة جيدة للجسم.
هناك خيار آخر، إذا واجهت نفس الحالة الصعبة ولم تحدث عملية الفحص التلقائي، بالتالي فإن دماغك لم يستجب لإشارات الجسم، قد يؤدي هذا إلى مضاعفات خطيرة، ومنها موت الجسم، إذًا هذا هو الغرض الأساسي الجسدي والتنظيمي للنظام العاطفي.
كما أن الإدراك يجعل الدماغ يفعل شيئين مختلفين أحدهما هو تعيين المعلومات، والآخر هو تلقي معلومات متعددة من عدة مدخلات حسية من أجسامنا وأيضًا من المساهمات الخارجية.
في الوقت نفسه، تحتاج إلى تحديد كل هذه المعلومات ومعالجتها وتسجيلها في الدماغ. وفي حال حدوث هذه الحالة في المستقبل؛ يتفاعل معها الجسم بشكل أسرع، كما أن الدماغ يحاول فهم ما حدث ويحاول ملأ الفجوة طوال الوقت. [1]
ما هي قيمة ودور العواطف؟
إن دور العواطف أساسي جدًا، خصوصًا فيما يتعلق بعملية استدلال المخ على مواضع الألم. كتب طبيب الأعصاب أنطونيو داماسيو في عام 1994 كتابًا مثيرًا للاهتمام للغاية يسمى «خطأ ديكارت-the Descartes’ Error» الذي قدم فيه فرضية «العلامات الجسدية – Somatic marker hypothesis».
الأمر بسيط للغاية، يحاول الدماغ طوال الوقت تصنيف المعلومات التي يتلقاها على أنها تصنيف إيجابي أو سلبي أو نوع آخر من الفئات. كما يتم تسجيله في ذاكرة الدماغ من أجل الاستجابة بسرعة لموقف مثل هذا في المستقبل. لذلك يمكن للجسم أن يتذكر التجارب الجيدة والسيئة في الوقت نفسه. أتاحت البنية العاطفية ملء الفراغ لتركيز الانتباه أو لإجراء تقييم أو إعادة توليد للموقف. حتى أن التوقعات النفسية يمكن أن تولد تقييمًا لتأثيرات معينة، أو حتى إدارة أهداف الجسم.
كيف يختلف تأثير المشاعر على الأشخاص باختلاف الأعمار؟
فحص الباحثون آثار العمر وطريقة الاستجابة والعاطفة المحددة على معرفة السعادة والحزن والغضب والخوف لدى 45 طفلاً في سن ما قبل دخول المدرسة تتراوح أعمارهم بين 26-54 شهرًا. تم وضع مقياس يتضمن الدمى لجذب انتباه الأشخاص، ولتضمين التقييم في التفاعل الاجتماعي المستمر.
أشارت النتائج باستخدام هذا المقياس إلى أن:
- الأشخاص الأكبر سنًا قاموا بتسمية التعبيرات العاطفية والتعرف عليها بشكل أفضل من الأشخاص الأصغر سنًا.
- القدرة على التعرف على التعبيرات العاطفية كانت أكبر من القدرة على تسميتها، وخاصة تعبير الخوف.
- كانت القدرة على التعرف على المشاعر السعيدة أكبر من القدرة على التعرف على المشاعر السلبية (أي الحزن والغضب والخوف)، في حين أن تسمية التعبير السعيد تفوق المشاعر الخاصة بتعبيرات الغضب أو الخوف.
- تجاوزت القدرة على التعرف على التعبيرات الحزينة وتسميتها قدرات التعرف على تعبيرات الغضب أو الخوف
- كان من الأسهل تفسير المواقف السعيدة والحزينة، كما ارتكب بعض الأشخاص أخطاء معينة لمشاعر معينة. [2]
كيف ساعدت المشاعر البشر على البقاء؟
ساعدت المشاعر أسلافنا من البشر الأوائل على النجاة بأنفسهم في الغابة، حيث أنهم كانوا بحاجة المشاعر لاتخاذ رد الفعل الصحيح ضد المخاطر التي واجهتهم حينها.
كما أن العواطف تساعدنا على اتخاذ القرارات والتخطيط للمستقبل. تناول كتاب “خطأ ديكارت” قصة مريض تمت إزالة الجزء التالف من الفص الأمامي لدماغه. حيث لاحظ الطبيب ضعف في قدراته الاجتماعية، على الرغم من أن قدرته على الحساب والفهم كانت جيدة، بل يمكن القول أنها ممتازة.
إلا أن الطبيب لاحظ في الوقت الذي قضاه مع المريض أنه لا يظهر أي نوع من العواطف، كما أقرّ المريض أن جميع الأشياء التي كانت تثير عاطفته توقفت عن فعل ذلك بعد إجراء العمل الجراحي، مما أضعف قدرته على اتخاذ القرار.
بدون المشاعر لن نكون قادرين إلى التوصل لحلول أو قرارات نهائية. ربما يكون البكاء نهاية لموجة حزن كبيرة، والغضب بداية إزاحة حمل عن كاهلك. كما أن كل أهدافنا التي نريد تحقيقها بحاجة لدافع أو قيمة مرتبطة بها، وبدون المشاعر ستضيع هذه القيمة.
لذلك علينا الاهتمام بفهم مشاعرنا، لأنها تعكس قيمنا الداخلية، واحتياجاتنا الفردية. كما أننا بفهم عواطفنا بإمكاننا تغيير سلوكنا وتوجيهه نحو الأفضل.
المصادر:
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :