Ad

دور فاراداي في قصة أعظم معادلات في التاريخ

لقد سعى الإنسان على مر العصور لمحاولة فهم الكون والظواهر الطبيعية التي تحدث من حوله، وكان علم الفيزياء وعلم الرياضيات بمعادلاتهما المبهرة هما نتاج بحث الإنسان المستمر. وعلى الرغم من كثرة المعادلات التي استنتجها العلماء في هذين المجالين، فقد شكل بعضها نقطة تحول في تاريخ الفيزياء الحافل. تعرف معنا في هذا المقال على دور مايكل فاراداي في قصة أعظم معادلات في التاريخ. والتي استطاعت تغيير نظرة العلماء للكثير من الأحداث والظواهر في الكون.

فاراداي واكتشاف ظاهرة الحث المغناطيسي

“لا أزال أذكر بوضوح تام نهار ذلك اليوم البديع الذي رأيتُ فيه معادلات ماكسويل لأول مرة. لقد هالني ما كانت تشرحه تلك المعادلات وحجم المعرفة الهائل الذي تكتنزه. ثم أدركتُ ما قال به الفلاسفة والعلماء طويلًا عن سحر الرياضيات ورشاقتها وبراعتها في الإفصاح عن مكنونات الفيزياء. فقد كان ذلك اليوم وذلك اللقاء منعطفًا جذريًا في حياتي العلمية والمهنية. لقد اهتزّ كياني بأكمله لقوة وأناقة أربع معادلات في أربعة أسطر من رموز بسيطة، والتي استنبطتْ بل فجّرتْ كل ما في داخلي من حب للرياضيات وولع بالفيزياء”.

عالم الفيزياء “توني واتكنز”

كان هذا وصف عالم الفيزياء الشهير “توني واتكنز” لمعادلات جيمس كلارك ماكسويل الشهيرة، وقد صاغه وألقاه أثناء استفتاء اُجري عام 2004م قد سئل فيه علماء الفيزياء حول العالم عن مرشحهم الأمثل لمنصب أعظم المعادلات في التاريخ. والذي قد فازت به معادلات ماكسويل بجدارة.

ولد عالم الفيزياء الشهير “جيمس كلارك ماكسويل” في شهر حزيران\ يونيو عام 1831م. وبالرغم من وفاته صغيرًا في سن 48، إلا أنه قد ترك بصمته الخاصة في تاريخ الفيزياء. وقد أشاد بنظرياته الكثير من العلماء المشهورين مثل أينشتاين حيث قال

إن تاريخ الفيزياء على رحباته لم يعرف إلا أربع أساطير: جاليليو ونيوتن وفاراداي وماكسويل”

أينشتاين

أما ريتشارد فاينمان فلم يبالغ حين عدًَ معادلات ماكسويل أسمى حدث في تاريخ البشرية منذ عشرة آلاف سنة!

وكان جيمس ماكسويل صاحب قصة أعظم معادلات في التاريخ يعتمد في دراساته على ما كان قد توصل إليه العالم الشهير “مايكل فاراداي”. وبذلك كان أينشتاين محقًا حين ذكر كلا العالمين على أنهما من أساطير علم الفيزياء. فلولا فاراداي، ما كان ماكسويل قد توصل إلى معادلاته الشهيرة. لذلك يجب علينا أولًا معرفة ما توصل إليه فاراداي حتى نستشف عظمة معادلات ماكسويل.

كيف وصل فاراداي لاكتشافاته المذهلة؟

بدأت مسيرة فاراداي قبل سنوات، لكن كان العام 1831م عامًا حافلًا بالإنجازات. حيث انطلق “تشارلز داروين” في رحلته الشهيرة على متن السفينة بيجل. وافتتح جسر لندن الشهير. بعد ذلك بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في استخدام الحافلات العامة التي تجرها الخيول. وهو العام ذاته الذي ولد فيه عالمنا الشهير ماكسويل. وفي العام ذاته اكتشف مايكل فاراداي ظاهرة الحث المغناطيسي. إذ لاحظ فاراداي أنه يمكن توليد تيار كهربائي في ملف سلكي عن طريق تحريك مغناطيس داخل الملف، وكان ذلك بداية اكتشافاته العظيمة.

قبل ذلك، كان فاراداي يعيش في فقر مدقع منعه من إكمال تعليمه. وأجبره على العمل في أسوأ المهن للحصول على لقمة العيش. ولكنه استطاع استغلال عمله في طباعة وتجليد الكتب، وبدأ تعلم القراءة شيئًا فشيًا. بذلك أصبحت الكتب هي رفيقه الدائم خاصة كتاب “تطوير المهارات الذهنية” الذي ألفه آيزاك واط.

وفي غضون وقت قصير، استطاع فاراداي من خلال هذا الكتاب أن يتعلم كيف يشحذ قوته ويطور ذاته ويضيء ذهنه. وذلك من خلال ثلاثة توصيات وجدها في الكتاب، مكنته من تنمية ذكائه وشحذ مهاراته.

نصت هذه التوصيات على ما يلي:

  1. حضور المحاضرات العلمية والثقافية.
  2. أخذ الملاحظات عن كل ما تسمع وترى وتسجيلها بدقة.
  3. تفاعل بشكل مستمر مع كل من له ميول واهتمامات تشبه اهتماماتك وميولك.        

كانت بداية فاراداي المعرفية عندما وقعت بين يديه نسخة من الموسوعة البريطانية طلب منه تجليدها. ووقع في سحر 127 صفحة تشرح شيئًا جديدًا أذهله وهو “الكهرباء”. بعد ذلك بدأ في دراستها بشكل جاد، وطبّق بعض التجارب التي وردت في تلك الصفحات. واستطاع بناء آلة يدوية لإنتاج شرارات كهربائية، وشعر أنه قد وجد طريقه.

اكتشافات هامة في علم الفيزياء

قبل ظهور فاراداي في عالم الفيزياء، كان العالم الدنماركي “هانز أورستد” قد اكتشف أن التيار الكهربائي المار في سلك يؤثر على إبرة البوصلة المغناطيسية الموضوعة بجانبه. واستنتج هانز أن هناك قوة تشبه القوة المغناطيسية في خصائصها تولدت مع مرور التيار الكهربي في السلك.

ما هو دور مايكل فاراداي في قصة أعظم معادلات في التاريخ؟
مقارنة بين اتجاه حركة إبرة البوصلة في الشكل a عند عدم موور تيار كهربائي في السلك، ثم عند مروره في الشكل b

كما اكتشف العالم “أندريه ماري أمبير” قبل اكتشاف أورستد أن التيار المار في سلك حلزوني يستطيع جذب برادة الحديد. واكتشف العالم “شارل كولوم” أن هناك تشابهًا في صفات كل من القوة المغناطيسية والكهربائية. حيث أن شدة كلا القوتين تتناسب تناسبًا عكسيًا مع مربع المسافة الفاصلة بينها وبين آلة القياس. (فمثلًا إذا زادت المسافة الفاصلة بين مغناطيس ومسمار حديد ثلاث مرات. فإن قوة جذب المغناطيس للمسمار تقل بتسع مرات). 

انجذاب برادة الحديد لسلك يمر به تيار كهربي

وكانت البداية قبلهم جميعًا مع العالم الألماني “أوتو فون جيريك” حين لاحظ أن لكلا القوتين قطبية معلومة تتمتع بها. مثل ظاهرتي التجاذب والتنافر (الموجب والسالب في الكهرباء، الشمالي والجنوبي في المغانط).

وبجمع هذه الحقائق معًا وإجراء بعض التجارب مع التمتع ببصيرة نافذة. توصل فاراداي إلى فرضية توضح وجوب كون القوتين الكهربائية والمغناطيسية قوتين متبادلتين. حيث استطاع التأكيد على اكتشاف أمبير لحقيقة تصرف الكهرباء كمغناطيس، أي قدرتها على توليد مجال مغناطيسي. وفكر في إمكانية استخدام المغانط لتوليد الكهرباء. وقد صاغ فرضيته في بضع جمل بسيطة ليستطيع الناس البسطاء أمثاله -كما قال- فهمها وهي:

  • تتولد القوة المغناطيسية كلما تغير التيار الكهربي.
  • تزداد كمية الكهرباء المتولدة كلما زادت سرعة تغير القوة المغناطيسية.

وخرج على الملأ معلنًا نتائجه باستخدام قرص نحاسي ينتج تيارًا كهربائًا عندما يدور بين قطبي مغناطيس دائم. وكانت هذه الاكتشافات هي الدور الذي لعبه فاراداي في قصة أعظم معادلات في التاريخ.

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فيزياء

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 4
الملف الشخصي للكاتب :

شارك في الإعداد :
تدقيق لغوي : Aya Gamal

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق