كيف قام الأخوان رايت بأول عملية طيران ناجحة في التاريخ؟
عندما تم سجن «ديدالوس-Daedalus» مع ابنه «Icarus-إيكاروس» في القلعة لإخفاء سر المتاهة الخاصة به، قام ديدالوس بصنع أجنحة من الريش والشمع ليتمكنا من الهرب، وقبيل الانطلاق، حذر الأب ابنه ألا يحلق عاليًا بها كي لاتذيب الشمس أجنحته فيسقط، ولكن بعدما انطلق رأى الحرية ونسي نصيحة والده وحلق عاليًا، فذابت أجنحته ووقع في البحر.
بالتفكير مليًا في هذه الأسطورة اليونانية، نجد أن اليونان جعلوا ديدالوس وابنه يهربان عن طريق بناء أجنحة، نعم، لقد كان الطيران أعجوبة عند القدماء وقوة خارقة بالنسبة لهم استخدموها في الأساطير، ذلك أن أعظم العقول في تلك الفترة أقرت بأن الأمر مستحيل فيزيائيا، إلى أن قام «الأخوان رايت-Wright brothers» ببناء أول نموذج ناجح لطائرة وتمكنا من إقلاعها باستخدام قوى آيروديناميكية.
محتويات المقال :
ولكن، ماهي القوى الآيروديناميكية؟
تنحدر هذه الكلمة من أصل يوناني وتتألف من شقين، الأول «هو ἀήρ-ايرو» بمعنى هواء والثاني هو «δυναμική-دايناميك» بمعنى قوة وتهتم بشكل عام بدراسة حركة الهواء واحتكاكه مع المواد الصلبة، ويعد هذا العلم أحد فروع ميكانيك الموائع.
ولكن كيف تمكن الأخوان رايت من القيام بذلك؟ كيف استطاعا تسخير تلك القوة لصالحهما؟
اعتمد الأخوان رايت على فكرة أساسية وهي قانون نيوتن الأول، بحسب نيوتن، يظل الجسم الساكن ساكنا، والجسم المتحرك متحركا ما لم تؤثر عليه قوة خارجية، أي أنه لكي تحلق الطائرة في الهواء، يجب ان تتغلب هذه القوة الآيروديناميكية على وزن الطائرة الذي يقوم بسحبها للأسفل باتجاه مركز الأرض.
بشكل عام، تؤثر على الطائرة أثناء الحركة أربع قوى أساسية:
قوة الدفع الأمامي – Thrust:
تمثل قوة الدفع الخاصة بالمحركات، تكون جهة هذه القوة باتجاه حركة الجسم “غالبًا” وتوجد بشكل أساسي للتغلب على قوة الدفع الخلفي أو المقاومة.
قوة السحب الخلفي- Drag:
تنشأ هذه القوة بسبب مجموعة عوامل منها سرعة الطائرة، كثافة الهواء، شكل الجسم والزاوية التي يصنعها مع اتجاه الحركة، يتم التغلب على هذه القوة باستخدام قوة الدفع الأمامي.
وزن الطائرة – Weight:
يتناسب طردا مع كتلة الجسم، أي أنه كلما ازدادت الكتلة الخاصة بالجسم، ازدادت قوة الرفع المطلوبة للتغلب على الوزن.
قوة الرفع – Lift:
وهي محور دراستنا هذه، هناك العديد من التفسيرات لهذه القوة، منها ماهو صحيح ومنها ماهو مغلوط سنبدأ بمعلومات عامة عن هذه القوة.
تنشأ هذه القوة بسبب حركة الطائرة في الهواء وتتولد عند مراكز الضغط في الأجنحة التي تأخذ شكل ال «airfoil» “كما في الشكل الموضح بلأسفل” ذلك أنه عند حركة الجسم في الهواء، تستطيع جزيئات الهواء الانتقال بسهولة حول الجسم لضعف الارتباط بينها على عكس الأجسام الصلبة.
وبما أن الجزيئات تتحرك فهناك سرعة خاصة بهذه الجزيئات تختلف بين بعضها البعض وتؤثر بها على الجسم بقيم مختلفة، انطلاقا من هذه المعلومات، توجد فرضيتين لتفسير قوة الرفع.
تفسير الظاهرة حسب برنولي:
تتعلق فرضية برنولي بضغط الهواء على الجسم، حيث قام برنولي بربط سرعة الهواء بالضغط الخاص به، أي أنه عندما تتغير السرعة الخاصة بالهواء، تتغير قيمة الضغط عنده والعكس صحيح بالتالي عندما تتغير سرعة الهواء المحيطة بالجسم، تتغير قيم الضغط المحيطه به وبتجميع قيم الضغط التي تؤثر على الجسم ينتج لدينا قوة تكون المركبة العمودية فيها على اتجاه الحركة هي قوة الرفع، أما المركبة الأفقية فهي مضافة الى قوة السحب المقاوم للحركة.
حسب نيوتن
تقوم فرضية نيوتن على جمع قيم السرعة لجزيئات الهواء المحيطة التي تؤثر على الجسم، ينتج عن ذلك محصلة اتجاه حركة جزيئات الغاز الكلي، وبحسب قانون نيوتن الثالث، ينتج لدينا رد فعل يعاكس حركة الجزيئات، تكون المركبة العمودية على اتجاه الحركة في رد الفعل هي قوة الرفع أما المركبة الأفقية فتمثل قوة السحب المقاوم للحركة.
اذًا، ما هو التفسير الصحيح؟
كل من فرضية نيوتن وفرضية برنولي صحيحتان، ولكن اعتمد نيوتن على مبدأ انحفاظ كمية الحركة، بينما اعتمد برنولي على مبدأ انحفاظ الضغط. ويجب التنويه هنا الى أن فرضية نيوتن أو فرضية برنولي تشير الى المجتمعات التي تدعم هذه الفكرة وليس الأشخاص بحد ذاتهم، ذلك أن زمن برنولي ونيوتن سبق عصر الطيران بكثير.
بالخلاصة، لا يوجد إجماع كلي بين الفيزيائيين على الأسباب التي تؤدي لخلق قوة الرفع، حيث أنه على الرغم من استطاعتنا تصميم طائرات متكاملة واستمثالها للعمليات التجارية أو العسكرية، وقياس هذه القوى ضمن أنفاق هوائية بدقة عالية، إلا أنه لايوجد تفسير موحد كامل ودقيق لسبب نشوء هذه القوة
المصادر:
اقرأ أيضا من الأكاديمية:
الطباعة ثلاثية الأبعاد، نماءٌ وازدهار أم خراب ودمار؟
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :