أحياء

كيف تساعدك البكتيريا في علاج الجيوب الأنفية ؟

اكتشف فريق بحثي بلجيكي نوعًا غير متوقعًا من البكتيريا يعيش في الأنف ويحميها من الأمراض المختلفة، ونشروا دراستهم في مجلة الخلية «Cell Press» في نهاية شهر مايو، فهل تساعدك البكتيريا في علاج الجيوب الأنفية ؟

نشارك أجسادنا مع كائنات دقيقة لا نراها تسمى البكتيريا، ولمَّا تشاركنا الجسم ووفرنا لهم المسكن ساعدونا في الحفاظ على هذا الجسد: فتقطِّع هذه الكائنات وتبَسِّط جزئيات الطعام في بطوننا لنتمكن من هضمها، وتحمي جلودنا ولساننا من البكتيريا الغريبة الضارة،  فماذا عن أنوفنا؟

لإجابة هذا السؤال، سحبت الباحثة سارة ليبيير «Sarah Lebeer» وفريقها عينة من أنوف سليمة من مائة شخص وعينات أخرى من مئات الأنوف المصابة بالجيوب الأنفية والأمراض المزمنة، ولكن ذلك لم يكن فقط لإزعاج المشاركين بالتجربة وإقلاق أنوفهم، بل لدراسة أنواع البكتيريا التي تسكن أنوفنا.

استوقف سارة وفريقها نوعٌ واحدٌ تحديدًا من البكتيريا: اللاكتوباسيلس «Lactobacillus»، والتي ملأت الأنوف السليمة عشرة أضعاف الأنوف التَعِبة، فإن كان هذا النوع من اللاكتوباسيلس لا يحب الهواء ويعيش في الأوساط الفارغة من الأكسجين، كيف لها أن تعيش في الأنف التي تستنشق الهواء والأكسجين إلى الرئتين ثم تزفره؟

تعتقد سارة وفريقها أن هذا النوع اللاكتوباسيلس تأقلم على حياة الأنف والرياح المارة فيها، فهذه البكتيريا تحمل على سطحها شعيرات وأيادي صغيرة «Fimbriae» تساعدها على التمسك بجدار الأنف، وتبني بيتًا لها من الخلايا الأنفية مانعة وصادة للميكروبات الضارة الأخرى، بل وتحمل جينات تساعدها على تحمل نسبة الأكسجين العالية في هواء الأنف.

Related Post

حين عمرت هذه البكتيريا أنوف الأصحَّاء، منعت الميكروبات والبكتيريا الأخرى أن تحتل الأنف وجيوبها الأنفية، فهل تساعدك هذه البكتيريا في علاج الجيوب الأنفية ؟

يسكن في أمعائنا نوع آخر من اللاكتوباسيلس وتعد من المعززات والمعينات الحيوية «Probiotics» ، فتحمينا من الأمراض المختلفة مثل الإسهال،  ولكن نحتاج للمزيد من الدراسات للتأكد من فعاليتها في الأنف، فإن صحَّت، ستشكل علاجًا أفضل للجيوب الأنفية وبديلًا قويًا للمضادات الحيوية التي تخسر معاركها أمام البكتيريا يومًا بعد يوم . (في الحقيقة يشكل اليوم التعاطي المستمر للمضادات الحيوية والنقصان المستمر في قدرتها العلاجية أزمة عالمية.)

يحذرنا الباحثون من تعليق جميع آمالانا على هذا الفصيل من اللاكتوبايسلس، فهي لا تكفي وحدها للحفاظ على أنفنا وحمايتها من الجيوب الأنفية وسائر الأمراض، سيتطلب ذلك المزيد من الدراسات والتجارب كسائر الاكتشافات العلمية، لعل الصعوبة تكمن في اختلاف أنوفنا وكائناتها عن أنوف حيوانات التجارب.

المصادر :
Science Magazine
Cell Press
Applied and Environmental Microbiology

Author: Abdelrahman Abdelkhalek

أحب علوم الأعصاب والرياضيات، أدرس الطب وأحب الكتابة.

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Abdelrahman Abdelkhalek

أحب علوم الأعصاب والرياضيات، أدرس الطب وأحب الكتابة.

Share
Published by
Abdelrahman Abdelkhalek

Recent Posts

إنجاز عربي عالمي: الأردني-الأمريكي عمر ياغي يفوز بنوبل الكيمياء 2025

عمر ياغي ونوبل الكيمياء.. من تحديات شُحّ المياه إلى ثورة الأطر المعدنية العضوية (MOFs) الحلم…

يوم واحد ago

ثورة في عالم الاتصالات الكمومية: كيف تمكن عالم مصري من “ترويض” مبدأ عدم اليقين وتصويره في الزمن الحقيقي؟

ضوء كمومي مضغوط فائق السرعة: اختراق علمي يفتح آفاقاً جديدة للاتصالات المشفرة بسرعات "البيتاهرتز" على…

يومين ago

نفق كمومي في يدك: نوبل الفيزياء 2025 تفتح آفاق الحوسبة الكمومية

مُنحت جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2025 (Nobel Prize in Physics 2025) لثلاثة من أبرز…

يومين ago

مملكة دلمون: حضارة البحرين القديمة ومحطة التجارة الكبرى في الشرق الأدنى

تُعد مملكة دلمون واحدة من أقدم الممالك الحضارية في تاريخ الشرق الأدنى القديم، والتي ازدهرت…

3 أيام ago

جائزة نوبل 2025 في الطب تكرم رواد “التسامح المناعي المحيطي”

الفرامل الخفية لـ "جيش المناعة": اكتشاف الخلايا التائية التنظيمية يفتح آفاق علاج أمراض المناعة الذاتية…

3 أيام ago

“الساقية” الذكية: كيف تحولت عجلة الري المصرية القديمة إلى مصنع للطاقة النظيفة؟

السواقي المنسية: مصر تُحيي تراث الألفي عام لتوليد الكهرباء النظيفة.. طاقة المستقبل بين جنبات الماضي…

أسبوعين ago