طب

كيف أسقط “طاعون أثينا” العصر الذهبي اليوناني ؟

كيف أسقط “طاعون أثينا” العصر الذهبي اليوناني ؟

لايوجد ماهو أسوأ من وباء قاتل، إلا وباء قاتل حل في خضم أزمة عصيبة، حيث تكون أوضاع المنطقة مهترئة على جميع الأصعدة.

هذا ما حدث في أثينا عام 430 ق.م، كانت الحرب البيلوبونسية آنذاك في عامها الثاني، مما أودى بحياة حوالي 100000 شخص وأزال القناع عن التصدعات التي تتخلل الحياة والسياسة الآثينية ، لقد كانت كارثة ذات أبعاد ملحمية لم تغير فقط الحرب البيلوبونسية، ولكن التاريخ اليوناني بأكمله.

أعراض الطاعون

توقف المؤرخ تيوسيديديس عن سرد أحداث الحرب وسعى في تقديم وصف دقيق لأعراض الطاعون بالرغم من أنه لم يكن طبيبا، قد وصف حالة الذين بدت عليهم أعراض مشابهة لأعراضه لأنه اصيب أيضا به.

المؤرح تيوسيديدس

ووصف تيوسيديديس كذلك المرضى الذين يعانون من حمى شديدة لدرجة عدم احتمال الرقيق من اللباس، إضافة إلى الظمأ الشديد المتواصل، كما واجه العديد من المصابين أرقا وقلقا مستمرا، وقد توفي العديد من المصابين بعد 7-9 أيام من ظهور الأعراض يتمكن بعض المرضى الذي يمكن اعتبارهم “محظوظين” من تجاوز الفترة الأولى من الإصابة، ولاحظ تيوسيديدس” أن المرض يعاني من “تقرح عنيف” و”إسهال شديد” مما يودي بحياته، أما من تمكنوا من النجاة فقد أصيبوا بتشوهات على مستوى أعضائهم التناسلية وأصابع أقدامهم والتلمى وفقدان الذاكرة، وفي بعض الحالات تقوم الطيور التي اعتادت على تناول لحوم البشر بإماتة نفسها بسبب أكلها اللحم المصاب والمتعفن.

ما هي طبيعة المرض؟

منذ ما يقارب ال2500 عام حاول المؤرخون والأطباء تحديد طبيعة المرض الذي إجتاح أثينا، لم يحدد توسيديدس المرض بدقة لأنه لم يكن طبيبا، بل إكتفى بوصف أعراض المرض وردود فعل الناس ونتائج مسار المرض لقد إجتهد الأطباء بتشخيص المرض والعلاج لكنهم فشلوا إضافة إلى إصابات كبيرة من طرفهم جراء الإحتكاك المباشر بالمرضى.

تم اقتراح العديد من مسببات الطاعون من قبل العلماء المعاصرين بما في ذلك الجدري الطاعون الدبلي التفويد والحصبة والطاعون والجمرة الخبيثة والحمى القرمزية وانفلونزا الطيور، وحتى فيروس الإيبوالا، تم تبرءة كل هذه الأمراض من التسبب بالوباء إما أنها لاتتناسب تماما مع الوصف التاريخي أو أنها ظهرت حديثا كالإيبولا.

Related Post

نتائجه

تشير التقديرات إلى أن واحد من ثلاثة من سكان آثينا قد أصابه المرض، فقد أدى إلى فقدان جلي وكبير في الموارد البشرية وقسم كبير من قادة المدينة، إلى جانب إنخفاض كبير في معنويات المدنيين الناجين، مما أدى إلى هزيمة واستسلام بعد نهاية الحرب، ولم تستعد أثينا في المستقبل قوتها ومجدها السابقين.

بدأ الناس في إنفاق المال بتهور لإعتقادهم أنهم لن يعيشوا طويلا، بينما أصبح بعض الفقراء أثرياء فجأة بفضل ما ورثوه من أقاربهم، إضافة إلى الفساد الأخلاقي الذي انتشر لإعتقاد الناس أن حياة قصيرة ومحدودة لاتجبرهم على التصرف بشرف والحفاظ على سمعتهم وكان الإنتشار المطلق للمرض سببا في إمتناع بعض الناس الإهتمام بالمرضى الآخرين خوفا من العدوى فقد مات الكثير منهم وحيدون، كما تم العثور على مقبرة جماعية عشوائية خلال 1994-1995 تحتوى على رفات 240 شخصا كما تسبب الطاعون بزعزعة العقيدة وزيادة الشك الديني وبعد أن أصيب الناس دون إعتبار لمدى إيمانهم، شعروا أن الإلهة قد تخلت عنهم، وتم التخلي عن فكرة الخير لأن الناس شعروا أنها لم تعد مهمة، ففي النهاية سيموتون، كان هناك إنهيار في القانون والنظام والديمقراطية، وفي النهاية خسرت أثينا الحرب.

المقبرة التي عثر فيها على رفات الضحايا

يمكنك أيضًا قراءة الطاعون الذي أسقط الإمبراطورية البيزنطية

المصادر

targethealth
atheninsider
theatlantic
greece

Author: Ouissem Djeddi

.

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Ouissem Djeddi

.

View Comments

Share
Published by
Ouissem Djeddi

Recent Posts

إنجاز عربي عالمي: الأردني-الأمريكي عمر ياغي يفوز بنوبل الكيمياء 2025

عمر ياغي ونوبل الكيمياء.. من تحديات شُحّ المياه إلى ثورة الأطر المعدنية العضوية (MOFs) الحلم…

6 أيام ago

ثورة في عالم الاتصالات الكمومية: كيف تمكن عالم مصري من “ترويض” مبدأ عدم اليقين وتصويره في الزمن الحقيقي؟

ضوء كمومي مضغوط فائق السرعة: اختراق علمي يفتح آفاقاً جديدة للاتصالات المشفرة بسرعات "البيتاهرتز" على…

7 أيام ago

نفق كمومي في يدك: نوبل الفيزياء 2025 تفتح آفاق الحوسبة الكمومية

مُنحت جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2025 (Nobel Prize in Physics 2025) لثلاثة من أبرز…

أسبوع واحد ago

مملكة دلمون: حضارة البحرين القديمة ومحطة التجارة الكبرى في الشرق الأدنى

تُعد مملكة دلمون واحدة من أقدم الممالك الحضارية في تاريخ الشرق الأدنى القديم، والتي ازدهرت…

أسبوع واحد ago

جائزة نوبل 2025 في الطب تكرم رواد “التسامح المناعي المحيطي”

الفرامل الخفية لـ "جيش المناعة": اكتشاف الخلايا التائية التنظيمية يفتح آفاق علاج أمراض المناعة الذاتية…

أسبوع واحد ago

“الساقية” الذكية: كيف تحولت عجلة الري المصرية القديمة إلى مصنع للطاقة النظيفة؟

السواقي المنسية: مصر تُحيي تراث الألفي عام لتوليد الكهرباء النظيفة.. طاقة المستقبل بين جنبات الماضي…

أسبوعين ago