الكرياتين هو أحد أكثر المواد التي تمت دراستها على نطاق واسع في العالم لتعزيز الأداء. في السابق، كان يُنظر إليه على أنه مجرد مكمل لبناء العضلات، لكن شعبيته العامة نمت جنبًا إلى جنب مع اهتمام العلماء به.
يرتبط هذا المكمل الغذائي بشكل عام بتحسين القوة وكتلة العضلات، لكن الأدلة تشير إلى أنه يلعب دورًا فعليًا في كل شيء بدءًا من النمو عند الأطفال والمراهقين وحتى صحة الدماغ. وبعد 20 إلى 30 عامًا من البحث في الأداء البدني، لاحظ العلماء الكثير من الفوائد الصحية. إنه عنصر غذائي رائع، يساعد خلايانا بطرق متنوعة، وليس فقط لتحسين أداء التمارين الرياضية.
محتويات المقال :
ما هو الكرياتين؟
إنه مركب ينتج بشكل طبيعي في أجسامنا وأجسام الفقاريات الأخرى. حيث يوجد بشكل أساسي في العضلات، كما يظهر أيضًا في المخ والدم والخصيتين والأنسجة والأعضاء الأخرى.
يقوم جسم الإنسان بتخليق الكرياتين، حيث يتم إنتاج ما بين 1 إلى 2 جرام منه يوميًا بواسطة الكبد والكلى والبنكرياس والدماغ. ويحصل الأشخاص الذين يتناولون منتجات حيوانية غنية بالبروتين على نفس الكمية تقريبًا من نظامهم الغذائي.
وفي كل مرة تستهلك فيها البروتين، تتكون هذه البروتينات من الأحماض الأمينية، وإذا جمعت ثلاثة أحماض أمينية معينة معًا، فإنها تشكل هذا الجزيء المسمى الكرياتين.
ماذا يفعل الكرياتين في الجسم؟
إن الكرياتينين يلعب دورًا حاسمًا في الطريقة المعقدة التي ينتج بها جسمنا الطاقة على المستوى الخلوي. حيث يتم تحويله وتخزينه في جزيء يسمى فوسفوكرياتين، والذي يمكن بعد ذلك تحويله إلى طاقة بسرعة.
ومثل الكربوهيدرات، يُستخدم الكرياتين لإنتاج ثلاثي فوسفات الأدينوزين (ATP)، الذي يخزن الطاقة ويزود بها خلايانا. ويبدو أيضًا أنه يحمي بنية ووظيفة الميتوكوندريا، وهي محطات الطاقة داخل الخلايا.
إن الكرياتين مفيد بشكل خاص عندما تكون تحت ضغط أو إذا كانت أنسجتك تفتقر إلى الأكسجين، وهو ما قد يحدث بسبب حالات مثل الربو أو فقر الدم. باختصار، أنت تحتاجه في أي موقف قد تحتاج فيه إلى المزيد من الطاقة.
كيف يؤثر على الأداء البدني؟
لقد أصبح الكرياتين متاحًا كمكمل رياضي منذ أوائل التسعينيات، ويُنسب إليه منذ فترة طويلة مساعدة الرياضيين على زيادة قوتهم وسرعتهم.
هناك آلاف الدراسات التي تدعم هذا الرأي. إن الرياضي الذي لديه مخزون أعلى من الكرياتين سوف يركض بسرعة أكبر، ويتعافى بشكل أسرع، ويقوم بمزيد من العمل الإجمالي، وهو ما يعني تحسناً في الأداء والتكيف مع التدريب بنسبة تتراوح بين 10 إلى 15 في المائة. وهذا ليس بالأمر البسيط على الإطلاق.
كما يؤدي تناول مكملات الكرياتين إلى زيادة سريعة في كتلة العضلات، وهذا هو السبب في شعبيتها بين لاعبي كمال الأجسام. لقد أظهر العلماء أن الرياضيين المدربين يمكن أن يزيدوا كتلة العضلات بمقدار 3.5 كيلوجرام في غضون فترة تتراوح من 5 إلى 10 أسابيع. وهذا أمر مهم. فإذا قارنته بشخص ما يتدرب فقط ويتبع نظامًا غذائيًا عاديًا، فقد يكتسب نصف كيلوجرام شهريًا فقط.
وقد تكون مكملات الكرياتين مفيدة بشكل خاص في وقت لاحق من الحياة. حيث يوصي بالكرياتين للشيخوخة النشطة لتقليل تدهور العضلات والحفاظ على أدائها.
لكن الباحثين يؤكدون أن هذا ليس إكسيرًا يمكن أن يحل محل نمط الحياة الصحي. ولن تحصل على الفوائد حقًا، وخاصة من منظور نمو العضلات، إلا إذا قمت بدمجه مع التمارين الرياضية أو تدريبات المقاومة.
كيف يؤثر على الدماغ؟
لقد أظهرت العديد من الأبحاث أن مكملات الكرياتين يمكن أن تعمل على تحسين جوانب الأداء الإدراكي. وقد وجدت دراسة صغيرة نُشرت في وقت سابق من هذا العام أن جرعة واحدة من الكرياتين تعمل على تحسين الذاكرة وسرعة المعالجة في غضون 3 ساعات لدى الأشخاص المحرومين من النوم، مقارنة بالعلاج الوهمي.
ولكن لم تسفر جميع الأبحاث عن نتائج متسقة. ففي عام 2023، وجدت أكبر دراسة عشوائية خاضعة للعلاج الوهمي حول تأثيرات الكرياتين على الإدراك حتى الآن تأثيرًا مفيدًا صغيرًا فقط، يعادل زيادة تتراوح بين 1 إلى 2.5 نقطة في معدل الذكاء.
تظهر معظم الأبحاث أن ذلك قد يؤثر على دماغك، ولكن في الأفراد الأصحاء الشباب، لا يبدو أنه يلعب دورًا كبيرًا إلا إذا كان دماغك متوترًا بسبب الحرمان من النوم أو التعب العقلي.
وعلى الرغم من أن الأبحاث في هذا الشأن لا تزال في بداياتها، فقد يكون هناك أيضًا تأثير وقائي ضد الحالات العصبية التنكسية أو حتى تلف الدماغ نتيجة إصابة.
كيف يؤثر الكرياتين على صحتنا بشكل عام؟
يعمل الكرياتين على المستوى الخلوي، لذا يعتقد الباحثون أن تأثيراته الإيجابية قد تكون واسعة النطاق في الجسم. حيث وجدوا أن زيادة توفر الطاقة في الخلية أمر بالغ الأهمية، خاصة عندما يكون هناك الكثير من القيود في توفير الطاقة. إذا أصبت بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، على سبيل المثال، فإن الكرياتين يقلل من حجم الضرر لأنه يحمي تلك الخلايا.
تشير تحليلات البيانات من المسح الوطني للصحة والتغذية في الولايات المتحدة أيضًا إلى أن الكرياتين قد يكون مفيدًا للأطفال. إن الأطفال الذين يكبرون مع كمية أقل من الكرياتين في نظامهم الغذائي لديهم عضلات أقل، وهم أقصر ولديهم نسبة أعلى من الدهون في الجسم. والفتيات المراهقات اللاتي يتناولن كمية أكبر من الكرياتين يعانين من مشاكل أقل في الدورة الشهرية.
وهناك دراسات تدعم تأثيرات الكرياتين في تقوية العظام وخفض مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL) والتحكم في نسبة السكر في الدم، على الرغم من أن مراجعة دراسات متعددة حول هذا الموضوع الأخير تظهر نتائج غير متسقة بالنسبة للأشخاص المصابين بمرض السكري.
من يجب أن يأخذه؟
هناك إجماع متزايد بين العلماء على أن مكملات الكرياتين مفيدة للجميع تقريبًا. ويُتوقع أنه مع مرور الوقت، سيتم التوصية بها لمجموعات معينة، بما في ذلك كبار السن أو الحوامل، وأي شخص لا يأكل اللحوم أو الأسماك أو منتجات الألبان.
كما يُعتقد أيضًا أن بعض الأطعمة سوف يتم تدعيمها بالكرياتين يومًا ما. وسوف يبدأ ذلك في مجال الأطعمة النباتية، بإضافة الكرياتين إلى مساحيق البروتين النباتية والبرجر النباتي، وما إلى ذلك من أنواع الأطعمة. وهذا من شأنه أن يعوض النقص الذي قد يعاني منه هؤلاء الأشخاص في نظامهم الغذائي.
هل يهم وقت تناوله؟
قد يكون الوقت مهمًا فقط إذا كنت رياضيًا تحاول الفوز بسباق أو تحطيم أفضل رقم شخصي لك. إذا قمت بذلك في وقت قريب من تدريبك، فإن النتائج تكون أفضل قليلاً.
كما تكون تأثيرات المكملات الغذائية طويلة الأمد نسبيًا، لكنك لا تزال بحاجة إلى تناولها بصورة متكررة. وإذا توقفت عن تناول الكرياتين، يستغرق الأمر من أربعة إلى ستة أسابيع للعودة إلى نقطة البداية. قد يتناول بعض الأشخاص الكرياتين بشكل متقطع، لكن لم تُجرَ دراسة قط لمقارنة تناول الكرياتين بشكل متقطع مقابل تناوله لفترات طويلة من الزمن.
كيف يجب تناوله؟
يتوفر الكرياتين في صورة مسحوق أو حبوب أو حلوى هلامية. ومن حيث الفعالية، لا يبدو أن هناك أي فرق بينهم، على الرغم من أن الحبوب والمساحيق موجودة منذ فترة أطول، لذا فهي تميل إلى أن تكون التركيبات التي تم اختبارها في الدراسات. تتوفر أيضًا أنواع مختلفة من الكرياتين، ولكن أحادي هيدرات الكرياتين هو الأكثر توفرًا على نطاق واسع والأفضل دراسة.
هل له أي آثار جانبية؟
تعتبر المكملات الغذائية آمنة بشكل عام بالجرعات التي يتناولها معظم الناس، والتي تبلغ حوالي 5 جرامات يوميًا. لكن بعض الأشخاص يُبلغون عن الجفاف أو تقلصات العضلات. وهناك عدد قليل من الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الجهاز الهضمي. حيث يتناولون الكرياتين ولا يستقر بشكل جيد في معدتهم. بالنسبة لهؤلاء الأفراد، يقترح الأطباء تناول جرعة أقل من الكرياتين. وتذكر دائمًا أن تستشير الطبيب قبل تناول المكملات الغذائية.
المصدر
What to know about creatine, the gym supplement with wide benefits | new scientist
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :