Ad

سنروي هنا أحد أشهر الأقاويل، مضيئين فيها مواطن الخطأ والصواب، مثل أصل الاعتقاد بأن الجزر يقوّي النظر. فما السبب في ظهور هذا الاعتقاد؟ وما هو الجزر، وما فوائده؟ وما قصة فيتامين A أو فيتامين أ، وفوائده للرؤية وللجسم ككلّ؟ وكذلك سنتحدث عن مشاكل نقص فيتامين أ. وعلاقة “البيتا كاروتين-Beta carotene” بالرؤية بشكل خاص والجسم عامةَ.

بداية أسطورة الجزر يقوّي بالنظر

تعود أسطورة الجزر إلى الحرب العالميّة الثانية التي حوّلته من مجرّد طعام حيوانات إلى مصدر غذائيّ هام. حيث اكتشف البريطانيّون في الحرب العالميّة الثانية الرادار، بالتالي أصبح بإمكانهم رؤية عدوّهم حتّى في الليل. وعندما علم الألمان بذلك، بدأوا البحث عن سبب قدرة الجيش البريطاني الهائلة على كشفه ليلاَ. وهنا سارع الجيش البريطاني على بثّ شائعة الجزر المقوي للنظر، وأنّ طيّاريهم لديهم من القدرة على الرؤية ليلاَ بما لا يمكن تصوّره. وأنّ السبب في ذلك يعود إلى تناولهم الجزر بكثرة! [1]

كان لتلك الشائعة فضلٌ جمٌّ في تضليل العدوّ عن تلك التكنولوجيا العجيبة التي اخترعوها آنذاك. لكن ما لم يخطر في بال الجيش البريطاني أن تبقى تلك البدعة وريثةَ للأجيال واحداَ تلو الآخر حتّى زماننا هذا. وها نحنُ هنا بصدد دحض الشائعة وتوضيح ما صدقَ منها وما بطل.

لماذا اختار البريطانيون الجزر؟

ما هو الجزر وما الذي ميّزه عن أقرانه من الخضروات حتى يختاره الجيش البريطاني وريثاَ لتلك البدعة؟ إن الجزر خضار جذري، أي أنّ الثمرة التي نتناولها هي جذر ذلك النبات. في البداية كان يستخدم الجزر لأغراض طبيّة، وفيما بعد أصبح يستخدم كطعام، ولا ننسى أنّ للحرب العالميّة الثانية دور في ذلك. ففي ظل شحّ باقي الخضروات بسبب الحرب، تمّ تعزيز الجزر كبديل عنها.

ويمكن تناول الجزر بطرق مختلفة كطعام، لكنّ أثبتت الدراسات أنّ غلي الجزر يفسد الكثير من الفيتامينات الموجودة فيه وبالتالي نقص عناصره الغذائيّة. أمّا عن أهمّ العناصر الغذائيّة الموجودة فيه فهي كالتالي:

  • الجزر أحد أفضل الأطعمة التي تحتوي على البيتا كاروتين إلى جانب اليقطين والبطاطا الحلوة.
  • الجزر مصدر هام لفيتامين A.
  • يحتوي الجزر على العديد من العناصر المفيدة: “كالفلافونيدات-Flavonoids”، وهي مضادات للأكسدة، ويوجد غيرها الكثير من العناصر التي تدعم وظائف الجسم المختلفة.

هل الجزر يقوّي النظر حقًا كما يقال؟

في الحقيقة، هناك علاقة بين ما يحتويه الجزر من عناصر مفيدة للعين وبين النظر بالفعل. فالجزر مصدر هام لفيتامين A أو فيتامين أ، ولكن ما أهمية فيتامين أ للعين؟

لفيتامين أ دور في حماية صحّة العين، ويعد النقص الغذائي الأكثر شيوعاَ في العالم. وقد وُجِد أنّ نقص فيتامين أ يسبّب جفاف العين، ويقودنا جفاف العين إلى ما يسمّى بالعشى أو “عدم الرؤية ليلاَ”. وفي حالة المستويات المنخفضة من الفيتامين أ، فقد يسبّب صعوبة رؤية، وأحيانًا يؤدي إلى تنكّس المستقبلات الموجودة بالعين. وبالتالي تحدث مشاكل بالعين كجفاف القرنية مما يؤدي إلى ترقّقها وتقرّحها وانثقابها، وجفاف الملتحمة. كما قد تظهر بقع رغويّة متعدّدة الأشكال على بياض العين. [2]

يسهم هذا الفيتامين في صناعة بروتين قادر على امتصاص الضوء في شبكيّة العين ويدعم عملها. بالتالي يؤدي نقصه إلى تلف في الشبكيّة الذي بدوره يؤدي لضعف شديد في البصر في مؤخرة العين. ويعدّ نقص فيتامين أ السبب الأكبر للعمى الذي يمكن الوقاية منه عند الأطفال. وهنا نعود إلى المقولة “الجزر يقوّي النظر”، لم نقول عنها أنها شائعة ما دامت الفوائد كبيرة؟

وُجِد أنّ معظم الناس لا تتحسّن الرؤية لديهم بتناول الجزر إلّا إذا كان سبب مشكلة الرؤية لديهم نقص فيتامين أ بالأساس. وقد لا يكون الجزر وحده قادراَ على تغطية هذا النّقص دون الحاجة لتعويض النقص دوائيّاَ. ومع الانتباه إلى أنّ بعض أشكال فيتامين أ يمكن أن تكون سامّة بجرعات عالية، لذلك يجب المراقبة الدوريّة عند الطبيب عند أخذ جرعات عالية منه. إذن فهناك حقيقة بدرجة ما في الشائعة، ولكن ما المكونات الأخرى في الجزر المتعلقة بالرؤية غير فيتامين أ؟

مكونات وفوائد أخرى للجزر

نأتي إلى فضل الجزر بما يحتويه من “البيتا كاروتين” على الرؤية. فبدايةَ، يحوّل الجسم البيتا كاروتين إلى فيتامين أ الذي بدوره يدعم الرؤية ويحمي صحّة العين. ويمكن القول أنّ البيتا كاروتين بحدّ ذاتها ليست ذات فائدة، وإنّما تأتي أهميتها من كونها مصدر مهم لفيتامين أ. وهي من مضادات الأكسدة التي تحمي العين والجسم بشكل عام من الجذور الحرة التي تدمر خلايا الجسم. [3]

إضافةَ لفوائده الكثيرة على العين، فللجزر فوائده التي يجب عدم إغفالها على الجسم ككلّ. فهو يحتوي على مضادات الأكسدة “الكاروتيندات-carotenoids”، وتساعد في التقليل من مخاطر السرطانات، كسرطان المعدة والثدي وسرطان الدم “اللوكيميا”. حيث وجدت الدراسات علاقة بين المستويات العالية للكاروتيندات في الدم وقلة مخاطر الإصابة بسرطان الثدي. [4]


وعلى الرغم من أنّ عصير الجزر يحتوي العديد من العناصر المفيدة إلّا أنّه يجب الاعتدال في تناوله نظرًا لاحتوائه على الكاروتيندات كالبيتا كاروتين. فالمستويات العالية منها تسبّب ما يسمى “carenoderma” أي تلوّن الجلد بالأصفر أو البرتقالي.[4]

ننتهي إلى القول بأن الجزر ضروري للعين كما هو ضروري لباقي الجسم، ولكن لا علاقة لكثرة تناوله بقوّة النظر. إلّا أنه من ناحية احتوائه على نسب عالية من فيتامين أ والبيتا كاروتين الضروريين لصحّة العين. وما قيلَ عنه كقدرة خارقة ليس له منها إلا القليل. لذا، عندما تتناول الجزر في المرة القادمة، تأكد من أنه مفيد بالفعل للعين والجسم. لكن لن يجعل حدة بصرك أفضل بأي حال من الأحوال.

المصادر:

  1. Chronica HORTICULTURAE
  2. Medical News Today
  3. Medical News Today
اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Hiba Mohammad
Author: Hiba Mohammad

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


طب صحة

User Avatar

Hiba Mohammad


عدد مقالات الكاتب : 2
الملف الشخصي للكاتب :

شارك في الإعداد :
تدقيق لغوي : abdalla taha

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *