لا يدخر العلم أي جهد في سبيل محاربة فيروس كورونا المستجد- COVID-19 الذي ينتشر في أرجاء المعمورة انتشار النار في الهشيم، فقد وصل عدد الحالات المصابة إلى 7,674,859 والوفيات إلى 426,108 في مقابل 3,886,740 حالة شفاء. وحتى الآن لا يوجد علاج معترف به خاص بالفيروس. في ظل كل تلك الظروف تظهر العديد من الأخبار عن فاعلية، وأمان علاج فيروس كورونا المستجد بالبلازما. وبدأت الكثير من دول العالم مثل الولايات المتحدة الأمريكية في جمع تبرعات البلازما من المتعافين وحدث المثل على صعيد عدد من الدول العربية مثل مصر المشاركة في دراسة حول فاعلية وأمان علاج فيروس كورنا باستخدام البلازما. لكن مع الأسف تظهر الكثير الإشاعات والأخبار الغير مدعمة بالأسس البحثية العلمية؛ لذلك دعنا نتعرف سوياً على تاريخ والأساس العلمي حول استخدام العلاج بالبلازما، والحقائق البحثية الموجودة حتى الآن حول ذلك الموضوع وكذلك آراء المنظمات العالمية.
محتويات المقال :
عند تعرض جسم الأنسان لجسمٍ مسبب للمرض سواء كان كائن ممرض مثل البكتيريا والفيروسات، أو كان مادة غير حية مثل السموم. تكافحه المناعة عن طريق المناعة الأولية أو الفطرية Innate immunity المتمثلة في الحواجز الكيميائية والفيزيائية مثل المخاط، وكذلك نشاط بعض الخلايا المناعية. وإذا استطاع الجسم الممرض التغلب على ذلك النوع تلجأ المناعة لتطوير المناعة التكيفية-adaptive immunity والتي من ضمن أساليبها تصنيع الأجسام المضادة عن طريق الخلايا البائية-B cells. تلك الأجسام المضادة ما هي إلا مركبات بروتينية شبيهة لحرف Y تقوم بالارتباط ببعض المركبات على سطح الجسم الممرض تمنعه من اقتحام الخلايا فبذلك تعطل نشاطه، وتساعد في القضاء عليه بالاستعانة بالخلايا المناعية مثل الخلايا البلعمية، وغيرها من الطرق المختلفة. وبعد أن يُقضى على الجسم الممرض قد يستمر تواجد الأجسام المضادة لفترة من الزمن وذلك للقضاء على الجسم المسبب للممرض حال دخوله للجسم فوراً، وتتواجد تلك الأجسام المضادة في الدم تحديداً في بلازما الدم.
بمرور الوقت أراد الطب الانتفاع بتلك الأجسام المضادة في القضاء على الأمراض المستعصية، وتُعد أول محاولة مسجلة في ذلك الصدد منذ أكثر من قرن تقريبا وكانت على يد الألماني « أدولف فون بهرنغ-Emil Adolf von Behring» الذي حصل على البلازما من الحيوانات -خاصة الأحصنة- المتعافية من مرض «الخناق-Diphtheria» لعلاج المرضى واستحق على ذلك جائز نوبل في الطب عام1901، أيضا استُخدم ذلك العلاج في الحرب على الإنفلونزا الأسبانية عام 1918-1920 واستخدامه في علاج « الحمى قرمزية-scarlet fever» -التي تتطور لدى بعض الأطفال المصابين بالتهاب الحلق- في عام 1920. وكان لها دور في علاج إحدى أنواع عدوى الجهاز التنفسي: السعال الديكي- pertussis حتى عام 1970. وفي العصر الحديث تم استخدامها في علاج انفلونزا الطيور، والخنازير، وكذلك الإيبولا، وفي عام 2015 تم الاعتراف به كعلاج لأحد أنواع فيروس كورونا المتواجد في الخليج العربي وهو MERS. وغيره العديد والعديد من الأمراض. ويُعد فيروس SARS-أحد أنواع عائلة كورونا- من أكثر الفيروسات التي تهم المجتمع العلمي في تلك الأيام؛ ذلك للتشابه بينه وبين فيروس كورونا المستجد. فهل ثبت استخدام العلاج بالبلازما معه؟
في دراسة صينية نُشرت في عام 2004 تضمنت 80 مريض في هونج كونج تمت معالجتهم بالبلازما، تحسنت حالة عدد جيد منهم بشكلٍ ملحوظ مقارنةً بغيرهم من الحالات، وكذلك قلت نسبة الوفاة مقارنة بغيرهم، وكان التحسن الأكبر من نصيب المرضي الذين أعطوا العلاج بالبلازما قبل اليوم الرابع عشر من بداية الأعراض مما يلفت النظر للتوقيت الأمثل لذلك النوع من العلاج، ولكن لماذا تحديداً قبل اليوم الرابع عشر؟
حسناً، في دورة حياة الفيروس SARS -نفس الكلام ينطبق على قرينه كورونا المستجد- يقوم الفيروس بالانتشار في الدم (viremia) بشكلٍ كبيرٍ خلال الأسبوع الأول، وتتطور المناعة خلال الأسبوع الثاني ضد الفيروس، وفي الأسبوع الثالث قد يموت المريض؛ ذلك نتيجة لرد الفعل المناعي بالغ العنف الذي يقوم بتدمير نسيج الرئة فتسوأ حالة المريض بشدة ليس بسبب الفيروس إنما بسبب رد فعل المناعة المبالغ فيه. وهذا يسلط الضوء أن زيادة الأجسام المضادة في مرضى SARS زاد من خطورة المرض في الأسبوع الثالث؛ لذلك اختيار التوقيت لهو أمر بالغ الأهمية. والآن عزيزي القارئ بعد أن عرفنا سوياً تاريخ العلاج بالبلازما والأساس العلمي المنوط به، وجب معرفة الوضع الحالي في مواجهة فيروس كورونا المستجد COVID-19.
ما سنستعرضه الآن سوياً هي مجموعة من الدراسات، أو التجارب السريرية التي تمت حول ذلك الموضوع حتي نستخلص معاً الحقائق في الوقت الحالي.
ولكن كيف يعمل ذلك العلاج ضد فيروس كورونا المستجد؟ بالطبع ستكون إجابتك: كما تعمل الأجسام المضادة ضد أي جسم ممرض تقريباً مثل ما وضحنا معاً من قبل، حسناً هذا حقيقي. ويزيد على ذلك أمر غاية في الأهمية وهو يعتمد على خصائص فيروس كورونا المستجد المرضية حيث أنه يوجد مركب كيميائي على سطحه يقوم بالارتباط بإحدى المستقبلات على أسطح الخلايا وهو ACE-2 Receptor، وأيضاً يرتبط الجسم المضاد بنفس ذلك المركب على سطح الفيروس فبهذا الشكل يمارس الجسم المضاد نوعاً من المنافسة مع ACE-2 يمنع الفيروس من الارتباط بالمستقبِل، وبداية رحلته المرضية في خلايا الرئة. والآن في ظل كل تلك الدارسات بالغة الأهمية ما موقف المنظمات العالمية منها هل حركت ساكن أم لا ؟
بالطبع أكبر تحدي نواجهه هو نقص المعلومات وهذا ما نواجهه منذ بداية الأزمة. فنحن مثلاً لا نعرف الجرعة المثالية على وجه التحديد فكل ما هو موجود نتيجة لتجارب قليلة الأعداد، وكثيرة العيوب. كذلك نجهل عن التوقيت المثالي للتعرض لذلك العلاج، أو ما زال الأطباء محاولة معرفة أفضل توقيت. على الرغم من ارتفاع عدد الحالات التي تماثلت للشفاء إلى أن جمع البلازما منهم ليس بالأمر السهل ويأخذ وقتاً ليس بالقليل على الإطلاق. ويحتاج العلاج كذلك عدداً من التحاليل لتفادي الأعراض الجانبية الناتجة عن اختلاف فصائل الدم، وكذلك إذا ما كان الشخص مصاب ببعض الفيروسات الخطيرة مثل فيروس C مثلاً، مثل تلك التحاليل معتادة وتحدث في أي تبرع بالدم أو بلازما.
على الرغم من أن ذلك العلاج متعارف عليه منذ ما يزيد عن المائة عام، إلا أنه دائماً ما يظهر من المواقف الطارئة حيث الأوبئة. فبالتالي رغم عراقته إلا أن معلوماتنا حوله ليست كثيرة بما فيه الكفاية. أما عن صلاحية استخدام علاج فيروس كورونا المستجد بالبلازما فالإجابة تتلخص في كلمة واحدة: (ربما) فنحن نعاني من نقص في المعلومات، ونحتاج لدراسات أقوى أكثر عدداً، وما نملكه الآن ما هو إلا مجرد توجيه لاستخدام العلاج بالبلازما لاستكشافه بشكل أكبر، وقد يدعو للتفاؤل بخصوص كونه علاج آمن. ونأمل جميعاً أن يتم التوصل لطريقة للقضاء على الوباء في أقرب وقت ممكن.
History of Convalescent Plasma Therapy
The Nobel Prize in Physiology or Medicine 1901
Convalescent plasma therapy in the treatment of COVID-19: Practical considerations: Correspondence
Convalescent plasma transfusion for the treatment of COVID‐19: Systematic review Wiley
Treatment of COVID-19 Patients with Convalescent Plasma
Battle against COVID-19: Efficacy of Convalescent Plasma as an emergency therapy
Treatment for emerging viruses: Convalescent plasma and COVID-19
Challenges of Convalescent Plasma Therapy on COVID-19
لقد أحدث تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST)، الذي تم إطلاقه قبل ثلاث سنوات، ثورة في…
في دراسة رائدة نشرت في دورية "Advance Science"، حقق مجموعة من الباحثين تقدمًا كبيرًا في…
لقد دق العلماء ناقوس الخطر، فالقيمة الغذائية للفواكه والخضروات تقل على مدى السنوات السبعين الماضية.…
اكتشف العلماء شبه جسيم يتصرف كما لو كان يستطيع امتلاك كتلة عند التحرك في اتجاه…
تدخل حيوانات مثل الدببة في حالة سبات أثناء فصل الشتاء للحفاظ على طاقتها، لكن حيوان…
إن شمسنا نجم غريب. ففي حين أن معظم النجوم توجد في أنظمة ثنائية، توجد شمسنا…