طقس “فاماديهانا”، لماذا يرقص شعب مدغشقر مع موتاهم؟
مفهوم “ليرقد بسلام” ليس شائعًا بالضرورة في جزيرة مدغشقر الأفريقية، ولا الحزن والبكاء عند تذكر الفقيد. ولتكريم موتاهم أقاموا ال”فاماديهانا” أو ما يعرف ب “تقليب العظام” لإبقاء ذكر الأموات حيًا. ولكن، بمشاركة الأموات في هذا الكرنفال، فكيف كان هذا؟
محتويات المقال :
تحتوي مدغشقر، وهي دولة جزرية أفريقية في المحيط الهندي، خليطاً إثنيًا متنوعًا. أكثر هذه المجموعات سيادة هي قبيلة الميرينا أو”إمرينا” الموزعين في أنحاء الجزيرة. ثاني مجموعة هي قبيلة “بيتسيمي ساراكا” الذين يعيشون في شرقي مدغشقر، وثالث مجموعة من حيث العدد هي قبيلة “بيتسيليو”. بالإضافة لوجود قبائل أخرى أقل عددًا.
هذه المجموعات الإثنية لا تشكل بالضرورة حدودًا ثقافية واضحة المعالم، وغالبًا ما تتداخل ثقافة القبيلة بأخرى ولا تنفصل عنها بشكل كامل. أي تتشابه العادات والتقاليد بين معظم القبائل بالرغم من انفصالها شكليًا.
خمسيّ السكان ما زالوا يتبعون الدين التقليدي القائم على عبادة الأسلاف، حيث الاعتقاد السائد أن الأموات لهم قدرة على مكافئة أو معاقبة الأحياء، ويسمى الكائن الأعلى “زاناهاري” أو الخالق.
أكثر من نصف السكان يعتنقون المسيحية، ولكن هذا لم يؤثر على معتقداتهم المحلية أو العادات والتقاليد الخاصة بشعائر الدفن.
يؤمن شعب مدغشقر أن روح الإنسان لا تغادر الأرض فورًا بعد وفاة الفرد، وإنما تبقى الروح تهيم على وجه الأرض إلى أن يفنى الجسد تمامًا. أي إلى أن تتحلل العظام بشكل كليّ وتصبح جزءً من الأرض.
وريثما يحدث هذا، يتوجب على أهل الميت العناية بالجثة حتى تتمكن الروح لاحقًا من الصعود للسماء ومغادرة الأرض بشكل تام، وهذا الأمر يستغرق أعوامًا وحتى أجيالًا.
حتى بعد الموت بفترة طويلة، يرى سكان مدغشقر أنه من الواجب عليهم تذكر أسلافهم. وذلك لشيوع عبادة وتقديس الأسلاف بالإضافة للاعتقاد بأن الروح لن تغادر الأرض إن لم يتم الاعتناء بالجثة.
ويدفع هذا الطقس أفراد العائلة إلى السفر لمسافات بعيدة وأحيانًا سيرًا على الأقدام للوصول لقبر العائلة وذلك تقديرًا لأهمية الطقس في عاداتهم وتقاليدهم. وغالبًا ما تقوم كل قرية بطقس تقليب العظام بشكل جماعي.
خلال هذه المراسم يقوم أهل الميت باستخراج الجثة بعد مرور فترة من الزمن على الدفن. بين ال5 إلى 7 سنوات تقريبًا. ويتم الطقس خلال أشهر الصيف
تُلف الجثة بغطاء من القش وتُحمل إلى القرية أو مكان إتمام المراسم. توضع الجثث على الأرض وتنظف وتلف بأكفانٍ جديدة.
وتتضمن المراسم طلب المباركة من الأسلاف وإخبارهم بما حدث خلال غيابهم أو ذكر مآثر المتوفي. وبعد ذلك تقام مأدبة كبيرة على شرف الأسلاف. طعام ومشروبات واحتفالات تكريمًا للأموات. ويحمل أفراد العائلة الميت على رؤوسهم ويرقصون بهم.
قد تستمر الاحتفالات لليومين تقريبًا بعدها يعيدون الأموات للقبور مع هداية جديدة ومال وكحول، لتحفظ حتى طقس تقليب العظام القادم.
إن تقليب العظام يعد طقسًا يلم شمل الأسرة كل فترة من الزمن، وهو أشبه باحتفال عائلي، ولكن العديد من الناس بدأت بهجر هذا التقليد وذلك لمعارضة بعض الفئات المسيحية ذلك إضافةً لتكلفته العالية، فغالبًا ما تستهلك معظم مدخرات الأسرة على الطعام والمشروبات والكفن الجديد.
بالرغم من أن فكرة نبش القبور فكرة مرعبة لمعظم الناس في أنحاء العالم، إلا أن مبدأ شعب مدغشقر القائم على الاحتفال وتذكر الميت بسعادة يساعد على تقبل واقع الموت بأريحية.
اقرأ أيضًا: الدفن السماوي
توصل باحثون إلى اكتشاف رائد يمكن أن يحدث ثورة في عالم التكنولوجيا القابلة للارتداء. لقد…
مع تصاعد التوترات حول نهر النيل، الذي يشكل شريان حياة بالغ الأهمية لملايين البشر في…
من المتوقع أن تشهد البشرية في السنوات القليلة المقبلة تطورات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي.…
مقاومة المضادات الحيوية، التي تمثل تهديدًا صحيًا عالميًا متزايدًا، لها سبب مفاجئ وهي التربة. حيث…
في عالم الفلسفة الإسلامية، تم التغاضي عن مفهوم رائع لعدة قرون. لقد كانت الأحادية (monism)،…
من خلال إعادة التفكير في افتراضاتنا حول الحياة خارج الأرض، يتحدانا عالمان للنظر في إمكانية…
View Comments