- كيف بدأت الحرب ولماذا تحدث؟
- ما هي الحرب الشاملة؟
- ما هي الحرب الباردة وكيف أنهكت العالم؟
- ما هي الحرب بالوكالة؟
- ما هي حرب العصابات؟
- شبح الحروب الاقتصادية أشدّ فتكًا على الإنسان من القذائف
- الحرب البيولوجية سلاح في يد العلماء تظهر جانبهم المظلم
- الحروب السيبرانية، وجهٌ جديد للعنف الدولي
- حرب الفضاء، هل ستصبح حقيقة؟
- ما هي الحرب الهجينة وخصائصها ولماذا هي مهمة اليوم؟
مع تصاعد أزمة الغاز العالمية وزيادة المخاوف من احتدام الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، يمكننا القول أننا ندرك جميعًا مساوئ الحروب على الاقتصاد. فلطالما كانت المجاعات الناجمة عن الحروب أكثر فتكًا من الحروب نفسها. فالحصار ونقص المؤن وتردي الأوضاع المعيشية هي أكثر ما قد يسعد الخصم الدولي لأي بلد اليوم. وجميعها جزء من أدوات الحرب الاقتصادية وهي ما سنتعرف عليه في مقالنا هذا.
محتويات المقال :
تعريف الحروب الاقتصادية
الحرب الاقتصادية، هي استخدام، أو التهديد باستخدام الوسائل الاقتصادية ضد بلد ما بغية إضعاف اقتصادها وبالتالي الحد من قوتها السياسية والعسكرية. وتشمل الحرب الاقتصادية أيضًا استخدام الوسائل الاقتصادية لإجبار الخصم على تغيير سياساته أو سلوكه أو تقويض قدرته على إدارة علاقات طبيعية مع الدول الأخرى.[1]
أدرك الإنسان منذ فجر التاريخ أنّ إضعاف الخصم ووهن عزيمته يحقق نصرًا حاسمًا واستراتيجيًا. ويخلق لدى العدو هالة رعب من تكرار ما حدث في الماضي. ورغم أنّ الحروب البيولوجية كانت أكثر الحروب دموية وفتكًا على مرّ التاريخ، إلّا أن آثار الحروب الاقتصادية مدمّرة أكثر على الصعيد الإنساني وقادرة على إضعاف الإنسان وإعادته إلى أصوله الهمجية الأولى مفقدةً إيّاه البعد الحضاري الذي يتغنى به دائمًا ويتسامى به عن بقية الكائنات الحيّة الأخرى.
“إن ممارسة ضغط الحرب على جميع السكان، وليس فقط على الجيوش في الميدان، هي روح الحرب الحديثة.”
ألفريد ثاير ماهان، نوفمبر ١٩١٠ [2]
فمع ازدياد ترابط اقتصاديات الدول ببعضها البعض، وخاصة أننا نعيش في عصر العولمة وتشابك الاقتصادات الوطنية مع الاقتصاد الدولي، وصل التبادل التجاري أوجه مع استخدام الفضاء السيبراني كمجال لتبادل المنتجات والخدمات، وأصبحت تحديّات هذه الحرب أكثر تعقيدًا وتأثيرًا.
نشأة الحروب الاقتصادية
تسعى البلدان المنخرطة في الحروب الاقتصادية إلى إضعاف اقتصاد الخصم. عن طريق حرمانه من الوصول إلى الموارد المادية والمالية والتكنولوجية الضرورية. أو منع قدرته على الاستفادة من التبادل التجاري والمالي والتكنولوجي مع البلدان الأخرى.[1]
ويعد الحصار أكثر الأدوات شيوعًا. حيث يمارس حصار واعتراض البضائع المهربة بين المتحاربين منذ ما قبل الحرب البيلوبونيسية (431-404 قبل الميلاد) في اليونان القديمة.
أما في العصر الحديث، فقد توسعت استخدامات الحروب الاقتصادية لتشمل الضغط على الدول المحايدة. إذ يمكن للدول المعادية الحصول من تلك الدول المحايدة على الإمدادات. وبالتالي، حرمان الأعداء المحتملين من السلع التي قد تساهم في قدرتهم على شن الحرب.[1]
ومن المسلم به أنه يتم تطوير أسلحة إلكترونية لاستخدامها مع القوات القتالية كحروب سيبرانية. وبالمثل فإن إمكانية مهاجمة البنية التحتية الاقتصادية الحيوية للعدو لتقويض قدراته العسكرية أو المدنية أصبحت معروفة الآن على نطاق واسع[2]، ولها أدواتها المختلفة.
أدوات الحروب الاقتصادية
أدى التحول في النظام الاقتصادي العالمي إلى إحداث تغييرات في طبيعة الحرب نفسها.[2] وبالتالي تغيير في الأدوات المستخدمة، كحظر سلاسل التوريد العالمية أو الحظر التجاري. وقد لا يشمل مقاطعة كليّة وإنّما محاولة التأثير على حركة التجارة عبر التمييز الجمركي.
ويُعد استهداف البنية التحتية الاقتصادية الحيوية هجومًا دقيقًا على الأصول المادية. ويحدث ذلك باستعمال أدوات معينة، كالمقاطعة الاقتصادية أو العقوبات أو تجميد الأصول الرأسمالية أو وقف المساعدات أو حظر الاستثمار وتدفقات رأس المال الأخرى أو مصادرة الممتلكات. [1]
ومن الأدوات المفصلية حديثًا محاولة التأثير على شبكة الاتصالات. فيمكن أن يؤثر قطع الشبكة على المدنيين أيضًا وليس حكوماتهم أو قواتهم المسلحة فحسب، وبتأثير مباشر وسريع أكثر مما كان ممكنًا في السابق.[2] فاستقرار الاقتصادات الوطنية والاقتصاد الدولي حديثًا لا يعتمد على حرية حركة السلع والمال فحسب. بل يعتمد أيضًا على حرية تبادل المعرفة والمعلومات حول العالم.[2]
إضافة إلى ما سبق، تستهدف الحرب الاقتصادية أيضًا مجتمع العدو من خلال تشويش اقتصاده الوطني بهدف تقويض شرعية الدولة المعادية ودعمها الداخلي. مستهدفة الأنظمة التي تدعم أسلوب حياة المجتمع لا المجتمع نفسه. حيث أصبح المدنيون هم الهدف في الحرب الاقتصادية لا الجيوش. [2] وتهدف جميع الأدوات الحديثة والقديمة إلى توجيه ضربة قاضية معطلة من شأنها أن تجنّب الحاجة إلى أنواع حروب أكثر حدّة وتكلفة وأطول أمدًا. ولكن من المهم أن نعرف أن استخدام استراتيجية الحرب الاقتصادية أسهل قولًا من فعلها [2] لذا على الدول أن تستخدمها بحكمة.
كيف تضمن الدول استخدام هذه الاستراتيجية بفعالية أكبر؟
تعتمد فعالية الحرب الاقتصادية على عدد من العوامل، كقدرة الخصم على إنتاج السلع المقيدة داخليًا أو الحصول عليها من دول أخرى. فعلى سبيل المثال، أُحبِطت الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة للإطاحة بفيدل كاسترو من السلطة في كوبا من خلال الإبقاء على حظر دام عقودًا بسبب زيادة التجارة بين كوبا والمكسيك وكندا وأوروبا الغربية.[1]
فعلى الرغم من أن الحرب الاقتصادية غالبًا ما تُعتبر مكملاً أو بديلًا غير مكلف نسبيًا للمشاركة العسكرية. إلا أنها تفرض تكاليف على الدولة التي تبادر بالبدء، من خلال حرمانها من الوصول إلى التبادل الاقتصادي مع الدولة المستهدفة. على سبيل المثال، دفع المستهلكون في الولايات المتحدة تكاليف أعلى للسلع التي كان من الممكن استيرادها بتكلفة أقل من كوبا أو من البلدان المستهدفة الأخرى، مثل إيران. وحُرمت الشركات الأمريكية من الوصول إلى سلعها وأسواقها أيضًا.[1] لذا يجب أن تعمل الدولة على إحداث خرق اقتصادي يسبب أذى للخصم، لا لها. ويضمن إيجاد البدائل الأقل تكلفة.
إنّ فعالية الحرب الاقتصادية محدودة أيضًا بقدرة حكومة الخصم على إعادة توزيع ثروة محلية كافية نحو الجيش أو المؤسسات الأخرى للتعويض عن التخفيضات في القدرات الناجمة عن فقدان السلع المقيدة. في التسعينيات، على سبيل المثال، لم تقلل الحرب الاقتصادية ضد العراق وضد كوريا الشمالية بشكل كبير من التهديد العسكري الذي تشكله هاتان الدولتان لأنهما كانتا قادرتين على توجيه مواردهما الاقتصادية المحدودة نحو جيوشهما. [1] ويزخر التاريخ بأمثلة كثيرة أخرى عن الحروب الاقتصادية وهي قائمة في وقتنا الحاضر أيضًا.
أمثلة عن الحروب الاقتصادية
يوجد في التاريخ الكثير من الأمثلة على الحروب الاقتصادية. فهي مرتبطة بالحروب الشاملة وأكثر فعالية في الحروب الهجينة جنبًا إلى جنب مع الحروب السيبرانية.
حاولت الولايات المتحدة وحلفاؤها خلال الحرب الباردة منع الاتحاد السوفيتي وحلفائه من الوصول إلى أجهزة الكمبيوتر ومعدات الاتصالات السلكية واللا سلكية وغيرها من التقنيات ذات القيمة الاقتصادية والعسكرية العالية.
وفي الوقت الحالي، إضافة إلى تصاعد الخلافات الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية والتنين الصيني، تلوح في الأفق مخاوف من تصاعد أزمة الوقود العالمية. حدثت الأزمة كنتيجة للمقاطعة الاقتصادية المفروضة على روسيا بعد الحرب الروسية الأوكرانية الأخيرة. ولكن قد يرتد الأمر على المبادرين مرة أخرى. إذ يمكن أن تحول روسيا شتاء أوروبا القادم إلى جحيم بارد وخاصة أنّ دولًا كثيرة تعتمد على الغاز الروسي بدرجة كبيرة. فعلي سبيل المثال، تمثل روسيا 35٪ من إمدادات الغاز الألمانية. و تعتمد بولندا على روسيا لنحو نصف احتياجاتها من الغاز الطبيعي. [3]
أمثلة أخرى مثل الحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة على دول مثل إيران وسوريا أو على مناطق محددة كقطاع غزة. أو مخاوف نقص القمح بعد الحرب الأوكرانية.
على الرغم من أنّ حلم الاكتفاء الذاتي أصبح بعيد المنال منذ الثورة الصناعية إلى اليوم. إلّا أنّ دول اليوم مضطرة لإيجاد حلول لتقليل الاعتمادية على اقتصادات دول أخرى. فتعرض أي دولة في الوقت الحالي لحرب اقتصادية سيكون بالغ التأثير عليها. وخاصة أنّها تؤثر على المدنيين الأبرياء بدرجة كبيرة جدًا وتحمل الدولة خسائر قد تحتاج عقودًا لتداركها.
المصادر:
1- britannica
2- carnegieendowment
3- bloomberg
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :