صحة

دراسة رائدة تكشف العلاقة المباشرة بين بكتيريا الكلبسيلا الرئوية ومرض الزهايمر!

كشفت دراسة رائدة عن علاقة بكتيريا الكلبسيلا الرئوية بالزهايمر، حيث تؤدي إلى زيادة الالتهاب في الدماغ وضعف الوظائف الإدراكية.

ووجد فريق البحث أن المضادات الحيوية يمكن أن تعطل توازن ميكروبيوم الأمعاء، مما يسمح للكلبسيلا الرئوية بالازدهار وربما تؤدي إلى أمراض تنكس عصبي. هذه الدراسة الرائدة هي الأولى التي تثبت وجود صلة مباشرة بين عدوى الكلبسيلا الرئوية ومرض الزهايمر، مما يفتح آفاقًا جديدة للبحث في دور العوامل المعدية في الأمراض التنكسية العصبية.

الهجوم الصامت لبكتيريا الكلبسيلا الرئوية

الكلبسيلا الرئوية (Klebsiella pneumoniae) هي نوع من البكتيريا الموجودة عادة في الأمعاء البشرية. معروف بتسببها في حالات عدوى المستشفيات، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة. يمكن لهذه البكتيريا أن تعيث فسادًا في الجسم، مما يؤدي إلى أمراض تهدد الحياة مثل الالتهاب الرئوي والتهاب السحايا والإنتان. ولكن ما الذي يجعل الكلبسيلا الرئوية قوية إلى هذا الحد؟

أحد العوامل الرئيسية هو قدرتها على إنتاج طبقة خارجية سميكة واقية تسمى الغشاء الحيوي. يسمح هذا الغلاف اللزج للبكتيريا بالتهرب من الجهاز المناعي للمضيف، والاختباء من خلايا الدم البيضاء والمضادات الحيوية على حد سواء. وبمجرد وضع هذا الدرع، يمكن للبكتيريا أن تتكاثر بسرعة، وتطلق مركبات سامة تؤدي إلى التهاب الأنسجة المحيطة وإتلافها.

في القناة الهضمية، يمكن أن تتفوق الكلبسيلا الرئوية على الميكروبات المفيدة الأخرى، مما يؤدي إلى خلل في ميكروبيوم الأمعاء. وهذا يمكن أن يؤدي إلى التهاب مزمن، وضعف الهضم، وحتى زيادة نفاذية بطانة الأمعاء، مما يسمح للسموم وجزيئات الطعام غير المهضومة بالتسرب إلى مجرى الدم.

كشف تاريخ المحور الدماغي المعوي

إن الاتصال بين الأمعاء والدماغ، والمعروف أيضًا باسم المحور الدماغي المعوي (gut-brain axis)، ليس مفهومًا جديدًا في المجتمع العلمي. في الواقع، تعود فكرة ارتباط الأمعاء والدماغ إلى أوائل القرن التاسع عشر. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة فقط بدأنا نفهم تعقيدات هذه العلاقة المهمة.

واحدة من أقدم الملاحظات المسجلة عن المحور الدماغي المعوي أجراها عالم وظائف الأعضاء الفرنسي كلود برنارد في خمسينيات القرن التاسع عشر. اكتشف برنارد أن بطانة الأمعاء يمكن أن تنتج مادة تحفز العصب الحائر (Vagus nerve)، الذي يمتد من الدماغ إلى أعضاء مختلفة في الجسم، بما في ذلك الأمعاء. قادته هذه الملاحظة إلى اقتراح مفهوم “التنظيم العصبي الهرموني”، حيث تتواصل الأمعاء والدماغ من خلال الإشارات الكيميائية.

وفي القرن العشرين، بدأ الباحثون في الكشف عن أهمية ميكروبيوم الأمعاء في الصحة والمرض. وتعد الأمعاء البشرية موطنًا لتريليونات الكائنات الحية الدقيقة، التي تلعب دورًا حاسمًا في جهاز المناعة لدينا، وعمليات التمثيل الغذائي، وحتى وظيفة الدماغ. حيث أظهرت الدراسات أن خلل توازن ميكروبيوم الأمعاء يرتبط باضطرابات عصبية مختلفة، بما في ذلك مرض ألزهايمر.

لقد كان اكتشاف العلاقة بين الأمعاء والدماغ عملية بطيئة، حيث ساهم العديد من العلماء على مر السنين في فهمنا لهذه العلاقة المعقدة.

Related Post

علاقة بكتيريا الكلبسيلا الرئوية بالزهايمر

من خلال التحقيق في العلاقة بين عدوى الكلبسيلا الرئوية ومرض ألزهايمر، وجد الفريق صلة مباشرة بين الاثنين. ولكن ماذا يعني هذا؟ بعبارات بسيطة، هذا يعني أن البكتيريا التي تسبب التهابات في الأمعاء يمكن أن تهاجر إلى الدماغ وتسبب الالتهاب، مما قد يؤدي إلى التدهور المعرفي وحتى مرض ألزهايمر.

استخدم الباحثون نموذج فأر ما قبل المرحلة السريرية لدراسة آثار التعرض للمضادات الحيوية على ميكروبيوم الأمعاء. ووجدوا أنه عندما تُعطل المضادات الحيوية توازن بكتيريا الأمعاء، فإنها تخلق أرضًا خصبة لنمو البكتيريا الضارة مثل الكلبسيلا الرئوية. وهذا بدوره يسمح للبكتيريا بالانتقال من الأمعاء إلى مجرى الدم وفي النهاية إلى الدماغ، مما يسبب ضررًا لا يمكن إصلاحه.

يعد هذا الاكتشاف مهمًا لأنه يفتح آفاقًا جديدة لفهم مرض ألزهايمر وربما علاجه. ومن خلال استكشاف العلاقة بين بكتيريا الأمعاء وصحة الدماغ، قد يتمكن العلماء من تطوير أساليب علاجية جديدة تستهدف السبب الجذري للمرض، وليس فقط أعراضه.

الهجرة المميتة

أحد اللاعبين الرئيسيين في هذه العملية هو بطانة الأمعاء، وهي طبقة رقيقة من الخلايا تفصل الأمعاء عن مجرى الدم. عادة، تكون هذه البطانة غير قابلة للنفاذ، مما يمنع البكتيريا من العبور. ومع ذلك، عندما تعطل المضادات الحيوية ميكروبيوم الأمعاء، تصبح بطانة الأمعاء أكثر نفاذية، مما يسمح للكلبسيلا الرئوية بالمرور إلى مجري الدم.

وبمجرد وصولها إلى مجرى الدم، يمكن أن تنتقل الكلبسيلا الرئوية إلى الدماغ، حيث تؤدي إلى استجابة التهابية هائلة. تشبه هذه الاستجابة الدخان الذي يطلق إنذار الحريق، الذي ينبه جهاز المناعة. ومع ذلك، في حالة مرض ألزهايمر، يمكن أن تكون هذه الاستجابة ضارة، مما يؤدي إلى موت خلايا الدماغ وتطور المرض.

يسلط اكتشاف الباحثين الضوء على أهمية الحفاظ على سلامة بطانة الأمعاء والحفاظ على ميكروبيوم صحي في الأمعاء. ومن خلال القيام بذلك، يمكننا منع هجرة البكتيريا الضارة من الأمعاء إلى الدماغ، مما قد يقلل من خطر الإصابة بأمراض التنكس العصبي مثل مرض ألزهايمر.

المصادر

FSU researchers uncover new link between gut bacteria and Alzheimer’s disease | eurekalert

An Enteric Bacterial Infection Triggers Neuroinflammation and Neurobehavioral Impairment in 3xTg-AD Transgenic Mice | The Journal of Infectious Diseases

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
أخبار علمية

Share
Published by
أخبار علمية

Recent Posts

لغز “أطلانطس اليابان”: هل “هرم يوناجوني” الغارق يعيد كتابة تاريخ الحضارات الإنسانية؟

هرم يوناجوني": الحقيقة الكاملة للغز الياباني الذي يتحدى الأهرامات منذ اكتشافه صدفة عام 1986، تحوّل…

أسبوع واحد ago

جيمس واتسون.. رحيل العبقري الجدلي الذي غيّر وجه البيولوجيا للأبد

وداعاً "أيقونة الحمض النووي": جيمس واتسون ببالغ الحزن والتقدير، أعلن العالم عن رحيل أحد أبرز…

أسبوع واحد ago

“عاشق العلم بروح التصوف”.. رحيل الدكتور أحمد شوقي وإرث “كراسات علمية” الخالد

ببالغ الحزن والأسى، ودعت الأوساط الأكاديمية والعلمية في مصر والعالم العربي قامة من قامات الوراثة…

أسبوع واحد ago

نظرية “إعادة التدوير الحيوي” تكتسح “داروين” وتُعيد تعريف الحياة

الحياة منظومة تتجدد ذاتياً لا آلة عشوائية! في إنجاز تاريخي هزّ أركان علم الأحياء التطوري،…

أسبوع واحد ago

مملكة أورارتو القديمة: موقعها، تاريخها وأهم آثارها

تعد مملكة أورارتو واحدة من أبرز الحضارات الحديدية في الشرق القديم، إذ نشأت في القرن…

أسبوعين ago

المتحف المصري الكبير رمز لاستمرارية البصمة الجينومية للحضارة المصرية

لطالما مثلت مصر، بموقعها الاستراتيجي عند ملتقى قارات إفريقيا وآسيا وأوروبا، نقطة محورية للتفاعل البشري…

أسبوعين ago