...
Ad

يتعرض الأشخاص المصابون بداء السكري النوع الثاني ( type 2 diabetes) لخطر متزايد للإصابة بمرض الزهايمر والمشاكل المعرفية الأخرى. ولكن ماهي العلاقة بين مرض السكري و الزهايمر؟ ربما وجدت دراسة جديدة أجرتها جامعة أوميو بالسويد الإجابة على هذا السؤال. حيث اكتشف الباحثون أن الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني يواجهون صعوبة أكبر في التخلص من البروتين الذي قد يسبب مرض الزهايمر. هذا البروتين، المسمى بيتا أميلويد (beta-amyloids)، هو مكون رئيسي في اللويحات الموجودة في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر.

قد تكون نتائج هذه الدراسة مهمة لإجراء مزيد من الأبحاث حول العلاجات الممكنة لمواجهة خطر إصابة الأشخاص المصابين بداء السكري النوع الثاني بمرض الزهايمر. وكما يشير أولوف رولاندسون، الأستاذ الأول في قسم الصحة العامة والطب السريري بجامعة أوميا وقائد البحث فهناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد نتائج هذه الدراسة المحدودة. ونأمل، على المدى الطويل، أن تؤدي أيضًا إلى علاجات جديدة. لكن النتائج تسلط الضوء أيضًا على أهمية الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني قدر الإمكان، ويجب على الأشخاص المصابين به تجنب الإصابة بنوبات ارتفاع نسبة السكر في الدم.

مرض السكري والتدهور المعرفي

تعد العلاقة بين مرض السكري ومرض الزهايمر قضية ملحة حظيت باهتمام كبير في السنوات الأخيرة. لقد أظهرت الدراسات باستمرار أن الأشخاص المصابين بداء السكري النوع الثاني معرضون بشكل متزايد لخطر الإصابة بمرض الزهايمر وغيره من المشاكل المعرفية. ولكن ما الذي يكمن وراء هذا الارتباط المثير للقلق؟

أحد العوامل الحاسمة هو مقاومة الأنسولين التي تميز داء السكري النوع الثاني. عندما يصبح الجسم أقل استجابة للأنسولين، فإنه يكافح لتنظيم مستويات السكر في الدم، مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم. وهذا بدوره يمكن أن يكون له آثار مدمرة على الدماغ، مما يضعف الوظيفة الإدراكية والذاكرة.

وهناك عامل رئيسي آخر وهو الالتهاب، وهو السمة المميزة لكل من مرض السكري ومرض الزهايمر. حيث يمكن أن يؤدي الالتهاب المزمن إلى إتلاف خلايا الدماغ وتعطيل الاتصال بينها، مما يساهم في التدهور المعرفي.

العلاقة بين مرض السكري و الزهايمر

تاريخ البيتا أميلويد في أبحاث مرض الزهايمر

يعود اكتشاف البيتا أميلويد كعامل رئيسي في مرض الزهايمر إلى الثمانينيات. حيث تم التعرف على أجزاء البروتين هذه لأول مرة على أنها المكون الرئيسي للويحات الأميلويد الموجودة في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر. ومنذ ذلك الحين، يحاول الباحثون فهم دور البيتا أميلويد في تطور المرض.

يتم إنتاج البيتا أميلويد عندما يتم تكسير بروتين يسمى البروتين المنتج للمادة النشوانية (Amyloid-beta precursor protein (APP)). في الأدمغة السليمة، يتم تقسيم (APP) إلى أجزاء أصغر، بما في ذلك بيتا أميلويد، والتي يتم بعد ذلك إزالتها من الدماغ. ولكن، عند الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر، تتراكم البيتا أميلويد وتشكل ألياف غير قابلة للذوبان تلتصق ببعضها البعض، مما يؤدي إلى تكوين لويحات الأميلويد.

يُعتقد أن تراكم البيتا أميلويد في الدماغ يؤدي إلى سلسلة من الأحداث التي تؤدي في النهاية إلى موت خلايا الدماغ والتدهور المعرفي الذي يميز مرض الزهايمر. ولكن ما العلاقة بين البيتا أميلويد ومرض السكري من النوع الثاني؟

كيف يؤثر مرض السكري على إزالة البيتا أميلويد؟

لفهم سبب حدوث ذلك، دعونا نتعمق أكثر في الدراسة. عمل الباحثون مع مجموعتين حيث تحتوى الأولى على عشرة أشخاص مصابين بداء السكري النوع الثاني والثانية تحتوى على أحد عشر شخصًا غير مصابين بالسكري في المجموعة المرجعية (control group). وكان المشاركون تتراوح أعمارهم بين 66 و72 عامًا. قام العلماء بحقن كلا المجموعتين بالجلوكوز لمدة أربع ساعات، مما تسبب في ارتفاع حاد في سكر الدم. ثم أخذوا عينات دم متكررة من الأشخاص. وقاموا بقياس مستويات نوعين من بيتا أميلويد، (Aβ1-40) و(Aβ1-42)، في دم الأشخاص المصابين بداء السكري النوع الثاني والأشخاص الأصحاء. ونظروا أيضًا في مستويات الإنزيم الذي يكسر البيتا أميلويد

وكانت النتائج مذهلة. حيث انخفضت مستويات البيتا أميلويد بشكل حاد في المجموعة المرجعية، في حين ارتفعت مستويات الإنزيم الذي يكسر البيتا أميلويد. ولكن، في المجموعة المصابة بداء السكري النوع الثاني، لم تكن هناك تغييرات في مستويات البيتا أميلويد أو الإنزيم الذي يكسره. ويشير هذا إلى أن الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني لديهم ضعف في إزالة البيتا أميلويد من أجسامهم.

فكر في الأمر كنظام للتخلص من القمامة. في الأفراد الأصحاء، يمكن للجسم تكسير وإزالة بيتا أميلويد بكفاءة، وهي “القمامة” التي تتراكم في الدماغ. ولكن في الأشخاص المصابين بداء السكري النوع الثاني، لا يعمل هذا النظام بصورة صحيحة، مما يسمح للبيتا أميلويد بالتراكم وربما المساهمة في مرض الزهايمر.

العلاجات المحتملة واستراتيجيات الوقاية

أحد مجالات البحث الرئيسية هو استكشاف طرق لتعزيز قدرة الجسم الطبيعية على تحطيم البيتا أميلويد لدى الأشخاص المصابين بداء السكري النوع الثاني. قد يتضمن ذلك تطوير أدوية أو علاجات جديدة تستهدف الإنزيمات المسؤولة عن تحلل البيتا أميلويد. بالإضافة إلى ذلك، قد يبحث العلماء في كيفية تعديل علاجات مرض السكري الحالية أو دمجها لمعالجة خطر الإصابة بمرض الزهايمر بشكل أفضل.

علاوة على ذلك، تسلط النتائج الضوء على أهمية الوقاية من داء السكري النوع الثاني في المقام الأول. ويمكن تحقيق ذلك من خلال مجموعة من خيارات نمط الحياة الصحي، مثل الحفاظ على نظام غذائي متوازن وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، فضلا عن الكشف المبكر عن الحالة وإدارتها. من خلال اتخاذ خطوات استباقية للوقاية من داء السكري النوع الثاني أو إدارته، يمكن للأفراد تقليل خطر الإصابة بمرض الزهايمر وغيره من المشاكل المعرفية في وقت لاحق من الحياة بشكل كبير.

المصادر

Possible explanation for link between diabetes and Alzheimer’s | science daily

Acute Hyperglycemia Induced by Hyperglycemic Clamp Affects Plasma Amyloid-β in Type 2 Diabetes | IOS Press

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


طب صحة

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 298
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Seraphinite AcceleratorOptimized by Seraphinite Accelerator
Turns on site high speed to be attractive for people and search engines.