من المعروف أن أدمغتنا تخزن الذكريات. ومع ذلك، فقد قلبت دراسة حديثة نشرت في مجلة (Nature Communications) هذه الفكرة رأسا على عقب. حيث توصل فريق من العلماء إلى اكتشاف رائد يتحدى فهمنا لكيفية عمل الذاكرة. وقد وجد الباحثون أن الخلايا من أجزاء أخرى من الجسم، مثل أنسجة الأعصاب والكلى، قادرة أيضًا على التعلم وتكوين الذكريات. حيث أن جينات تكوين الذكريات غير حصرية في الدماغ فقط.
محتويات المقال :
على مدى قرون، انبهر العلماء والفلاسفة بالأعمال المعقدة للدماغ البشري، وخاصة دوره في تخزين واسترجاع الذكريات. لقد تم قبول فكرة أن الدماغ هو المكان الوحيد لتخزين الذكريات منذ فترة طويلة كحقيقة. ولكن ماذا لو كان هذا الافتراض مجرد أسطورة؟ ماذا لو كانت خلايا أخرى في الجسم، خارج الدماغ، تمتلك أيضًا القدرة على تكوين الذكريات وتخزينها؟
تمت دراسة مفهوم الذاكرة على نطاق واسع في سياق وظيفة الدماغ، حيث اكتشف الباحثون التشابكات العصبية المعقدة التي تكمن وراء التعلم والذاكرة. ومع ذلك، فإن هذا التركيز الضيق على الدماغ أدى إلى إهمال الخلايا والأنسجة الأخرى التي قد تكون أيضًا قادرة على تخزين المعلومات واسترجاعها.
في الواقع، يتكون جسم الإنسان من تريليونات الخلايا، ولكل منها وظائفها وخصائصها الفريدة. في حين أن الدماغ هو بلا شك مركز القيادة لجهازنا العصبي، إلا أنه ليس العضو أو النسيج الوحيد الذي يعالج المحفزات الخارجية ويستجيب لها. إن أجسادنا قادرة على التكيف مع التغيرات في بيئتنا، والتعلم من تجارب الماضي، وتخزين هذه المعلومات للرجوع إليها في المستقبل.
إن فكرة أن الذاكرة لا تقتصر على الدماغ ليست جديدة تمامًا. أظهرت الأبحاث أن خلايا معينة في جهاز المناعة لدينا، مثل الخلايا التائية، يمكنها أن تتذكر مسببات أمراض محددة وتقوم باستجابة مناعية عند مواجهاتها اللاحقة. وبالمثل، يمكن لبعض الخلايا في أمعائنا أن تتذكر أنماط تناول الطعام وتعديل عملية الهضم وفقًا لذلك. ومع ذلك، فقد تم التغاضي إلى حد كبير عن فكرة أن هذه الخلايا يمكن أن تشكل ذكريات بطريقة مشابهة لخلايا الدماغ.
سعى البحث لفهم إذا كانت الخلايا غير الدماغية تساعد في الذاكرة من خلال اقتراض خاصية عصبية راسخة منذ فترة طويلة تسمى تأثير التباعد (the massed-spaced effect).
إن تأثير التباعد هو ظاهرة تثبت أن التعلم يكون أكثر فعالية عندما تكون جلسات الدراسة متباعدة على مدار الوقت بدلاً من تكديسها في جلسة واحدة مكثفة، تعرف باسم التحضير للاختبار. وذلك لأن التكرار المتباعد يقوي الروابط العصبية ويحسن تكوين الذاكرة طويلة المدى.
قام العلماء بتكرار التعلم بمرور الوقت من خلال دراسة نوعين من الخلايا البشرية غير الدماغية في المختبر (واحدة من الأنسجة العصبية وواحدة من أنسجة الكلى). وقاموا بتعريضها لأنماط مختلفة من الإشارات الكيميائية، لمحاكاة الطريقة التي تتلقى بها خلايا الدماغ أنماط الناقلات العصبية عندما نتعلم أشياء جديدة.
وردًا على ذلك، قامت الخلايا غير الدماغية بتشغيل “جين الذاكرة”، وهو نفس الجين الذي تقوم الخلايا الدماغية بتشغيله عندما تكتشف نمطًا في المعلومات وتعيد هيكلة اتصالاتها من أجل تكوين الذكريات.
ولمراقبة هذه العملية، قام العلماء بهندسة الخلايا لإنتاج بروتين متوهج، يشير إلى متى يتم تشغيل جين الذاكرة ومتى يتم إيقافه.
أظهرت النتائج أن هذه الخلايا يمكن أن تحدد متى تتكرر النبضات الكيميائية، التي تحاكي اندفاعات الناقل العصبي في الدماغ، بدلاً من مجرد إطالتها، تماماً كما يمكن للخلايا العصبية في دماغنا أن تسجل متى نتعلم من خلال فترات الراحة بدلاً من تكديس كل المواد في جلسة واحدة.
وعلى وجه التحديد، عندما تم تلقي النبضات في فترات متباعدة، فإنها قامت بتشغيل “جين الذاكرة” بشكل أقوى، ولفترة أطول، مما كانت عليه عندما تم تلقيها في وقت واحد.
يعكس هذا تأثير التباعد أثناء عمله. ويُظهر أن القدرة على التعلم من التكرار المتباعد ليست فريدة من نوعها بالنسبة لخلايا المخ، بل إنها في الواقع قد تكون خاصية أساسية لجميع الخلايا.
إن هذا اكتشاف يفتح إمكانيات مثيرة لتعزيز الذاكرة وعلاجها. حيث يمكن أن نكون قادرين على تسخير خلايا الجسم لتحويلها إلى خلايا دماغية.
وفي المستقبل، قد يؤدي هذا الإنجاز إلى تطوير علاجات جديدة للاضطرابات المرتبطة بالذاكرة، مثل مرض الزهايمر ومرض باركنسون. ومن خلال فهم كيفية عمل الخلايا غير الدماغية، قد يتمكن العلماء من إنشاء علاجات جديدة تستهدف هذه الخلايا، وليس الدماغ فقط.
علاوة على ذلك، يمكن أن يكون لهذا الاكتشاف أيضًا آثار على التعلم. ومن خلال فهم كيفية تحسين عملية التعلم في الخلايا غير الدماغية، قد يتمكن المعلمون والباحثون من تطوير تقنيات جديدة لتحسين نتائج التعلم وتعزيز الذاكرة.
Memories are not only in the brain, human cell study finds | medicalxpress
The massed-spaced learning effect in non-neural human cells | nature communication
لقد هنأ الرؤساء التنفيذيون لشركات التكنولوجيا الكبرى الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب. وعلى الرغم من…
لقد استخدم العلماء تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST) لاكتشاف ثقب أسود ضخم يتخطى حد إدينغتون.…
على مدى قرون، تم تصوير الفايكنج على أنهم محاربون متوحشون ومتعطشون للدماء ويميلون إلى الإغارة…
تتصدر نماذج اللغة الكبيرة عناوين الأخبار بفضل قدراتها المثيرة للإعجاب. ولكن دراسة جديدة كشفت أن…
حقق باحثون من المملكة المتحدة والولايات المتحدة اكتشافًا رائدًا، باستخدام الذكاء الاصطناعي للكشف عن سر…
في اكتشاف رائد، حدد علماء الفلك نجمًا نيوترونيًا يدور بسرعة رهيبة تساوي 716 مرة في…