فضاء

تلسكوب هابل يرصد عملية سرقة كونية ترتكبها مجرتنا!

شهد الكون مشهدًا مذهلًا، حيث تم القبض على مجرة درب التبانة بالجرم المشهود. لقد قامت مجرتنا بسرقة غاز سحابة ماجلان الكبرى. تم الكشف عن هذه السرقة الكونية من قبل فريق من علماء الفلك من وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، الذين استخدموا تلسكوب هابل الفضائي لكشف هالة سحابة ماجلان الكبرى المستنفدة.

تقع مجرة ​​سحابة ماجلان الكبرى على بعد 160 ألف سنة ضوئية فقط. وهي مجرة ​​قزمة يُعتقد أنها تمر بجوار درب التبانة، بدلا من أن تكون في مدار حولها. وقد أدى هذا اللقاء بالصدفة إلى تضاؤل ​​هالة المجرة بشدة، حيث تم سحب غازها بعيدًا بواسطة قوة جاذبية مجرة ​​درب التبانة.

وقد سلطت النتائج التي توصل إليها الفريق، والتي تم قبولها للنشر في (The Astrophysical Journal Letters)، الضوء على الديناميكيات المعقدة للتفاعلات المجرية، وكشفت عن الدور المهيمن لمجرة درب التبانة في تشكيل مصير رفاقها الأصغر.

تجريد المجرات القزمة من غازها

سحابة ماجلان الكبرى هي مجرة ​​قزمة على علاقة بمجرة درب التبانة. هذه العلاقة شكلت مصير سحابة ماجلان الكبرى لمليارات السنين.

أثناء مرور سحابة ماجلان الكبرى بجوار درب التبانة، فإنها تتعرض لقوى جاذبية هائلة تجردها ببطء من غازها. هذا الغاز هو المادة الخام لتكوين النجوم، وبدونه، ستكون قدرة سحابة ماجلان الكبرى على تكوين نجوم جديدة محدودة للغاية. إن هذه المجرة ​​ليست وحدها التي تواجه هذا المصير، حيث يُعتقد أن العديد من المجرات القزمة في الكون قد عانت من مصير مماثل.

في الواقع، يعتقد علماء الفلك أن العديد من النجوم في هالة درب التبانة كانت ذات يوم جزءًا من المجرات القزمة مثل سحابة ماجلان الكبرى. وقد تمزقت هذه المجرات أو اندمجت مع مجرة ​​درب التبانة، تاركة وراءها سلسلة من النجوم التي تدور الآن حول مجرتنا. ومع ذلك، فإن سحابة ماجلان الكبرى مختلفة. وهي واحدة من أكبر المجرات القزمة في محيط درب التبانة، وقد أتاح قربها من مجرتنا لعلماء الفلك دراستها بتفاصيل غير مسبوقة.

تلسكوب هابل يكشف سرقة غاز سحابة ماجلان الكبرى

لنقل أنك تحاول التقاط صورة لشخص يختبئ خلف ستارة. لا يمكنك رؤية وجهه، لكن يمكنك معرفة أنه هناك من خلال حركة الستارة وتموجاتها. وهذا تقريبًا ما فعله فريق علماء الفلك للكشف عن هالة الغاز المخفية المحيطة بسحابة ماجلان الكبرى. ومن خلال مراقبة الضوء فوق البنفسجي المنبعث من 28 نجمًا زائفًا (كويزار) بعيدًا يسطع عبر الغاز، تمكنوا من رسم خريطة لوجود الهالة ومداها.

وقد لعب تلسكوب هابل الفضائي دورًا حاسمًا في هذه العملية، فهو التلسكوب الفضائي الوحيد القادر على اكتشاف الأطوال الموجية المحددة للضوء التي يمتصها الغاز أثناء مروره عبر الفضاء المتداخل. سمح هذا للفريق ببناء صورة لهالة سحابة ماجلان الكبرى، وكشفوا عن حجمها الصغير المثير للدهشة، حيث يبلغ قطرها 50,000 سنة ضوئية فقط. ورغم أن هذا يبدو هائلاً، إلا أنه أصغر بنحو 10 مرات مما يتوقعه علماء الفلك بالنسبة لمجرات ذات كتلة مماثلة.

ولكن كيف عرف الفريق ما كانوا يبحثون عنه في المقام الأول؟ تكمن الإجابة في فهم الطريقة التي تتفاعل بها المجرات مع بعضها البعض. عندما تصطدم مجرتان أو تمران بالقرب من بعضهما البعض، يمكنهما تبادل الغازات وحتى النجوم. في هذه الحالة، أدت الجاذبية الهائلة لمجرة درب التبانة إلى تجريد المجرة القزمة من غازها، تاركة وراءها هالة أصغر بكثير من المتوقع.

Related Post

صمود سحابة ماجلان الكبرى

أدى اللقاء بين المجرتين إلى سرقة معظم غازها، لكنها لم تُهزم. وعلى الرغم من فقدان كمية كبيرة من الغاز، فقد أظهرت سحابة ماجلان الكبرى مرونة مثيرة للإعجاب، وقدرتها على الاستمرار في تشكيل نجوم جديدة هي شهادة على قوتها. ولهذا الاكتشاف آثار مهمة على فهمنا لتطور المجرات ودور الغاز في تكوين النجوم.

تعد قدرة سحابة ماجلان الكبرى على الاحتفاظ بالغاز المتبقي أمرًا ضروريًا لبقائها، وهي تذكير بأنه حتى في البيئة القاسية للمجرة، تجد الحياة طريقة للازدهار. لم تكن لتدوم أي مجرة ​​أصغر حجمًا، حيث لن يتبقى أي غاز، فقط مجموعة من النجوم الحمراء المتقدمة في السن.

ويعتقد الفريق أن سحابة ماجلان الكبرى آمنة في الوقت الحالي. فبعد أن تجاوزت للتو أقرب نقطة لها، من غير المرجح أن يتم سرقة بقية هالة المجرة القزمة، في حين أن الغاز الذي تم تجريده بالفعل سوف يسقط في نهاية المطاف إلى مجرة ​​درب التبانة. ومن المقرر إجراء المزيد من الملاحظات على منطقة مختلفة من سحابة ماجلان الكبرى.

المصادر

The LMC Just Made A Close Approach To Our Galaxy, And Hubble Saw The Aftermath | iflscience

The Truncated Circumgalactic Medium of the Large Magellanic Cloud | arxiv

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
أخبار علمية

Share
Published by
أخبار علمية

Recent Posts

إعادة إحياء جين بشري قديم: ثورة محتملة في علاج “داء الملوك”

خطوة هائلة إلى الأمام في مجال الطب التجديدي والعلاجات الجينية يُعرف مرض النقرس (Gout) باسم…

8 ساعات ago

“القمر الدموي” يزين سماء مصر والوطن العربي.. أطول خسوف قمري في القرن الحادي والعشرين

يترقب عشاق الفلك في جميع أنحاء العالم، وخاصة في المنطقة العربية، حدثاً فلكياً نادراً ومثيراً…

يوم واحد ago

أسرار “الذهب الأسود”: القهوة العربية.. كنز علاجي لمكافحة السكري ومفتاح للسعادة

ارتبطت القهوة، هذا المشروب العتيق الذي يوقظ الحواس ويدفئ الأرواح، بالطقوس الصباحية واللقاءات الاجتماعية. لكن…

3 أيام ago

القاهرة عاصمة الابتكار الأفريقية: جامعة القاهرة تتصدر المشهد بحضور أكاديمي رفيع من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا

في إنجاز علمي وتكنولوجي جديد يؤكد على مكانة مصر المتنامية كمركز إقليمي ودولي للابتكار، أعلنت…

4 أيام ago

التكاثر في الفضاء: حلم المستقبل أم كابوس الأجيال القادمة؟

دراسة يابانية رائدة تفتح آفاقاً جديدة وتثير مخاوف جوهرية كان التوسع خارج كوكب الأرض حلماً…

5 أيام ago

ثورة الأنسجة الذكية: علماء يبتكرون حاسوبًا متكاملًا في خيط قماش قابل للغسل!

لوقت طويل كانت الأنسجة الذكية حلمًا يراود العلماء والمبتكرين، ومؤخرا، تطورت فكرة دمج التكنولوجيا المتطورة…

6 أيام ago