فلسفة

تقييم الحجة لممارسة التفكير النقدي

تقييم الحجة لممارسة التفكير النقدي

تتبع الحجج المُقنعة هيكلًا وتركيبًا معينًا، لذلك من السهل عادةً معرفة ما إذا كنت تستمع إلى حُجة مُقنعة أم لا. والهيكل المنطقي للحُجة بسيط جدًا ولكنه قوي جدًا في ذات الوقت. نجمع الأشياء التي نعرفها، أو نعتقد أنها صحيحة حول قضية ما، ثم نحاول وضع هذه الأشياء معًا بطريقة متماسكة في ترتيب معيّن بحيث تقودنا إلى نتيجة.

الأشياء التي نعتقد أنها قد تكون صحيحة تسمى “مقدمات منطقية – PREMISES”. نُدرجها بالتسلسل المنطقي الذي نعتقد بسهولة فهم الآخرين له. وينتهي هذا التسلسل بـ “الخلاصة-CONCLUSION”، فهو نقطة نهاية منطقنا، على الأقل لتلك الحجة بعينها.

تقييم الحجة لممارسة التفكير النقدي

ندعو التحرك من المقدمة إلى الخلاصة “بالاستنتاج-REFERRING”، فلو عدنا لمثال السمك الطائر كمحاججة سنجد أن “أ” لديه مقدمتين، الأولى هي أن “زعانف السمكة أطول وأخف وتتصل بعضلات أقوى” والثانية هي أن “ذيل تلك السمكة يضرب الماء بقوة تدفعها خارج الماء لأمتار قليلة”، وتلك المقدمتين هما اللتين دفعتانا إلى الاستنتاج بأن السمك الذي يأكله “ب” يمكنه الطيران!

الآن نعلم بأن حُجة “أ” لها مقدمة وخلاصة قادتا عملية الاستنتاج، ولكن كيف نعرف أنها حُجة صحيحة؟

يمكننا تقييم الحجج بطريقتين، هيا بنا لنعرفهما.

1. فحص المقدمات

المقدمة الأولى

لنتأكد من صحة المقدمات التي استخدمها “أ” في مثاله إن كانت حقيقة أم لا، هل “زعانف السمكة أطول وأخف وتتصل بعضلات أقوى”، تدفعنا تلك الحُجة لطرح عدة أسئلة، فهل طول وخفة الزعانف تساهم بالأساس في عملية الطيران؟ وإن كانت كذلك، فهل طول وخفة زعانف تلك الأسماك كافي حقًا للطيران؟ كيف نعرف أن العضلات التي تتصل بتلك الزعانف أقوى؟

المقدمة الثانية

ولننظر للمُقدمة الثانية التي استخدمها “أ”، “ذيل تلك السمكة يضرب الماء بقوة تدفعها خارج الماء لأمتار قليلة”، ستدفعنا تلك المقدمة أيضًا لطرح عدة أسئلة، مثل كيف نقيس قوة ضرب ذيل تلك السمكة بالماء لنقييّمها؟ وهل يعتمد طيران السمكة فوق الماء على قوة ضربة الذيل فقط أم أن اتجاه الضربة يساهم أيضًا بدفعها خارج الماء؟ هل تضرب السمكة الماء في الاتجاه الصحيح كي تتمكن من الطيران؟ وغيرها من الأسئلة.

إن وضع المقدمات تحت المنظار وتقييمها وطرح الأسئلة حول مدى صحتها بهذا الشكل هو ما سيمكننا من تقييم تلك الحُجة.

Related Post

2. قوة المسار بين المقدمات والخلاصة

هل استخلصنا النتيجة أو الخلاصة بسهولة من المقدمات؟
إن كانت المقدمات صحيحة فربما لدينا بعض الثقة في النتيجة أو الخلاصة، أي أن صحة المقدمات وانسياب النتيجة منطقيًا منها سيؤدي إلى “حُجة صالحة”، لكن إن لم يحدث هذا فـ “الحُجة باطلة”.

إن كانت الحُجة كالآتي مثلا:
– مقدمة أولى: “زعانف السمكة أطول وأخف وتتصل بعضلات أقوى”
– مقدمة ثانية: “ذيل تلك السمكة يضرب الماء بقوة تدفعها خارج الماء لأمتار قليلة”
– النتيجة / الخلاصة: “تلك السمكة طعمها سيء!”

فمن الواضح أن الحُجة باطلة، فلا مسار منطقي يدفعك لهذه النتيجة بداخل المقدمتين المذكورتين!

إن كانت الحجة ذات مقدمات صحيحة، وتنساب عبر مسار منطقي من التسلسل إلى النتيجة أو الخلاصة، فهي “حجة صالحة وتبدو صحيحة”، بالتالي فهي حجة مقبولة.

مصطلحات فلسفية

كما قرأت بالأعلى، فهناك مجموعة مصطلحات مكنتنا من الحُكم على الحُجة التي نسمعها، مثل:
– مقدمات
– نتائج
– تسلسل منطقي
– حجة:
– صالحة / باطلة
– تبدو صحيحة/تبدو خاطئة
– مقبولة/مرفوضة

مثال من نقاش يومي

  • ليلى: “يا إلهي، لقد سقطت القهوة على ملابسي!”
  • آدم: “تفضلي هذا المنديل، لا تقلقي، فسقوط القهوة يجلب الخير”

    كما سمعت، لا علاقة بين المقدمات والنتيجة، ويمكن منح آدم لقب “صاحب الحُجة الحمقاء” فهو يتفاءل بأشياء غير منطقية ولا يجب التعامل مع تفاؤله بجدية بأي حال من الأحوال.

مصادر:

Thoughco
Futurelearn
Coursera
Edx

Author: abdalla taha

أحب القراءة ومتابعة العلوم.

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
abdalla taha

أحب القراءة ومتابعة العلوم.

View Comments

Share
Published by
abdalla taha

Recent Posts

أسرار “الذهب الأسود”: القهوة العربية.. كنز علاجي لمكافحة السكري ومفتاح للسعادة

ارتبطت القهوة، هذا المشروب العتيق الذي يوقظ الحواس ويدفئ الأرواح، بالطقوس الصباحية واللقاءات الاجتماعية. لكن…

يومين ago

القاهرة عاصمة الابتكار الأفريقية: جامعة القاهرة تتصدر المشهد بحضور أكاديمي رفيع من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا

في إنجاز علمي وتكنولوجي جديد يؤكد على مكانة مصر المتنامية كمركز إقليمي ودولي للابتكار، أعلنت…

يومين ago

التكاثر في الفضاء: حلم المستقبل أم كابوس الأجيال القادمة؟

دراسة يابانية رائدة تفتح آفاقاً جديدة وتثير مخاوف جوهرية كان التوسع خارج كوكب الأرض حلماً…

4 أيام ago

ثورة الأنسجة الذكية: علماء يبتكرون حاسوبًا متكاملًا في خيط قماش قابل للغسل!

لوقت طويل كانت الأنسجة الذكية حلمًا يراود العلماء والمبتكرين، ومؤخرا، تطورت فكرة دمج التكنولوجيا المتطورة…

5 أيام ago

حلم “أفاتار” يصبح حقيقة: علماء صينيون يبتكرون نباتات عصارية تضيء الظلام

لم يعد مشهد الغابات المتلألئة في فيلم "أفاتار" مجرد خيال علمي بعيد المنال، بل بات…

6 أيام ago

المصريون والذكاء الاصطناعي: ثورة تكنولوجية وثقة متزايدة

أظهرت دراسة شملت 47 دولة حول العالم أن المصريين هم رابع أكبر الشعوب استخدامًا للذكاء…

7 أيام ago