تطوير أول بطارية ألماس نووية يمكنها العمل لآلاف السنين!

قام العلماء من جامعة بريستول في المملكة المتحدة بتطوير أول بطارية تعمل بالطاقة النووية في العالم تستخدم نظيرًا مشعًا مدمجًا في الماس. ويعمل الفريق الذي يقف وراء الاختراع على هذا المشروع منذ عام 2017، عندما أظهر لأول مرة نموذجًا أوليًا لبطارية ألماس نووية باستخدام النيكل 63 كمصدر مشع. وهذه المرة، قاموا بتطوير بطارية مصنوعة من نظائر الكربون 14 المشعة المدمجة في الماس المصنع.

ومع نصف عمر يصل إلى 5730 عامًا، قد تستغرق البطارية آلاف السنين لتستنفد الطاقة بنسبة 50%، مما يجعلها خيارًا جذابًا لتشغيل الأجهزة في السفر إلى الفضاء، والمعدات الطبية، وحتى أجهزة الأشعة السينية.

كيف تنتج النظائر المشعة الكهرباء؟

تعتمد بطارية الماس النووية الرائدة على مزيج مبتكر من النظائر المشعة والماس لتوليد الكهرباء. يعمل هذا الثنائي غير المتوقع في تناغم لإنشاء مصدر طاقة مكتفي ذاتيًا يمكن أن يستمر لآلاف السنين.

تعمل بطارية الماس النووية باستخدام التحلل الإشعاعي للكربون 14، الذي يبلغ نصف عمره 5700 عام، لتوليد مستويات منخفضة من الطاقة. وتعمل البطارية بشكل مشابه للألواح الشمسية، التي تحول الضوء إلى كهرباء، ولكن بدلاً من استخدام جزيئات الضوء (الفوتونات)، فإنها تقوم بالتقاط الإلكترونات سريعة الحركة من داخل بنية الماس.

جمال هذا التصميم هو أنه لا يحتاج إلى صيانة، ولا أجزاء متحركة، ولا مدخلات للطاقة. وتحدث عملية التحلل الإشعاعي بشكل طبيعي، ويستطيع الألماس تحويل هذه الطاقة إلى كهرباء دون أي مساعدة خارجية. وهذا يعني أن البطارية يمكن أن تعمل بشكل مستمر، دون أي توقف أو الحاجة إلى إعادة الشحن.

بطارية الألماس النووية حقوق الصورة: جامعة بريستول

الكربون 14

يتواجد الكربون 14 بشكل طبيعي، ولكنه يتولد بكميات وفيرة في كتل الجرافيت المستخدمة للتحكم في محطات الطاقة النووية. وقد وجد الباحثون أن النمط المتماثل يتركز على سطح هذه الكتل.

وقد اختار الباحثون الكربون 14 كمصدر للمواد لأنه يصدر إشعاعات قصيرة المدى، والتي يتم امتصاصها بسرعة بواسطة أي مادة صلبة. وهذا يعني أنه لا توجد مخاوف بشأن الضرر الناجم عن الإشعاع. وعلى الرغم من أن الكربون 14 قد يكون خطيرًا عند تناوله أو لمسه باليدين العاريتين، فإن الماس الذي يحمله يمنع أي إشعاع قصير المدى من الهروب.

ما مقدار الطاقة التي يمكن أن تنتجها هذه البطارية؟

إن بطارية الماس النووية التي تحتوي على جرام واحد فقط من الكربون-14 تولد 15 جول من الكهرباء يومياً. وعلى النقيض من ذلك، تخزن بطارية AA القلوية النموذجية التي تزن 20 جراماً 700 جول لكل جرام. إنها توفر طاقة أكبر من البطارية النووية الماسية على المدى القصير، ولكنها ستستنفد خلال 24 ساعة.

ويبلغ عمر النصف للكربون 14 في هذه البطاريات 5730 عامًا، وهذا يعني أن الأمر سيستغرق هذه المدة الطويلة حتى ينخفض ​​إنتاج البطارية بمقدار النصف – وهو إطار زمني مماثل لعمر أقدم الحضارات. وكنقطة مقارنة أخرى، فإن مركبة فضائية تعمل ببطارية ألماس من الكربون-14 ستصل إلى رجل قنطورس (Alpha Centauri)، أقرب جار نجمي إلينا، والذي يبعد حوالي 4.4 سنة ضوئية عن الأرض – قبل وقت طويل من استنفاد طاقتها بشكل كبير.

Related Post

تطبيقات بطارية الألماس النووية المحتملة

في المجال الطبي، تستطيع بطاريات ألماس النووية تشغيل أجهزة تنظيم ضربات القلب وغيرها من الأجهزة المنقذة للحياة لسنوات قادمة، مما يحرر المرضى من الحاجة إلى عمليات استبدال جراحية متكررة. ويمكن أيضًا أن تستفيد أجهزة الأشعة السينية وغيرها من المعدات الطبية من هذه التكنولوجيا، مما يمكّن الأطباء من تقديم رعاية أفضل مع تقليل وقت التوقف عن العمل.

وفي استكشاف الفضاء، قد تستخدم بطاريات الألماس النووية لتشغيل المركبات الفضائية والأقمار الصناعية، مما يسمح لها بالسفر لمسافات أبعد وجمع المزيد من البيانات دون الحاجة إلى إعادة الشحن أو الاستبدال. وهذا يمكن أن يؤدي إلى اكتشافات رائدة وفهم أعمق لكوننا.

كما يمكن لهذه البطاريات تشغيل كل شيء بدءًا من الأجهزة المنزلية الذكية وحتى الأجهزة القابلة للارتداء، مما يحررنا من الحاجة المستمرة لإعادة الشحن ويمكّننا من العيش بكفاءة أكبر. ومع القدرة على تتبع وتحديد الأجهزة والحمولات على الأرض وفي الفضاء، فإن إمكانيات الابتكار والتقدم لا حصر لها.

المصادر

World’s 1st nuclear-diamond battery of its kind could power devices for 1000s of years | live science

Scientists and engineers produce world’s first carbon-14 diamond battery with potential lifespan of thousands of years | University of Bristol

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
أخبار علمية

Share
Published by
أخبار علمية

Recent Posts

“سبايكوميلوس”: ديناصور المغرب المدرع يغير قواعد اللعبة وأسرار لم تُكشف بعد!

في قلب جبال الأطلس المغربية، وعلى بعد أميال من بلدة بولمان الهادئة، يكمن كنزٌ جيولوجي…

18 ساعة ago

من الخلية إلى الكيوبت: ثورة في علوم الأحياء تقودها الفيزياء الكمومية

لطالما ساد اعتقاد في الأوساط العلمية بأن عالم الفيزياء الكمومية (Quantum Physics) الذي يحكم سلوك…

يومين ago

هل يعيد الذيل الروبوتي الياباني الذيل الذي خسرناه في طريقنا للتطور؟

هل أنت مستعد لارتداء ذيلك من جديد؟ ثورة في عالم الحركة البشرية أم مجرد فضول…

3 أيام ago

هل يمكن لمصر تكرار نموذج جامعة هارفارد؟: كيف تتحوّل الجامعة إلى قاطرة اقتصادية تُحرك اقتصادات الأمة؟

"البحث العلمي كمحرك للاقتصاد".. محاضرة تضيء الطريق في عالم اليوم، لم يعد تقييم الأمم يقتصر…

أسبوع واحد ago

تلاشي كروموسوم “واي”.. هل يكتب نهاية مبكرة لقصة حياة الرجل؟

كانت رحلة الإنسان مع الحياة أشبه بنهرٍ يتدفق، يحمل في طياته أسرارًا بيولوجية عميقة، بعضها…

أسبوع واحد ago

أول روبوت حامل في العالم: ثورة علمية أم جدل أخلاقي؟

في عالم يتسارع فيه الابتكار، تبرز مشاريع علمية تثير الدهشة والجدل في آن واحد. فلطالما…

أسبوعين ago