تحدث إلي ذاتك المستقبلية باستخدام الذكاء الاصطناعي!

التحدث إلي ذاتك المستقبلية

هل أردت يومًا أن تسافر عبر الزمن لترى كيف قد يكون شكلك في المستقبل؟ الآن، بفضل قوة الذكاء الاصطناعي المولد، أصبح بإمكانك فعل ذلك. حيث طور باحثون في (MIT Media Lab) ومتعاونون دوليون بوت دردشة ثوري يعمل بالذكاء الاصطناعي يسمى (Future You) يُمكِنك من التحدث إلي ذاتك المستقبلية. يمكنك تجربة بوت الدردشة من هنا

تتيح هذه التقنية المبتكرة للمستخدمين التفاعل مع نسخة مستقبلية لأنفسهم تتراوح بين 60 و70 عامًا، مع استكمال الصورة الرمزية لوجههم المستقبلي. تم شرح المشروع بالتفصيل في ورقة بحثية نُشرت في الأول من أكتوبر في قاعدة بيانات ما قبل الطباعة (arXiv).

قام المشروع بتجنيد 344 متحدثًا باللغة الإنجليزية تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا، والذين تفاعلوا مع تصوراتهم عن أنفسهم المستقبلية لمدة تتراوح بين 10 و30 دقيقة. وأظهرت النتائج انخفاضًا في مستويات القلق المبلغ عنها ذاتيًا، وزيادة في التحفيز، وإحساس أقوى بالارتباط مع ذواتهم المستقبلية.

محتويات المقال :

الوعي الذاتي المستقبلي

لقد تمت دراسة مفهوم الوعي الذاتي المستقبلي على نطاق واسع في مجال علم النفس، حيث اكتشف الباحثون كيف يؤثر تصورنا لأنفسنا المستقبلية على اتخاذ القرار والسلوك لدينا. أظهرت الأبحاث أن الشعور الأقوى باستمرارية الذات في المستقبل يمكن أن يؤثر بشكل إيجابي على كيفية اتخاذ الأشخاص للقرارات طويلة الأجل، من احتمالية مساهمة المرء في المدخرات المالية إلى تركيزه على تحقيق النجاح الأكاديمي.

في جوهره، الوعي الذاتي المستقبلي هو القدرة على تخيل أنفسنا في المستقبل والتواصل معها، مع إدراك أن أفعالنا الحالية سيكون لها عواقب في السنوات القادمة. يتيح لنا هذا الوعي اتخاذ قرارات أكثر استنارة، قرارات تتماشى مع أهدافنا وقيمنا طويلة المدى.

التواصل مع الذات المستقبلية

تعود الدراسات حول تصور الذات المستقبلية إلى ستينيات القرن العشرين على الأقل. كانت إحدى الطرق المبكرة التي تهدف إلى تحسين استمرارية الذات المستقبلية هي أن يكتب الناس رسائل إلى أنفسهم المستقبلية. وفي الآونة الأخيرة، استخدم الباحثون نظارات الواقع الافتراضي لمساعدة الناس على تصور نسخ مستقبلية من أنفسهم. لكن لم تكن أي من هذه الطرق تفاعلية، مما يحد من التأثير الذي يمكن أن تحدثه على المستخدم.

ومع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي ونماذج اللغة الكبيرة مثل (ChatGPT)، رأى الباحثون فرصة لإنشاء محاكاة للذات المستقبلية يمكنها مناقشة أهداف وتطلعات شخص ما الفعلية أثناء محادثة عادية. يجعل النظام المحاكاة واقعية للغاية.

طريقة صنع نسختك المسنة

المكون الأول من (Future You) هو نموذج توليد الصور المسمى (StyleClip). بعد أن يقوم المستخدم بتحميل صورة شخصية، يستخدم النظام نماذج التقدم في العمر للتنبؤ بمظهره في سن الستين، مع إضافة ميزات مثل التجاعيد والشعر الرمادي. كما تم تصميم بوت الدردشة لتوفير إجابات تفاعلية باستخدام عبارات مثل “عندما كنت في عمرك”، لذلك تبدو المحاكاة أكثر مثل نسخة مستقبلية فعلية من الفرد.

تأتي بيانات التدريب لبوت الدردشة (Future You) من البيانات التي يقدمها المستخدم عند طرح أسئلة حول الحالة الحالية لحياته وتفاصيله الديموغرافية وأهدافه ومخاوفه بشأن مستقبله. كما تم تدريبه على بيانات واسعة النطاق تتضمن أشخاصًا يتحدثون عن حياتهم ووظائفهم وتجاربهم الجيدة والسيئة

يوجد في قلب بوت الدردشة الخاص بـ (Future You) نموذج لغة يسمى (GPT-3.5)، تم تطويره بواسطة (OpenAI). تم تدريب هذا النموذج على مجموعة بيانات ضخمة من اللغة البشرية، مما يسمح له بإنشاء بنية أطلق عليها الباحثون اسم “ذاكرة المستقبل”. ولكن ما يجعل (GPT-3.5) مميزًا حقًا هو قدرته على التعلم والتكيف مع البيانات الجديدة، مما يمكنه من تحسين استجاباته بمرور الوقت.

ويهدف النظام إلى مساعدة الشباب على تحسين شعورهم باستمرارية الذات في المستقبل (future self-continuity)، وهو مفهوم نفسي يصف مدى ارتباط الشخص بذاته المستقبلية.

التحدث إلي ذاتك المستقبلية

كيف يعمل Future You؟

يستخدم نظام الذكاء الاصطناعي المعلومات التي حصل عليها من المستخدم لإنشاء ما يسميه الباحثون “ذكريات الذات المستقبلية”. والتي توفر قصة خلفية يستمدها النموذج عند التفاعل مع المستخدم. على سبيل المثال، يمكن لبرنامج الدردشة الآلي التحدث عن أبرز ما في مهنة شخص في المستقبل أو الإجابة على أسئلة حول كيفية التغلب على المستخدم لتحدٍ معين.

يتفاعل المستخدم مع الأداة بطريقتين. من خلال الاستبطان، عندما يفكر في حياته وأهدافه أثناء بناء ذاته المستقبلية، وإستعراض للأحداث الماضية، عندما يفكر فيما إذا كانت المحاكاة تعكس من يرى نفسه يصبح.

إن المكونات التفاعلية والحيوية للمنصة تمنح المستخدم نقطة ارتكاز وتأخذ شيئًا يمكن أن يؤدي إلى التفكير القلق وتجعله أكثر واقعية وإنتاجية. لكن هذه الواقعية قد تأتي بنتائج عكسية إذا تحركت المحاكاة في اتجاه سلبي. لمنع هذا، فإنهم يضمنون أن يُحذر (Future You) المستخدمين من أنه يظهر نسخة محتملة واحدة فقط من ذاتهم المستقبلية، وأنهم لديهم القدرة لتغيير حياتهم. حيث يؤدي تقديم إجابات بديلة للاستبيان إلى محادثة مختلفة تمامًا.

فوائد التحدث إلي ذاتك المستقبلية

تمكن المشاركون الذين استخدموا (Future You) من بناء علاقة أوثق مع ذواتهم المستقبلية المثالية، بناءً على تحليل إحصائي لاستجاباتهم. كما أفاد هؤلاء المستخدمون بقلق أقل بشأن المستقبل بعد تفاعلاتهم. بالإضافة إلى ذلك، قال مستخدمو (Future You) أن المحادثة كانت صادقة وأن قيمهم ومعتقداتهم بدت متسقة مع هوياتهم المستقبلية المحاكاة.

يفتح هذا العمل مسارًا جديدًا من خلال اتباع تقنية نفسية راسخة لتصور الأوقات القادمة باستخدام الذكاء الاصطناعي المتطور. هذا هو بالضبط نوع العمل الذي يجب أن يركز عليه الأكاديميون مع اندماج التكنولوجيا لبناء نماذج ذاتية افتراضية مع نماذج لغوية كبيرة

وفي المستقبل، يريد الباحثون دراسة تطبيقات محددة لـ (Future You)، ربما من خلال تمكين الناس من استكشاف مهن مختلفة أو تصور كيف يمكن لاختياراتهم اليومية أن تؤثر على تغير المناخ.