تأثير بروتيوس.. كيف يؤثر الواقع الافتراضي على سلوكنا؟
إن أول ما يلفت نظرنا عند رؤية شخص ما، هو شكل واللباس الذي يرتديه وصفاته الجسمانية. ولكن اللباس والمظهر والصفات الجسدية تؤثر في سلوك الفرد. وفي توقعاتنا لسلوك الأفراد تختلف هذه التوقعات بحسب مظهر الشخص. فلا تتوقع ممن يرتدي لباس الرياضة نفس السلوك المتوقع ممن يرتدي لباسًا رسميًا، لأن الصورة النمطية لكل شخص مطبوعة في أذهاننا شئنا أم أبينا.
يحاول الناس تعديل مظهرهم بحسب ما يناسب البيئة المحيطة بهم، وفي أيامنا هذه تجاوزنا موضوع اللباس ودخلنا الواقع الافتراضي. تسمح لنا التكنولوجيا الحديثة بأن نصمم شكلًا لنا كما نريد، ونتحول إلى أي مظهر نريده.
إذًا كيف يؤثر الشكل الذي قمنا بصنعه على سلوكنا؟
محتويات المقال :
ما هو الأفاتار ” avatar”
الأفاتار، أو الصورة الرمزية هو تمثيل صوري لشخصية المستخدم، وقد يكون ثنائي الأبعاد كما هو الحال في الأفاتار الذي تصنعه على فيسبوك. أو ثلاثي الأبعاد كما هو الحال في الألعاب. وهذا الشكل تصممه كما تهوى وتتحكم في كل معاييره ومقاييسه.
تأثير بروتيوس
في التفاعلات الافتراضية يؤثر الأفاتار على إدراك وتصورات الناس وأفعالهم وسلوكهم الواعي أو غير الواعي وهذا ما يعرف بتأثير بروتيوس.
وبروتيوس إله إغريقي يعد حاميًا للبحار والأنهار والوحوش التي تعيش فيها. ومن أهم قدراته التحول لأي شكل وأي مخلوق يريده، ومنه جاء ربط التأثير باسم الإله.
أول من وصف هذا التأثير هما الباحثان <nick yee, Jeremy bailenson > في جامعة ستانفورد عام 2007. واقترح الباحثان أن الناس يغيرون سلوكهم تبعًا للسلوك المتوقع من الشكل الذي اختاروه في البيئة الافتراضية.
أي أن السلوك المتوقع من الأشخاص حسب شكلهم يختلف باختلاف الشكل، بالتالي فإن الشكل الذي اخترناه سيؤدي لتغيير سلوكنا إلى ما نعتقد أنه يتناسب مع الشكل المعطى.
بينت تجارب يي وبايلنسون أن سلوك المبحوثين تغير بشكل ملحوظ عند تمثيلهم بأفاتار يملك شكلًا جذابًا مقارنة بشكل غير جذاب، فكان المبحوث ضمن البيئة الافتراضية يتصرف بشكل أكثر ثقة. كذلك الوضع عند تمثيل المبحوث بشكل أطول أو أقصر. أو باختلاف الجنس حيث أن المبحوثين حاولوا أن يتصرفوا بما يتوافق مع الصورة النمطية في أذهانهم عن كل الذكور والإناث. كما أن الشخص الذي يمثل بصورة بطل خارق حاول أن يساعد الناس أكثر من غيره في ضمن اللعبة أو الواقع الافتراضي المعطى.
نظريات دعمت فرضية تأثير بروتيوس
من النظريات المهمة التي اعتمدها الباحثان في تدعيم فرضيتهم هي نظرية التأكيد السلوكي Behavioral > confirmation> ،ونظرية الإدراك الذاتي< Self-perception theory> ، ونظرية التفرد < Deindividuation>
نظرية التأكيد السلوكي Behavioral confirmation theory
تشير نظرية التأكيد السلوكي إلى أن تفاعل الأفراد الذين يحملون صورة نمطية مسبقة في أذهانهم سيبحث هؤلاء بالتالي في سلوك الأفراد عما يؤكد توقعاتهم المسبقة عن هذا الشخص.
نظرية الإدراك الذاتي self perception theory
تشير نظرية الإدراك الذاتي أن الأفراد يحددون سلوكهم وأفعالهم بملاحظة الظروف التي أدت لهذا السلوك، وتأثير بروتيوس يطبق هذا المفهوم في المجتمعات الافتراضية.
نظرية التفرد Deindividuation
نظرية التفرد تشير إلى انخفاض في الوعي الذاتي نتيجة الانخراط في المجموعة، وفي البيئات الافتراضية يكون هذا ناجمًا عن مستوى إخفاء الهوية الذي توفره البيئات الافتراضية.
إن تأثير بروتيوس يشير لمدى تأثرنا بعالمنا الافتراضي وإلى أي مدى قد يؤثر بنا ما صنعناه نحن. قد يخيل للمرء أن مسيطر ومدرك لكل مايفعله و خصيصًا إذا تعلق الأمر بشيء قام بخلقه هو. لكن واقع الحال يشير إلى أن ما صنعناه يصنع سلوكنا بدوره.
المصادر:
1- .researchgate
2- .link.springer
3- .wikipedia
4- stanford
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :