نشأت الدولة المصرية الوسطى عندما نجح الملك منتحوتب الثّاني في استعادة السيطرة على البلاد بأكملها وتوحيدها، بعد انقسام دام طويلًا. ومنتحوتب هو أحد ملوك الأسرة 11، واستمرّت الدولة الوسطى تقريبًا بين 2030-1640ق.م. حتى نهاية الأسرة 13. وقدّمت إسهامات مهمة في العديد من العلوم وخاصّةً في الطب، وطوّرت النصوص الأدبية واللغة الهيروغليفية. ولا يجب أن ننسى إنجازاتها في العمارة. وقد اتّخذت الدولة المصرية الوسطى نهجًا جديدًا في العمارة الجنائزية أثّرت على كل من أتى بعدها وخاصةً عمارة الدولة المصرية الحديثة. [1]
محتويات المقال :
بدأ تاريخ طيبة الطويل كمركز محافظ، لكنها نَمَت في ظلّ الدولة المصرية الوسطى لتنافس المراكز الشمالية. وتعرف اليوم باسم الأقصر، وقد خدمت كعاصمة خلال فترات من الدولة الوسطى والحديثة.
تقع طيبة في الجنوب، ويبدو أن إجمالي الأراضي المأهولة كانت حوالي 796 هكتار كأقصى تقدير، من دون إضافة مساحة المعابد. فنشأت المدينة على الضفة الشرقية لنهر النيل بمساحة 384 هكتار بالإضافة إلى العديد من المعابد الهامّة مثل مجمّع معابد الكرنك. الذي يُعتبر من أكبر المجمّعات الدينية في العالم بمساحة 1500×800 م. بينما خيَّم الموت على الضفة المقابلة في غرب النيل، إذ بنى المصريون هناك مقابر ملكيّة واسعة بمساحة تقديرية 412 هكتار. [2][3]
تقع المدينة اليوم في محافظة الفيّوم، وقُسّمَت إلى قسمين غير متساويين فصل بينهما جدار. فشغَلَ القسم الغربي مساحة 3.5 هكتار، أمّا القسم الشرقي 9.5 هكتار، لتصبح مساحة المدينة ككل بعد إضافة المعبد 14 هكتار. أمّا إذا اكتشفت منطقة حضرية جنوب المعبد فستتضاعف مساحة المدينة تقريبًا. وعندما ننظر إلى مخطّط المدينة نلاحظ أنّها صمّمَت ليسهل على شخص واحد فقط حراستها بأكملها.
احتوى القسم الغربي على شارع رئيسي تقاطع معه 11شارع بعرض 4 م وباتّجاه شرقي-غربي. واتّبعت المنازل ذات التصميم، حيث اجتمعت 6 غرف سويًّا مع مدخل واحد نحو الخارج ودرج أدّى إلى السطح. بينما احتوت منازل المشرفين على غرف أكبر مع تصاميم متنوّعة، وضمّت 12-5غرفة مع ممرّات. وطليت المنازل باللون الأبيض واحتوت بعضها من الداخل على رسومات ونقوش باللون الأحمر والأصفر والأبيض. ولم يهمل كذلك الصرف الصحي، إذ وجِدت أقنية لتصريف المياه القذرة.
أمّا القسم الشّرقي فضمَّ ستّة قصور في الشمال وثلاثة أخرى على جنوبها بالإضافة إلى المخازن. وشيّدت منازل بجانب السور الداخلي، ووجدَت خمسة شوارع متماثلة من منازل العمّال وبعض المباني غير المحدّدة. ونرى منطقة مرتفعة في الشمال بجانب القصور، ويرجّح أنّها كانت قصرًا أيضًا ولكن بنوه على مرتفع ليتناسب مع الطبوغرافيا. وكانت القصور بمساحة 60×42.
يقدّر الباحثون عدد سكان كاهون بحوالي 5000 نسمة، وقد يصل العدد إلى 8000 بحسب تقديرات أخرى. وتبيّن أنّ المنازل في القسم الغربي قد نُفّذت بدقة شديدة. لدرجة أنّه عند رسم مخطّطاتها، ظهر اختلاف بالكاد وصل إلى 5-2.5 سم. ويعتبر هذا الفارق صغير جدًّا ويصعب تكراره حتّى يومنا هذا. [3]
تغيّر شكل المدافن عن عمارة الدولة المصرية القديمة. ونلاحظ عدد من السمات المهمّة لمجمّعات مقابر كبار المسؤولين التي تعود للدولة الوسطى. فأصبحت المقابر في الضفة الغربية للنيل تُرى من مسافات كبيرة. فيمكن رؤية الساحات الواسعة أمام المقابر من الضفة الشرقية للنهر، والتي أحيطت بالجدران، وارتفع منها منحدر(رامب) للوصول إلى مدخل القبر. وأشارت أبعادها إلى مكانة ونفوذ المتوفّى. [6]
يقع موقع بني حسن الأثري على الضفة الشرقية لنهر النيل، جنوب القاهرة حاليًّا. ويشتهر الموقع بسبب المقابر المحفورة في الصخر والتي تعود لزمن الأسرة 11 و12. وعُثِر على 39 قبر، حيث حفر النبلاء وكبار المسؤولين قبور ضخمة في حجرات ضمن الجرف الصخري. وضمّت العديد من الميّزات المعمارية ومنها الأعمدة والأروقة وأسقف على شكل قبوة اسطوانية. ورسموا على بعضها مشاهد من الحياة اليومية وكتبوا نصوص هامّة. [4][5]
يتميّز مجمّع منتوحوتب الثاني الجنائزي بطابعه المعماري الفريد عمّا سبقه. ويعتبر أوّل تطوّر لما أصبحت عليه المعابد الجنائزية في الدولة المصرية الحديثة. وقد شيّدوه في الدير البحري في طيبة على الضفة الغربية لنهر النيل. وضمَّ المجمّع معبد الوادي وامتدّ منه ممر إلى الغرب بطول 1200 م، وعرض 6م. وقد حاصروه من كلا الجانبين بجدران عالية من الطوب والحجر. وانتهى الممر بفناء كبير حيث بُني المبنى الرئيسي على سفح الجبل.
ودخل المصلّون الفناء الكبير من الشرق، فرأوا مباشرةً أمامهم واجهة المعبد المكوّنة من طابقين من الأعمدة. وقد نما الجمّيز والتمر على طرفي الفناء بين تماثيل للملك، وأدّى منحدر (رامب) في منتصف الفناء بينها إلى الطابق الثاني من الأعمدة حيث وقع المدخل الرئيسي للمعبد.
ووجِد بعد المنحدر صفّان من الأعمدة على ثلاثة جوانب. وأدّى باب محوري إلى القاعة الرئيسية التي احتوت أيضًا على صفوف من الأعمدة في جميع جوانبها. وتمّ اكتشاف قبر الملكة والأمير في هذا القسم من المجمّع. ورسم العلماء تصوّرات مختلفة لشكل سقف القاعة، فالبعض تصوّر السقف على شكل هرم. بينما رجّح الأغلب أنّ السقف كان على شكل مصطبة مستوية.
وأدّت الجهة الخلفية من القاعة إلى صالة أعمدة أصغر محفورة ضمن الصخر. وحفروا منها للأسفل ممر عميق بطول أكثر من 150 م، قاد إلى مدفن الملك. بينما انتهت الصالة بباب قاد إلى صالة أعمدة حيث حفروا الحرم المقدّس في أقصى جزء من المجمّع. ونحتوا تماثيل للإله آمون والملك منتحوتب الثاني، وقدّموا القرابين على مذبح تقدّم هذه التماثيل. [6]
غطّى الكَرنَك مساحة 100 هكتار تقريبًا، ويعتبر أكبر من بعض المدن القديمة. وقد بدأ إنشاء معابد الكرنك حوالي عام 2000ق.م واستمر حتّى زمن الرومان. حيث ترك كل حاكم عمل في الكرنك لمسته المعمارية الخاصة على المنطقة.
وعمل فريق UCLA digital karnak projectمن جامعة كاليفورنيا على إعادة بناء رقمية للكرنك. فيهدف المشروع إلى إظهار مراحل البناء والهدم والتعديلات التي حدثت على مدار 2000 عام. وضمَّ الموقع العديد من المعابد وأهمها معبد آمون الذي شغل القطاع المركزي للموقع، وخصِص له أكبر مساحة.[7]
يوجد ما لا يقل عن10 مداخل على شكل بوابة مرتفعة يحيط بها برجان عاليان، وتدعى «بيلون-pylon» وتفصل بينها ساحات وقاعات.[8]
ويوجد الآن عدد قليل من الآثار التي تعود للدولة الوسطى. وبدأ فريق إعادة الإعمار نموذجهم الرقمي بعهد الملك سنوسرت الأول. وعرضوا معبد من الحجر الجيري مع ساحة في الوسط مخصصة لآمون-رع. واحتوى على 12عمود، وزيّنت قواعده بتماثيل للملك يظهر في وضع أوزوريس (إله العالم السفلي).[7]
وبقيت المنطقة متواضعة حتى بداية الدولة الحديثة. فأغلق تحتمس الأول -ملك من الدولة الحديثة- هذا المعبد بجدار حجري ووضع أمامه بيلون 4 و5 وأقام مسلتين أمام واجهة المعبد الجديدة. كما أضاف ابنه لاحقًا ساحة احتفالات أمام المعبد.[8]
وقامت حتشبسوت ببناء مصلى وعملت بعض التجديدات. ولكن عندما اعتلى تحتمس الثالث العرش أمر بهدم المصلى مع تماثيلها، واستبدلها بواحدة له. وبنى بحيرة مقدسة، ملأها الباحثون بالماء. وقد استخدمها المصريون لطقوس التطهير، ووجِدت بقايا منازل للكهنة بالقرب منها.[9]
وأهم ما ميّز المعبد صالة الأعمدة التي شغلت المسافة بين بيلون 2 و3 بمساحة 103×52م. ولاحظ الباحثون وجود 134 عمود فيها، وارتفع 12 عمود في المركز أعلى من باقي الأعمدة. فسمح فرق الارتفاع بوضع نوافذ من الأعلى والتي سمحت بمرور أشعة خفيفة من الضوء، فمنحت الشعور بالرهبة في وسط الظلام.[7][8][9] وتوقف العمل في الكرنك مع سيطرة الرومان، تاركًا لنا إرثًا معماريًا غنيًا. ولم يتوقف فيه عمل الباحثين حتى الآن.
Live science
National geographic
Staffsites.sohag-univ
Britannica
Britannica
Research gate
Live science
Britannica
Ancient Egypt
عقلك، وهو عبارة عن شبكة معقدة من الأفكار والمعتقدات، ولكنه يعمل حاليًا ببرنامج قديم. لقد…
تم اكتشاف خزان ضخم من الهيدروجين، والذي قد يشكل مصدراً محتملاً للطاقة النظيفة، تحت سطح…
لقد تم اكتشاف تمثال نصفي لكليوباترا في مدينة تابوزيريس ماجنا المصرية القديمة، مما أثار جدلاً…
عثر مقاتلون تابعون للمعارضة في سوريا على مخزونات ضخمة من مخدر الكبتاجون في مستودع بدمشق.…
توصل باحثون إلى اكتشاف رائد يمكن أن يحدث ثورة في عالم التكنولوجيا القابلة للارتداء. لقد…
مع تصاعد التوترات حول نهر النيل، الذي يشكل شريان حياة بالغ الأهمية لملايين البشر في…