ايلون ماسك و الأهرامات ، هل الفضائيون بناة أهرامات الجيزة ؟
غرد ايلون ماسك رائد الأعمال والمخترع مؤخرًا أن الفضائيين هم من بنى الأهرامات. وهي محض هراء أو دعابة عابرة لا تستحق أن يُكتَب عنها مقال. ولكنها فرصة قيِّمة لسرد الأدلة والبراهين على ما نعرفه حتى الآن عن هذه الأسطورة الخالدة التي أتت أولًا وأعيت الحضارات من بعدها وعن المصريين بناة الأهرامات الذين لا يصدق البعض أن ما أنجزوه من صنع البشر.
محتويات المقال :
لمَ قد يبني البشر الأهرامات؟
اتفق معك من البداية أن هناك الكثير مما لا نعرفه بخصوص الأهرامات. ولكن بالنسبة للغرض من بنائها، فالأدلة واضحة وقاطعة. الهرم هو مدفن الملك وبوابة عبوره للحياة الأخرى نحو الخلود الأبدي. هو تجسيد للسيادة المطلقة للحاكم ورمز لقدسيتها. حسب الأسطورة المصرية القديمة، عندما يموت الملك يتحول إلى “أوزيريس” حاكم العالم السفلي بينما يمثل ابنه ولي العهد الإله “حورس” ويتولى حكم البلاد(1).
آمن المصريون بألوهية الملك، فكان حفظ مكانته واجبًا مقدسًا في حياته وبعد مماته، لذا بنوا الأهرامات لتساعد روحه في ترقِّيها نحو إله الشمس رع في رحلته اليومية، واختاروا لأبنائهم الشكل الهرمي يرمز إلى أشعة الشمس-وهو أمر متكرر لدى كل من قدس الشمس بالمناسبة، كما يرمز الهرم الصغير أعلى كل هرم أو مسلة إلى قصة إله الأرض “أتوم” الذي خرج من وسط الظلام الفوضوي ليخلق كل البشر والآلهة والوجود وفقا لقصة الخلق المكتوبة على جدران الأهرامات(2). داخل الأهرامات توجد حجرة الدفن والكثير من النصوص الدينية لحماية الملك ومساعدته عند البعث.
ليسوا فضائيين، وليسوا عبيدًا، بل عمالًا مصريين
قرية منظمة متكاملة الخدمات والمرافق من مساكن، ومخابز، ومستشفى، ومصنع للنحاس، ومكان لحفظ الأسماك، وأماكن للماشية والأغنام القادمة باستمرار من مراعٍ مخصصة لها، وشون للغلال، ومقابر للموتى. إنهما قريتا العمال اللتان تم اكتشافهما على هضبة الجيزة حيث كانت إحداهما للعمالة الدائمة مكونة من بيوت توسعت عبر الزمن، والأخرى عبارة عن شبكة من المساكن محاطة بسورٍ ضخم. الشارع الرئيسي من الحجر الجيري المرصوف بالطين مع نظام صرف مبطن بالحصى يجري نحو المركز. كما تم اكتشاف كميات هائلة من عظام الماشية والأغنام، ما يكفي لإطعام الآلاف يوميًا.(3)
انقسم العمال وفقًا للنقوش المكتشفة إلى طواقم يحوي الواحد منها 2000 عامل تحمل أسماءً مثل “أصدقاء خفرع”، و”عمال منكاورع” ينقسمون إلى مجموعات أصغر حجمًا لكلٍ منها وظيفة محددة. وتظهر أسماؤهم المصرية على هذه النقوش.(4)
إذاً ما يعرفه علم الآثار الآن أن بناة الأهرام كانوا عمالًا مصريين متخصصين، أصحاء، ويحظون بتغذية جيدة. توافرت لهم كافة الإمكانات المتاحة بفضل السلطة المطلقة للملك في توجيه كافة الموارد لإنجاز المشروع، مما يجعله-إن جاز القول-مشروعًا قوميًا شاركت فيه جميع طبقات المجتمع المصري.
ليست معجزة فضائية بل نتاج محاولات عديدة
تنظر متشككًا إلى اللوحة فلا تصدٍّق مقدرة زميلك على رسم لوحة بهذه الدقة مقارنة بلوحتك التي تشبه نقر الدجاج. لابد أن رسامًا محترفًا قد رسمها له. يخيب ظنك عندما يُطلِعك زميلك على محاولاته السابقة التي بدأت بنفس السوء الذي أنت عليه وتطورت عبر الخطأ والتكرار. نفس الموقف ينطبق على الأهرامات.
تطورت الفكرة من حجرة دفن فوقها مصطبة إلى فكرة الست مصاطب التي ابتكرها العبقري “إيموحتب” لهرم ملكه “زوسر” بسقَّارة. بُنِيَت من بعد زوسر عدة أهرامات مدرَّجة حتى أتى “سنفرو”، وهنا أتت للمهندسين فكرة ملئ الفراغات بين مصاطب “هرم ميدوم” الثمانية ليصبح هرمًا حقيقيًا بعدما فشلوا في بناء “هرم دهشور” كهرمٍ أملس من البداية بسبب الانحدار الشديد الذي اضطروا لتخفيفه في الجزء العلوي من 60 درجة إلى 55 ثم إلى 44 ليصبح هرمًا منحنيًا في نهاية الأمر. انهارت الطبقة الملساء المغلفة لهرم ميدوم فلم ييأس سنفرو، وبنى هرمًا ثالثًا في ميدوم أيضًا تعلم فيه من أخطائه السابقة، وبهذا وصل المهندسون إلى أول نجاح في بناء هرمٍ مثالي.(5)
ورث “خوفو” خبرة المهندسين من محاولاتهم لبناء هرم أبيه “سنفرو”، فانتقل بمفهوم الهرم لمستوى أعجز من كان قبله ومن أتى بعده في الدقة والضخامة والإعجاز بارتفاع 147 متر، و2.3 مليون قطعة حجرية بما يزن 5.75 مليون طن. ثم تلاه ابنه “خفرع” بهرم يرتفع 143 مترًا على منطقة أكثر ارتفاعًا من هرم أبيه مما يوحي كذبًا بأنه أطول، إضافة إلى أبي الهول المنحوت من صخرة واحدة بوجه خفرع وجسد أسد. تلاهما هرم ابنه “منكاورع” الأصغر بين الأهرامات الثلاثة الكبرى.
ليس سحرًا بل علمًا
عثرنا على عمال البناء وأطلالهم، وقرأنا نصوص الأهرام وغرض بنائها، ولدينا السجل التطوري الكامل لفكرة بناء الهرم. إذن لما يتشكك البعض رغم كل هذه الحقائق الملموسة؟ نظرة واحدة على الهرم الأكبر بضخامته، ودقته، وصموده منذ خمسة آلاف سنة تجيب على هذا السؤال، وتفتح بحرًا من الأسئلة الأصعب في آنٍ واحد.
المصادر
1 History
2 History Museum
3 Harvard Magazine
4 Harvard X
5 Hope Channel
اقرأ أيضاً: ما الذي يربط أهرامات الجيزة وجزر النخيل بدبي بالفضاء؟
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :