في قلب منغوليا الداخلية، يتشكل مشروع رائد يهدف إلى تحويل صحراء كوبوكي إلى مركز مزدهر للطاقة المتجددة. ويهدف هذا السور العظيم للطاقة الشمسية إلى توليد 100 جيجاوات من الطاقة بحلول عام 2030، مما يجعله واحدًا من أكبر مزارع الطاقة الشمسية في العالم.
وتمتد أهمية المشروع إلى ما هو أبعد من مجال الطاقة المتجددة، حيث يسعى أيضًا إلى مكافحة التصحر ودعم الزراعة المحلية، مما يساهم بشكل كبير في تخضير الصحاري في جميع أنحاء الصين.
بدأت عملية تحويل صحراء كوبوكي منذ عدة سنوات، مع تركيب الألواح الشمسية الأولى في عام 2017. ومنذ ذلك الحين، اكتسب المشروع زخما، حيث تم بالفعل تركيب ما يقرب من 5.4 جيجاوات من الطاقة. ومع اكتماله المقرر في عام 2030، من المتوقع أن يصبح “سور الطاقة الشمسية العظيم” منارة أمل لمستقبل مستدام.
محتويات المقال :
التصحر هو عملية تحول الأراضي الخصبة إلى مساحات قاحلة. وقد ابتليت بها صحراء كوبوكي منذ فترة طويلة. تَنتج هذه الكارثة البيئية عن مجموعة من العوامل، بما في ذلك تغير المناخ، والرعي الجائر، والممارسات غير المستدامة لاستخدام الأراضي. ونتيجة لذلك، توسعت صحراء كوبوكي بنسبة تزيد على 10% في العقود القليلة الماضية، مما أدى إلى ابتلاع الأراضي الخصبة وتهديد سبل عيش المجتمعات المحلية.
وفي الصين، يؤثر التصحر على أكثر من ربع مساحة أراضي البلاد، مما يتسبب في خسائر اقتصادية وبيئية كبيرة. وكانت صحراء كوبوكي، على وجه الخصوص، مصدر قلق كبير بسبب قربها من بكين، وهي مدينة ضخمة تعتمد بشكل كبير على المناطق المحيطة بها للحصول على الغذاء والماء والطاقة.
وقد أدى التصحر في كوبوكي أيضًا إلى فقدان التنوع البيولوجي، حيث تكافح الأنواع النباتية والحيوانية المحلية من أجل البقاء في الظروف القاسية والقاحلة. وبالإضافة إلى ذلك، أدى توسع التصحر إلى تفاقم العواصف الترابية، وتلوث الهواء، وندرة المياه، مما زاد من إجهاد النظام البيئي في المنطقة.
سوف يمتد مشروع “سور الطاقة الشمسية العظيم” بطول 400 كيلومتر وعرض 5 كيلومترات. حيث سيغطي مساحة تعادل حوالي 100 ألف ملعب كرة قدم. ومع تبلور المشروع، سيكون تأثيره محسوسًا إلى ما هو أبعد من كثبان الصحراء.
أحد الجوانب الأكثر لفتًا للانتباه في هذا التحول هو الحجم الهائل للعملية. وبقدرة قصوى مخطط لها تبلغ 100 جيجاوات، سيكون المشروع قادرًا على تزويد مدن بأكملها بالطاقة، بما في ذلك بكين. ولوضع هذا الرقم في نصابه الصحيح، فإن 100 جيجاوات تعادل الطاقة التي تنتجها 20 محطة طاقة نووية كبيرة أو 50 مليون طن من الفحم. ومع استمرار المشروع في النمو، من المقرر أن يصبح واحدًا من أكبر مزارع الطاقة الشمسية في العالم، مما يعزز مكانة الصين كدولة رائدة في مجال الطاقة المتجددة.
يأمل أصحاب المشروع أن يكون له فوائد أخرى. فهم يعتقدون أنه قد يساعد في الحد من التصحر من خلال منع حركة الكثبان الرملية وإبطاء الرياح. كما تعمل الألواح المرتفعة على خلق الظل الذي يبطئ التبخر وقد يسهل نمو الأعشاب والمحاصيل الأخرى تحتها.
في الواقع، أظهر تحليل بيانات لاندسات أن مشاريع الطاقة الشمسية في أجزاء أخرى من الصين ساهمت في تخضير الصحاري في السنوات الأخيرة. تخلق الألواح الشمسية المرتفعة ظلًا يبطئ التبخر، مما يسهل زراعة أعشاب المراعي والمحاصيل الأخرى تحتها. وهذا لديه القدرة على دعم الزراعة المحلية، وتوفير مصدر دخل مستدام للمجتمع المحلي.
ومع استمرار توسع مزرعة الطاقة الشمسية، من المتوقع أن يكون لها تأثير كبير على النظام البيئي المحلي، مما يضفي حياة جديدة على المناظر الطبيعية الصحراوية ويدعم المجتمع المحلي. ومع اكتمال “السور العظيم للطاقة الشمسية” في عام 2030، من المقرر أن تصبح صحراء كوبوكي منارة للطاقة المستدامة والإشراف البيئي، مما يمهد الطريق لمستقبل أكثر اخضرارًا للأجيال القادمة.
لا يعد سور الطاقة الشمسية العظيم في صحراء كوبوكي إنجازًا هندسيًا فحسب، ولكنه يحمل أيضًا المفتاح لمستقبل مستدام. حيث ستعمل هذه المنشأة الضخمة على تزويد بكين بالطاقة، وهي مدينة يزيد عدد سكانها عن 21 مليون نسمة، وفي نفس الوقت مكافحة التصحر ودعم الزراعة المحلية. لكن تأثيرها لن يتوقف عند هذا الحد.
سيمهد هذا المشروع الثوري الطريق لاستراتيجية تخطيط حضري أكثر خضرة وصديقة للبيئة. ومن خلال تسخير طاقة الشمس، يمكن للمدن أن تقلل من اعتمادها على الوقود الأحفوري، مما يقلل من تلوث الهواء وانبعاثات الغازات الدفيئة. والفوائد ذات شقين، حيث لن تصبح المدن أكثر نظافة وصحة فحسب، بل إن خفض الانبعاثات سيساعد أيضا في إبطاء تغير المناخ.
علاوة على ذلك، سيعمل سور الطاقة الشمسية العظيم على تنشيط النظام البيئي الصحراوي، مما يجعل من الممكن زراعة المحاصيل وتربية الماشية في المناطق التي كانت قاحلة وبلا حياة. وهذا بدوره سيخلق فرصًا اقتصادية جديدة للمجتمعات المحلية، مما يحسن سبل عيشها ومستويات معيشتها.
China’s Solar Great Wall: Harnessing the Sun in the Heart of the “Sea of Death” | scitechdaily
ماذا لو طاردتك ذكريات غير مرغوب فيها لا يمكنك التخلص منها، وتغزو أفكارك وعواطفك في…
الطفيليات هي الضيوف غير المدعوين الذين يعيشون في أجسادنا، على بشرتنا، وفي فراشنا. غالبًا ما…
توصل فريق دولي من العلماء إلى أن عملية اختيار الشمبانزي للأدوات الحجرية في تكسير المكسرات…
هل اختبرت الشعور بالوقت بطرق مختلفة في حياتك من قبل؟ ربما تعرضت أو تعرف أحدًا…
ذبابة الفاكهة الشائعة (Drosophila melanogaster)، هي حشرة موجودة في كل مكان حول الفاكهة الناضجة. وغالبًا…
تختلف تعريفات "الفن". حيث تصفه الموسوعة البريطانية المحدودة (Britannica) بأنه شيء "مُخلَّق بوعي من خلال…