الصدفة تقود الأطباء لتسجيل نشاط مخ مريض لحظات وفاته
غالبًا ما يصف الأشخاص الذين اقتربوا من الموت هذه التجربة بعبارات متشابهة بشكل مدهش – تذكر حي للذكريات، أو الشعور بالوقوف خارج أجسادهم، أو مشاهدة الأضواء الساطعة، أو الشعور بالهدوء. ذلك الوصف جعلنا نطلق على هذه التجربة وصف استدعاء الحياة. في حين أن هناك الكثير من الأدلة القصصية من الأشخاص الذين مروا بتجارب الاقتراب من الموت (NDEs) إلا أن العلماء لم يرصدوا تغيرات موجات الدماغ عند انتقال الناس إلى الموت حتى يوم الثلاثاء الماضي حيث قادت الصدفة مجموعة من العلماء لرصد موجات الدماغ لمريض بالصرع ثواني قبل موته، وخلاله وبعدها. هذه الصدفة الفريدة ربما تدعم فكرة استدعاء الحياة، وأن حياتنا تضيء حقًا أمام أعيننا في لحظاتنا الأخيرة.
محتويات المقال :
سجل علماء الأعصاب عن غير قصد دماغًا يحتضر أثناء استخدامهم لتخطيط كهربية الدماغ (EEG) لاكتشاف وعلاج نوبات الصرع لدى رجل يبلغ من العمر 87 عامًا، وقد أصيب بنوبة قلبية فجأة خلال إجراء التخطيط.
تم نقل المريض الذي لم يذكر اسمه إلى مستشفى فانكوفر العام في كولومبيا، وأخذ الباحثون تسجيلات EEG من دماغه قبل أن يتعرض في النهاية لسكتة قلبية قاتلة _تخطيط كهربية الدماغ-EEG هو طريقة لتسجيل النشاط الكهربائي للدماغ يتضمن أقطابًا كهربائية موضوعة على طول فروة الرأس.
قام الباحثون بقياس 900 ثانية من نشاط الدماغ في وقت قريب من الوفاة، ووضعوا تركيزًا محددًا للتحقيق في ما حدث في 30 ثانية قبل وبعد توقف القلب عن النبض. نشر الباحثون نتائج هذه القراءات في مجلة Frontiers in aging neuroscience في يوم الثلاثاء الماضي، ولفهم نتائج هذه الدراسة دعونا أولًا نفهم ما هي موجات الدماغ؟
يتكون دماغ الإنسان من أعداد هائلة من العصبونات، وبينما أنت جالس أو نائم أو حزين أو جائع، وحتى عند قراءتك لهذا المقال تتواصل العصبونات مع بعضها البعض عن طريق إرسال الرسائل في شكل نبضات كهربائية، ويتم إنتاج الموجات الدماغية بواسطة هذه النبضات الكهربائية المتزامنة، وبالتالي يؤدي الدماغ وظائفه.
يتم الكشف عن الموجات الدماغية باستخدام أجهزة استشعار موضوعة على فروة الرأس تعرف ب EEG.
إنه تشبيه مفيد للتفكير في الموجات الدماغية على أنها نغمات موسيقية، فالموجات منخفضة التردد تشبه إيقاع الطبول عميقة الاختراق. في حين أن الموجات الدماغية ذات التردد العالي تشبه إلى حد كبير الفلوت عالي النبرة. ومثل السمفونية ترتبط الترددات الأعلى والأدنى وتتماسك مع بعضها البعض في تناغم وتوافق.
تتغير موجات دماغنا وفقًا لما نقوم به وما نشعر به. عندما تكون الموجات الدماغية الأبطأ هي السائدة يمكن أن نشعر بالتعب، أو البطء، أو الكسل، أو الحلم، وتكون الترددات الأعلى هي السائدة عندما نشعر بالنشاط و باليقظة المفرطة.
هذه الأوصاف ليست سوى أوصاف عامة، فالأشياء أكثر تعقيدًا من الناحية العملية. وتعكس الموجات الدماغية جوانب مختلفة عندما تحدث في مواقع مختلفة في الدماغ.
تقاس سرعة الموجات الدماغية بالهرتز، وهي مقسمة إلى نطاقات تحدد الموجات البطيئة والمعتدلة والسريعة.
بالإضافة إلى الموجات الدماغية تحت المنخفضة والتي لا زالت غير مفهومة هناك مجموعة موجات دماغية معروفة مثل:
1. موجات دلتا
الموجات الدماغية من دلتا هي موجات دماغية بطيئة وصاخبة (تردد منخفض ومخترق بعمق مثل إيقاع الطبلة). تتولد في التأمل العميق، والنوم بلا أحلام. موجات دلتا توقف الوعي الخارجي، وتعتبر مصدرًا للتعاطف.
2. موجات ثيتا
تحدث موجات ثيتا الدماغية غالبًا أثناء النوم، ولكنها أيضًا مهيمنة في التأمل العميق. ثيتا هي بوابتنا للتعلم والذاكرة والحدس. في ثيتا تُسحب حواسنا من العالم الخارجي، وتركز على الإشارات الصادرة من الداخل. إنها الحالة التي عادة ما نختبرها بشكل عابر فقط عندما نستيقظ أو ننجرف إلى النوم.
3. موجات ألفا
تسود موجات ألفا الدماغية أثناء تدفق الأفكار بهدوء، وفي بعض حالات التأمل. ألفا هي “قوة الآن” ومسؤولة عن كونك هنا في الوقت الحاضر. وهي حالة الراحة للدماغ، وتساعد على التنسيق العقلي الشامل، والهدوء، واليقظة، والتعلم.
4. موجات بيتا
تهيمن موجات بيتا الدماغية على حالة اليقظة الطبيعية من الوعي عندما يتم توجيه الانتباه نحو المهام المعرفية والعالم الخارجي.
بيتا هو نشاط سريع موجود عندما نكون في حالة تأهب، أو يقظين، أو منخرطين في حل المشكلات، أو إصدار الأحكام، أو اتخاذ القرار، أو النشاط العقلي المركّز.
5. موجات جاما
موجات جاما الدماغية هي أسرع موجات الدماغ (عالية التردد مثل الفلوت)، وتتعلق بالمعالجة المتزامنة للمعلومات من مناطق الدماغ المختلفة. تمرر الموجات الدماغية غاما المعلومات بسرعة وبهدوء.
من أكثر ترددات الموجات الدماغية دقة، ويجب أن يكون العقل هادئًا للوصول إليها. تم رفض فكرة أن جاما مجرد ضوضاء دماغية احتياطية عندما اكتشف الباحثون أنها نشطة للغاية في حالات الحب العالمي، والإيثار، و الفضائل العليا، وخلال استرجاع الذكريات.
البصمة العصبية الفسيولوجية لنشاط الدماغ بعد السكتة القلبية وأثناء تجربة الاقتراب من الموت (NDE) ليست مفهومة جيدًا. على الرغم من الافتراض بأن حالة نشاط الدماغ ستكون منخفضة عندها إلا أن الدراسات التجريبية على الحيوانات أظهرت زيادة النشاط بعد السكتة القلبية خاصة في موجات جاما الناتج عن زيادة غاز ثاني أكسيد الكربون قبل توقف تدفق الدم الدماغي بعد السكتة القلبية.
مثلما قلنا سابقًا إن هذه الدراسة الجديدة تقدم أول تسجيل تخطيط كهربية الدماغ المستمر (EEG) من دماغ بشري يحتضر. حيث استدعى فيها الفريق متعاونين دوليين لتحليل تسجيلات دماغ المريض قبل 30 ثانية من توقف قلبه عن النبض وبعده. ووجدوا أن موجات الدماغ تظل نشطة ومنسقة أثناء الانتقال إلى الموت وحتى بعده. كان هناك نوعان من الموجات الدماغية الأكثر نشاطًا: موجات جاما، والتي ترتبط بشكل خاص بالحلم واسترجاع الذاكرة. وموجات ألفا التي ترتبط بمعالجة المعلومات في القشرة البصرية – يعتقد الفريق أن هذا قد يشير إلى “وميض الحياة أمام عينيك” في اللحظات التي تسبق الموت.
يقول مؤلفو الدراسة إن هذه البيانات قد تظهر دماغًا يحتضر يستعيد ويتخيل الذكريات، وأنه ربما يكون الدماغ يسترجع أخيرًا أحداث الحياة المهمة قبل موتنا مباشرة على غرار تلك التي تم الإبلاغ عنها في تجارب الاقتراب من الموت.
على الرغم من تأثير إصابة الخلايا العصبية وتورمها على نتائج الدراسة، فإن بيانات هذه الدراسة تقدم الدليل الأول من دماغ الإنسان المحتضر في بيئة إكلينيكية غير تجريبية. وتدعو إلى أن الدماغ البشري قد يمتلك القدرة على توليد نشاط منسق خلال الفترة القريبة للوفاة وبعدها، وربما تتحدى فهمنا لماهية الموت تمامًا وهل يحدث بتوقف القلب، أو توقف نشاط الدماغ؟
على الرغم من إنها المرة الأولى التي يتم فيها تسجيل موجات الدماغ عند الاحتضار، وإن تحليل نتائجها توافق مع الدراسات على القوارض، وكانت متوافقة كذلك مع الأدلة القصصية للتجارب القريبة من الموت؛ إلا أنه لا يمكن تعميم هذه النتائج لفهم الأنماط النموذجية لنشاط الدماغ أثناء الموت، هناك العديد من المحاذير التي يجب أخذها في الاعتبار.
أولاً: أحد الاعتبارات المهمة هو أن دماغ المريض بعد الصدمة كان يعاني من نزيف وتورم ونوبات صرع. يمكن أن تؤثر إصابات الدماغ الرضية (TBI) وتلف المادة البيضاء على نشاط الدماغ الإيقاعي. ثانيًا: كان هذا المريض تحت التخذير، ومن الممكن أن يؤدي فقدان الوعي الناجم عن التخدير إلى تغيير التذبذبات العصبية بما في ذلك موجات ألفا، وزيادة تزامن تذبذبات جاما. ثالثًا: ترتبط الأدوية الانفصالية التي أخذها المريض بزيادة في تزامن جاما. رابعًا: تم وضع المريض على جرعات كبيرة من الأدوية المضادة للاختلاج المستخدمة لعلاج نوبات الصرع، والتي يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على نشاط الشبكة العصبية. خامسًا: لم يسجل من قبل أي نشاط طبيعي باستخدام مخطط كهربية الدماغ خلال الاحتضار. وبالتالي لا يوجد أساس حقيقي للمقارنة وكذلك لا نستطيع تعميم النتائج من خلال دراسة واحدة على شخص واحد.
في الخلاصة ربما تكون رحلة الموت فعلًا عبارة عن استدعاءً للحياة، ويواجه دماغنا هذا الحدث عن طريق استرجاع ذكرياتنا وتفاصيل حياتنا من قبل، ولكن لا يمكن لهذه الدراسة أن تؤكد ذلك وإن كانت قربتنا من هذه الاحتمالية أكثر، أما ما يجعل هذه الدراسة فريدة فهو صعوبة تكرارها.
بالإضافة إلى الصدفة تقود الأطباء لتسجيل نشاط مخ مريض لحظات وفاته اقرأ ايضًا: كيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا؟
مصادر الصدفة تقود الأطباء لتسجيل نشاط مخ مريض لحظات وفاته:
1. frontiersin.org
2. popsci.com
3. brainworksneurotherapy.com
عقلك، وهو عبارة عن شبكة معقدة من الأفكار والمعتقدات، ولكنه يعمل حاليًا ببرنامج قديم. لقد…
تم اكتشاف خزان ضخم من الهيدروجين، والذي قد يشكل مصدراً محتملاً للطاقة النظيفة، تحت سطح…
لقد تم اكتشاف تمثال نصفي لكليوباترا في مدينة تابوزيريس ماجنا المصرية القديمة، مما أثار جدلاً…
عثر مقاتلون تابعون للمعارضة في سوريا على مخزونات ضخمة من مخدر الكبتاجون في مستودع بدمشق.…
توصل باحثون إلى اكتشاف رائد يمكن أن يحدث ثورة في عالم التكنولوجيا القابلة للارتداء. لقد…
مع تصاعد التوترات حول نهر النيل، الذي يشكل شريان حياة بالغ الأهمية لملايين البشر في…