السلطان عبد الحميد والمشروطية الأولى
محتويات المقال :
ولادته
ولد السلطان عبد الحميد في ٢٢ أيلول 1842 من جارية شركسية اسمها “حاجي” يقال أنها ارمنية فأسلمت. منذ ولادته دارت حوله الإشاعات؛ إذ قيل أنه ابن طباخ أرمني كان يعمل في القصر، وقد زاد من أثر هذه الإشاعة أن والده السلطان عبد المجيد لم يعترف بأبوته إلا بعد أسبوع من ولادته.
وصول السلطان عبد الحميد للحكم وإعلانه المشروطية الأولى
عاش السلطان عبد الحميد في عصر اشتد فيه الصراع بين دعاة الدستور (المشروطية) ودعاة الاستبداد، إذ وصل الصراع إلى أوجه حين قام مدحت باشا بخلع السلطان عبد العزيز وتعيين ابن أخيه مراد (أخ عبد الحميد).
كان عبد الحميد لا يطمح للوصول إلى الحكم لوجود مراد الذي يكبره بالعمر، ولكن أصيب مراد بالجنون بعد توليه الحكم، وفي تلك الفترة اتصل مدحت باشا بعبد الحميد للتأكد من ميوله اتجاه الدستور، حيث أكد عبد الحميد على نيته لإصدار الدستور وأن يدافع عن الحرية والمساواة.
تسلم السلطان عبد الحميد الحكم في عام 1876م، وعين مدحت باشا صدرا أعظم وهذا المنصب يعادل رئيس وزراء في الدولة العثمانية، وبعد فترة أمر بكتابة الدستور وتم إعلانه، كان هذا الحدث نصراً لأنصار الدستور إذ اعتقدوا أن الدنيا قد فرجت لهم.
اهتم مدحت باشا بتدعيم أواصر الأخوة بين المسلمين وأتباع الديانات الأخرى من المسيحيين واليهود، حيث قابل رجال الدين المسيحيين، وطلب من السلطان تعيين أتباع الديانات الأخرى في المناصب العليا، وحتى تعين ولاة منهم، لكن عبد الحميد أهمل هذا الطلب مما بدأ العداوة بين الإثنين.
اهتم مدحت باشا بحرية الصحافة ودعمها، لكن كانت بعض الصحف تنتقد العائلة المالكة علناً، وهذا سبّب امتعاضاً شديداً من السلطان، وطلب من مدحت باشا إغلاق هذه الصحف ومحاسبة كتّابها، لكن الأخير رفض ذلك بحجة إن الدستور كفل حرية التعبير عن الرأي.
زاد الخلاف بين الإثنين حيث دبر عبد الحميد مع بعض من أعوانه مؤامرة لعزل مدحت باشا، ونجح في مهمته وتم عزل مدحت باشا في عام 1877، لم يرد عبد الحميد التنصل من الدستور مباشرة بعد عزل مدحت باشا حيث عمت احتجاجات مؤيدة لمدحت باشا.
الحرب الروسية وتأثيراتها في حكم السلطان عبد الحميد
اندلعت حرب شعواء بين الدولتين و اكتسحت روسيا الدولة العثمانية، واحتلت أدرنة ووصلت لحدود اسطنبول. مما اضطر عبد الحميد لقبول الصلح الذي تدخلت بريطانيا فيه.
إذ هددت روسيا بالدخول مع العثمانيين في الحرب، واضطرت روسيا بالقبول وكان العثمانيون هم الخاسر الأكبر في هذه المعاهدة، إذ تنازلوا عن جزء من أرمينيا لصالح روسيا وتنازلوا عن بلغاريا، وحتى بريطانيا كانت لها حصة حيث حصلت على جزيرة قبرص.
كان لهذه الحرب أثر كبير في نفسية عبد الحميد، حيث سبب ذلك كرهاً شديدا للغرب خصوصاً نحو بريطانيا التي كانت تدّعي الصداقة مع الدولة العثمانية، حيث انتهزت الفرصة لسلب قبرص من الدولة العثمانية، وهذا كله جعله يعتقد أن حركة المشروطية هي دسيسة من الغرب، فصار يعاديها كل العداء وأخيراً أمر بإلغاء الدستور في شباط من عام 1878 وألغى مجلس النواب.
شخصية السلطان عبد الحميد
اختلف المؤرخون في وصف شخصية عبد الحميد، فالبعض وصفه بـ المستبد الظالم المتعطش للدماء الذي أرجع الدولة العثمانية إلى الوراء، ومنهم من يصفه بالسلطان الصالح واعتبروه قديساً صالحاً.
كان عبد الحميد متميزاً عن أسلافه من السلاطين، فقد كان مثابراً على العمل، وكان على اطلاع بتفاصيل الدولة بشكل يومي، وكان يجتمع بالمسؤولين دائماً.
كان صاحب ذكاءٍ حادٍ ودبلوماسية عالية، فكان قادراً على مسايسة الغرب في كثير من الأحيان وإبعادهم عن الاستيلاء عن ما بقي من دولته. ولكن في الوقت نفسه فإنه كان وسواسياً مستبداً فكثر في عصره الجواسيس الذين كانوا يتجسسون على كل شيء! من حياة الناس الطبيعية إلى موظفي الدولة.
وكانت الصحافة في عصره مقموعه بشدة، فلم يكن بمقدور كاتب أن ينشر شيئاً قبل أن يطلع عليه المسؤولين المختصين بمراقبة الصحافة، وهذا ما جعل اسم عبد الحميد مقروناً دائماً بالاستبداد.
المصادر
١) لمحات اجتماعية من تاريخ العراق علي الوردي
٢) تاريخ الدولة العلية العثمانية محمد فريد
إعداد: حسين الأسدي
مراجعة: بتول سيريس
السلطان عبد الحميد والمشروطية الأولى
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :