الإتجار بالبشر هو شكل من أشكال العبودية الحديثة، التي تنطوي على تجنيد الأشخاص أو احتجازهم أو نقلهم أو إيواؤهم بالقوة. أو الاحتيال عليهم وخداعهم بهدف استغلالهم لتحقيق الربح. فما هو تاريخ الإتجار بالبشر؟ وما هي الحقائق حول الإتجار بالبشر ؟ كذلك ما المفاهيم الخاطئة حول هذه القضية؟ وما هي صور وأشكال الإتجار بالبشر؟
محتويات المقال :
تلك هي بعض الحقائق حول الإتجار بالبشر، إنه مشكلة عالمية وظاهرة متنامية تؤثر على الناس من جميع الأعمار، فيمكن أن يقع الرجال والنساء والأطفال من جميع الأعمار ومن جميع الخلفيات ضحايا لهذه الجريمة. ويُعتبر تجارة الجنس الشكل الأكثر شُهرة للاتجار بالبشر، كما امتد تعريف الإتجار بالبشر ليشمل العمالة غير الشرعية أيضًا.
لقد بدأ الشكل الأول من أشكال الإتجار بالبشر عالميًا مع تجارة الرقيق الأفريقية. نظرًا لأن القارات الأمريكية والأوروبية كانت بمثابة “المُشترين”، وكانت الجماعات الأفريقية المختلفة تُمثل عناصر التجارة والوسطاء أيضًا. فيمكننا القول بأن هذه هي بداية التدفق الدولي للإتجار بالبشر.
صدر القانون الأول ضد العبودية من قِبل البريطانيين عام 180،ثم حذت الولايات المتحدة حذوها عام 1820، حتى حُظِرَت العبودية لأكثر من 40 عامًا قبل الحرب الأهلية الأمريكية. الوقت الذي لم تكن هناك منظمات دولية يمكنها اتخاذ مثل هذه القرارات التي تُلزم العديد من الدول في وقت واحد. بعد توقف تجارة الرقيق الأفريقية، ظهر ما يُسمى بـ “العبودية البيضاء“، والتي يُقصد بها شِراء امرأة أو فتاة بيضاء ضد إرادتها- باستخدام القوة أو الخداع أو تحت تأثير التخدير- لممارسة الدعارة. حظت عبودية البيض اهتمامًا كبيرًا، إذ بدأت الحكومات في التعاون لمحاربتها. ففي عام 1899 ثم في عام 1902، نُظِمت عِدة مؤتمرات دولية ضد العبودية البيضاء في باريس. وفي عام 1904 تم التوقيع على الاتفاقية الدولية لقمع تجارة الرقيق البيض. وهي أول اتفاقية دولية بشأن الاتجار بالبشر. وكان الغرض الرئيسي هو ضمان إعادة الضحايا إلى أوطانهم. وعلى الرغم من ذلك، فلم تُجرَّم العبودية البيضاء حتى توقيع الاتفاقية الدولية لقمع تجارة الرقيق البيض عام 1910.
لفتت أزمة الحرب العالمية الأولى الانتباه إلى الجهود المبذولة ضد العبودية البيضاء. فقد اندلعت الحرب، وأُقيمت أوروبا من جديد. فمن رحم الحرب العالمية الأولى ولدت أول منظمة دولية للأمم “عُصبة الأمم”. فكانت هذه هي المرة الأولى التي يُمكن فيها إبرام الاتفاقات داخل منظمة مُحددة، لا سيما مع المزيد من الضغط للامتثال. جذبت التفويضات الممنوحة لمختلف دول الحلفاء على دول أفريقيا والشرق الأوسط الانتباه إلى الإتجار الدولي بالنساء جميعًا، ليس النساء البيض فقط. كذلك الأطفال ذكورًا وإناثًا. ففي عام 1921، وقَّعت 33 دولة في مؤتمر دولي لعصبة الأمم الاتفاقية الدولية لقمع الإتجار بالنساء والأطفال. حتى ذلك الوقت، كان الإتجار بالبشر يُغطي فقط الإتجار لأغراض الاستغلال الجنسي والبغاء.
بعد الحرب العالمية الثانية، تحديدًا عام 1949، تبنت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اتفاقية الأمم المتحدة لقمع الإتجار بالأشخاص واستغلالهم في البغاء، وهو نفس العام الذي صدرت فيه وثيقة حقوق الإنسان. وكانت تلك أول اتفاقية دولية ملزمة قانونًا بشأن الإتجار بالبشر. في السنوات ال 51 التالية، نمت أشكال أخرى من الاستغلال، مثل تجارة الأعضاء والاتجار في العمالة.في عام 2000 اعتمدت الأمم المتحدة بروتوكول الأمم المتحدة لمنع وقمع ومعاقبة الإتجار بالبشر خاصة النساء والأطفال. ويعتبر هذا أول اتفاق يعترف بالرِق في العصر الحديث. فضلاً عن احتمال أن يكون الضحايا من الرجال أيضًا. فقد اتسع التعريف ليشمل تجارة الأعضاء والعبودية وهجرة العمالية القسرية.
أصبح الإتجار بالبشر مشكلة من حيث الانتشار الجغرافي والكثافة. فقد جرمته الأمم المتحدة بموجب بروتوكولات الجريمة. ومع ذلك فإن تاريخ الإتجار بالبشر يوضح المدة التي استُغرِقت للتعرف وتحديد أشكاله المختلفة. وربما الأمر الأكثر صعوبة الآن هو القدرة على تفكيك عصابات الإتجار بالبشر. في السنوات الأخيرة، تزايدت هجرة العمالة القسرية، مما قلل من نسبة الاتجار لأغراض الاستغلال الجنسي. ففي عام 2007 كان 32% من الأشخاص الذين تمت بهم عملية الإتجار، من المهاجرين للعمل القسري، بعد أربع سنوات تزايدت النسبة حتى وصلت إلى 40%. فهذا الشكل من الجريمة المنظمة، بغض النظر عن مدى انتشاره، مُربح للغاية ومنخفض المخاطر إلى حد ما. عادةً لا يوجد وقت كافٍ أو مُحققين كافين للتحقيق في انتقال مجموعة من الأفراد بشكل غير قانوني، مما يجعل هناك أكثر من 3 مليار مواطن بلا حماية.
من أهم الحقائق حول الإتجار بالبشر هو أنه سلوك يمتد ليشمل كل ما يأذي الآخر أو يستغل نقاط ضعفة من أجل مكاسب مالية. لكن الثلاثة الأكثر شيوعًا للإتجار بالبشر هي الإتجار بالجنس، والعمل القسري، والعبودية القسرية (عبودية الدَين أو العمل الجبري)، فوفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية، عبودية الديون هي شكل آخر من أشكال الإتجار بالبشر، إذ يُجبر الفرد على العمل من أجل سداد دين عليه. أما عن الإتجار بالجنس، فهو يؤثر بشكل خاص وكبير جدًا على النساء والأطفال، إذ ينطوي على المشاركة القسرية في الأعمال الجنسية التجارية. فيُعتبر الطفل ضحية للإتجار إذا كان متورطًا في فعل جنسي وهو دون الثامنة عشر عامًا. تشكل النساء والفتيات نسبة أكثر من 80% من الأشخاص الذين يتم الإتجار بهم عالميًا وعبر الحدود. وسنويًا يستغل المتاجرون بالبشر قرابة المليون طفل في تجارة الجنس. تصورات الإتجار غالبًا من تنطوي على إجبار النساء على ممارسة الدعارة. للأسف هذا مجرد جانب واحد جوانب الإتجار بالبشر. فالإتجار يظل له رُهاب وخطر يتبع الناجين، فيُستَغل هؤلاء الناجين بأي وسيلة أخرى، من الممكن أن يُجبر الضحايا والناجين أحيانًا على أي من أنواع العمل التالية قسرًا:
العبودية المنزلية – العمل بالزراعة – العمل بالصناعة – خدمات الحراسة – خدمات الفنادق – أعمال البناء والحفر – العمل بصالونات التجميل – الدعارة – العمل بالحانات والملاهي والمراقص.
جميع الجنسيات والمجموعات العرقية عُرضة للإتجار بالبشر، وقد يكون أي بلد أو دولة مصدرًا للعمل القسري أو محطة للعبور من خلالها.
بما أن عملية الإتجار هي عملية غير مشروعة وغير قانونية كليةً، فجميع اجراءاتها تصبح غير مشروعة أيضًا وملتوية، وهناك بعد الدلائل التى تُنذر وتوحي بوقوع جريمة إتجار، تعتبر أهم تلك العلامات:
العمل الجبري: أسرة تتخلى عن طفلها لوكالة تبني، لأنها لا تستطيع تحمل تكاليف رعايته. ثم يُجبر على تعلم مهنة أو حرفة ما بدون أجر مقابل التعلم لساعات طويلة يوميًا. مع تلقي الطفل للحد الأدنى من التغذية والتعليم المنتظم.
الإتجار بالجنس: تقدمت امرأتان للحصول على وظيفتين -كانتا وهميتين- من خلال إعلان ما، وبمجرد الوصول لمكان العمل يجدان أنهمن مجبرات على ممارسة الدعارة والا ستلاحقهم المصائب أو التوريطات، ويتلقى أهلهم وذويهم المال المقابل لعملهم بشكل منتظم.
عبودية الديون: هناك امرأة تطاولت وتكاثرت عليها الديون، وأصبحت في حاحة ماسة إلى سدادها. تستطيع التواصل مع وكيل توظيف يعرض عليها وظيفة كعاملة نظافة في مكان تضطر للسفر من أجله. عند الوصول لا تستطيع الحصول على جواز سفرها وأوراقها ووثائقها الرسمية. تُحضر إلى منزل العمل وهي مقيدة الحركة والإرادة. لتعلم أنها مُضطرة للعمل مقابل ديونها ورسوم سفرها وانتقالها وإلا ستُقتل من قِبل العائلة التى تعمل لديها.
الإتجار بالبشر صناعة إجرامية مدفوعة بالسوق، تقوم على مبادئ العرض والطلب. مثل المخدرات أو تجارة الأسلحة. لعل أهم ما يُغذي الإتجار بالبشر، الطلب على العمالة منخفضة التكلفة والخدمات والجنس التجاري.
لا تحدث المتاجرة بالبشر بدون استخدام القوة أو الاحتيال أو الاكراه، مع استغلال احتياجهم ورغبتهم في الاستفادة من العرض القائم. إذ يستوجب معالجة هذه العوامل التي يحركها الطلب حتى نستطيع حل مشكلة الإتجار بالبشر. كذلك من الضروري تغيير الحوافز السوقية الإجمالية للأرباح العالية والمنخفضة المخاطر التي يستغلها المتاجرين حاليًا. إذ يزدهر سوق الاتجار بالعمالة والجنس في العالم لعدد من الأسباب والتي يمكن أن نطلق عليها أيضًا أهم الحقائق حول الاتجار بالبشر أهمها:
المخاطر المنخفضة: يرى المُتاجرين بالبشر أن هناك القليل من المخاطر أو الردع للحد من عملياتهم الإجرامية. على الرغم من زيادة تسليط الضوء الفترة الأخيرة على تلك الجريمة. وعلى الرغم من زيادة التحقيقات وتوزيع الجهود وإعلان العقوبات على مدار السنوات الاخيرة، لا يزال العديد من المتاجرين بالبشر يعتقدون أن هامش الربح المرتفع يستحق المخاطرة. يساعدهم في ذلك نقص الاهتمام الحكومي وتحقيق القانون، انخفاض الوعي المجتمعي، القوانين غير الفعالة أو غير المُفعلة، الافتقار إلى تحقيق القانون، عدم الاهتمام الحكومي والمجتمعي بالضحايا وإلقاء اللوم الإجتماعي عليهم.
الأرباح العالية: عندما يكون هناك من هو على استعداد لشراء الجنس التجاري، فإنهم يستطيعون إنشاء سوقًا بكل مقوماته، يجعلون فيه استغلال الأطفال والبالغين جنسيًا أمرًا مربحًا للمتاجرين بالبشر.عندما يكون المستهلكون على استعداد لشراء سلع والحصول على خدمات وسداد ديون اعتمادًا على العمل الجبري، فإنهم يخلقون حافزًا لربح المتاجرين بالعمالة لزيادة الإيرادات إلى أقصى حد بأقل تكاليف إنتاج. إذا تُرك الإتجار بالبشر دون رادع، فسوف يستمر في الازدهار وسيخلق المتاجرون بيئة الإتجار المناسبة والتي يحققون فيها مكاسب نقدية كبيرة مع مخاطر منخفضة نسبيًا.
كأي ظاهرة لم يتم السيطرة عليها، تحاط مشكلة الإتجار بالبشر عِدة مفاهيم خاطئة، سنسرد لك عزيزي القارئ أشهر المفاهيم الخاطئة وما يقابلها من حقائق حول الإتجار بالبشر :
1- الإتجار بالبشر لا يحدث إلا في البلاد الفقيرة، فلا هناك حوادث إتجار بالبشر في البلدان المتقدمة.
التصحيح: الإتجار بالبشر موجود في كل بلد، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، الاتجار بالبشر موجود في المدن والضواحي والقرى الريفية، ربما يوجد في مجتمعك.
2- ضحايا الإتجار بالبشر هم فقط الفقراء ومن وُلدوا خارج بلدانهم وأوطانهم.
التصحيح: يمكن أن يكون ضحايا الإتجار بالبشر من أي عُمر أو عِرق أو جنس أو جنسية. قد يكونون من أي مجموعة أو فئة اجتماعية واقتصادية.
3- الإتجار بالبشر هو فقط إتجار بالجنس
التصحيح: الإتجار بالجنس موجود، لكنه ليس النوع الوحيد من الإتجار بالبشر، العمل الجبري هو نوع آخر من أنواع الإتجار بالبشر. كلاهما ينطوي على استغلال الناس. هناك ضحايا في الصناعات العُمالية المشروعة وغير المشروعة، بما في ذلك المصانع المُستغِلة للعمال، وصالونات التجميل، ومجال الزراعة، والمطاعم، والفنادق والخدمات المنزلية.
4- يجب إجبار الأفراد على ممارسة الجنس التجاري لكي يُصبحوا ضحية حقيقة، وبدون الإجبار لا يصبحون ضحية.
التصحيح: بموجب القانون الفيدرالي الأمريكي، فإن أي قاصر يقل عمره عن 18 عامًا، يُحرَّض على القيام بأفعال جنسية تجارية، هو ضحية للإتجار بالبشر، بغض النظر عما إذا كان قد أُكره أم لا.
5- الإتجار بالبشر وتهريب البشر أمر واحد.
التصحيح: الإتجار بالبشر ليس مثل التهريب، إذ يقوم الإتجار على أساس الاستغلال ولا يتطلب التنقل عبر الحدود. بينما يعتمد التهريب على التنقل، فينتقل شخص (الضحية) عبر حدود الدولة بموافقة شخص آخر (المُتاجر) في إجراء ينتهك قوانين الهجرة. على الرغم من أن تهريب البشر يختلف اختلافًا كبيرًا عن الإتجار بالبشر؛ إلا أن تهريب البشر يمكن أن ينحول إلى إتجار بالبشر إذا استخدم المُهرب القوة أو الاحتيال أو الاستغلال الجنسي. فبموجب القانون الفيدرالي، يصبح كل قاصر يتم حثه على ممارسة الجنس التجاري ضحية للإتجار بالبشر.
6- لابد وأن يحاول ضحايا الإتجار بالبشر طلب المساعدة في الأماكن العامة أو في أي مكان.
التصحيح: الإتجار بالبشر غالبًا ما يكون جريمة خفية، قد يخشى الضحايا الإقدام على الحصول على المساعدة؛ فقد يُجبروا على السكوت من خلال التهديد أو العنف كيفما يُجبرون على أي سلوك. قد يخشون أيضًا انتقام المتاجرين بهم، قد يخشون على عائلاتهم، وقد لا يكون في حوزتهم أي أوراق أو وثائق الهوية الخاصة بهم، أو ما يُثبت الضرر الواقع عليهم.
تكثُر حقائق حول الإتجار بالبشر، وما هو ثابت ومما لا شك فيه أن المُتاجرين يستهدفون الناس على أساس نقاط ضعفهم. وتتم عميات الإتجار بهم بين البلدان والمناطق عن طريق الخداع أو الإكراه. بمجرد وصولهم إلى وجهتهم، يتم تجريدهم من الاستقلال الذاتي وحرية التنقل والاختيار، ويضطرون إلى العمل في ظروف محفوفة بالمخاطر. غالبًا ما يواجهون أشكالًا مختلفة من الإساءة الجسدية والعقلية. كما يرتبط الإتجار بالبشر بعدد من الجرائم، بما في ذلك التدفقات المالية غير المشروعة، واستخدام وثائق السفر المزورة، والجرائم الإلكترونية.
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…