في اكتشاف رائد، حدد علماء الفلك نجمًا نيوترونيًا يدور بسرعة رهيبة تساوي 716 مرة في الثانية، مما يجعله أسرع جسم كوني يدور حول نفسه على الإطلاق. تم اكتشاف هذا النجم النيتروني باستخدام تلسكوب الأشعة السينية التابع لناسا ومستكشف التركيب الداخلي للنجم النيوتروني (NICER)، والمثبت على السطح الخارجي لمحطة الفضاء الدولية (ISS). وتحدث انفجارات قوية على سطح النجم تشبه تفجير القنابل الذرية.
لقد استخدم الفريق مستكشف التركيب الداخلي للنجم النيوتروني لمراقبة النظام الثنائي “4U 1820-30” بين عامي 2017 و2021، حيث اكتشفوا 15 انفجارًا نوويًا حراريًا عبر ضوء الأشعة السينية الذي أنتجه. وخلال هذه الفترة رصد الفريق 15 انفجارًا نوويًا حراريًا عبر ضوء الأشعة السينية الذي أنتجته.
وحمل أحد هذه الانفجارات توقيعًا يطلق عليه العلماء “تذبذبات الانفجار النووي الحراري” (thermonuclear burst oscillations)، والتي كان ترددها 716 هرتز. ولأن هذه التذبذبات تتوافق مع معدل دوران النجوم النيوترونية، فقد أكد هذا أن الجسم يدور 716 مرة في الثانية مما جعله يحصل على لقب أسرع جسم يدور حول نفسه.
محتويات المقال :
أساسيات النجم النيوتروني
عندما ينفد وقود نجم كتلته ثمانية أضعاف كتلة الشمس على الأقل، فهذا يمثل بداية النهاية. حيث ينهار قلب النجم، الذي كان يتغذى بالاندماج النووي، تحت تأثير جاذبيته، مما يتسبب في انفجار هائل يؤدي إلى تفجير الطبقات الخارجية للنجم. هذا الحدث الكارثي، المعروف باسم المستعر الأعظم، يترك وراءه بقايا نجمية تتراوح كتلتها بين مرة إلى مرتين كتلة الشمس. يتم ضغط النواة المتبقية في كرة صغيرة من النيوترونات، يبلغ قطرها حوالي 12 ميلاً (20 كيلومترًا) فقط.
هذا الضغط هو المفتاح للدوران السريع للنجوم النيوترونية. بسبب الحفاظ على الزخم الزاوي، تزداد سرعة دوران النجم النيوتروني مع تقلص حجمه. يمكن تصور هذه الظاهرة من خلال تخيل متزلج يتزحلج على الجليد. عندما يسحب المتزلج أذرعه، فإنها تدور بشكل أسرع، وعندما يفرد أذرعه، تتباطأ. وينطبق المبدأ نفسه على النجوم النيوترونية، وإن كان على نطاق أوسع بكثير. الزخم الزاوي هو كمية فيزيائية تصف الحركة الدورانية لجسم ما. وهو مماثل للزخم الخطي، الذي يصف الحركة الخطية لجسم ما.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للنجوم النيوترونية أن تتلقى دفعة عندما تكون في نظام ثنائي، مما يؤدي إلى سحب المادة من نجمها المرافق بفعل الجاذبية. تحمل هذه المادة المسروقة زخمًا زاويًا، مما يزيد من سرعة دوران النجم النيوتروني. وتعمل هذه المادة المسروقة أيضًا على تغذية الانفجارات النووية الحرارية على سطح النجم النيوتروني.
كل شيء سريع
هذا النجم النيوتروني، الملقب بأسرع جسم يدور حول نفسه، هو جزء من النظام الثنائي “4U 1820-30″، والذي يقع في العنقود الكروي “NGC 6624″، والذي يقع باتجاه قلب مجرة درب التبانة على بعد حوالي 26 سنة ضوئية من الأرض في كوكبة القوس.
وعندما يتعلق الأمر بمعدل دورانه، فإن الجسم الوحيد الذي يقترب من سرعة النجم النيتروني المذكور هو نجم نيوتروني آخر يسمى “PSR J1748–2446” والذي يدور أيضًا 716 مرة في الثانية، أو 42960 مرة في الدقيقة.
أما النجم الآخر الذي يسكن النظام الثنائي “4U 1820-30” فهو قزم أبيض، وهو النوع من البقايا التي تتركها النجوم ذات الكتلة المماثلة للشمس عندما تموت. هذا القزم الأبيض سريع أيضًا، حيث يدور حول شريكه النجم النيوتروني مرة كل 11 دقيقة. هذا يعني أن هذا هو نظام النجم الثنائي الذي يتمتع بأقصر فترة مدارية تم رؤيتها على الإطلاق.
المادة الأكثر كثافة في الكون
إن تجميع كتلة شمسين في جسم يتناسب مع حدود جزيرة مانهاتن له عواقب وخيمة. حيث يدفع هذا الضغط السريع الإلكترونات المشحونة سلبًا والبروتونات المشحونة إيجابيًا معًا، مما يؤدي إلى إنشاء بحر من الجسيمات المحايدة تسمى النيوترونات التي تملأ النجوم النيوترونية.
هذه المادة هي الأكثر كثافة في الكون. بل إنها كثيفة لدرجة أنه إذا تم استخراج ملعقة صغيرة من مادة نجم نيوتروني وإحضارها إلى الأرض، فإن وزنها سيبلغ 10 ملايين طن، أي ما يعادل وزن حوالي 85 ألف حوت أزرق.
ومع هذه الكثافة المذهلة يأتي تأثير جاذبية قوي بشكل لا يصدق. وهذا يعني أنه عندما تتجه المادة نحو نجم نيوتروني، فإنها تتسارع إلى سرعات تساوي ملايين الأميال في الساعة. وبالتالي، عندما تصطدم بسطح نجم نيوتروني، تطلق هذه المادة كمية لا تصدق من الطاقة.
فإذا تم إسقاط قطعة من حلوى الخطمي “المارشميللو” على سطح نجم نيوتروني، فإنها ستصطدم به بطاقة ألف قنبلة هيدروجينية تنفجر في وقت واحد.
انفجارات نووية حرارية على السطح
مع تراكم المادة النجمية المسروقة على سطح النجم نيوتروني، يمكن أن تصل إلى كتلة حرجة وتنفجر في انفجار نووي حراري عنيف. حيث تطلق هذه الانفجارات كمية هائلة من الطاقة، مما يجعل النجم النيوتروني أكثر سطوعًا من الشمس بما يصل إلى 100000 مرة.
هذه الانفجارات ليست مجرد أحداث عشوائية؛ فهي تتبع نمطًا محددًا، يتماشى مع معدل دوران النجم النيوتروني. ويشير هذا إلى أن سطح النجم ينفجر بانفجارات قوية مثل تفجير القنابل الذرية، وهي ظاهرة مذهلة حقًا. لذلك نحن نتعامل مع أحداث متطرفة للغاية، ومن خلال دراستها بالتفصيل، نحصل على رؤى جديدة حول دورات الحياة المثيرة لأنظمة النجوم الثنائية وتكوين العناصر في الكون
المصادر
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :