بعد أن تناولنا قواعد الافتتاح الأساسية في هذا المقال، يجب أن نسأل أنفسنا: ماذا بعد الافتتاح؟ هل هناك قواعد محددة يجب أن أسير عليها مثل قواعد الافتتاح؟ هذه الأسئلة منطقية جدًا. بالتأكيد تريد أن تتطلع على الخطوة القادمة، وكيف ستجهز جيشك ليتمركز ويسيطر على أكثر الأماكن الفعالة في الرقعة لتشن هجومًا فعالًا وبالتالي تفوز بالمباراة. لا تقلق، فنحن على أعتاب مناقشة أهم نصائح مرحلة وسط الدور، وبالتأكيد سنعرف أيهما أفضل: الفيل أم الحصان.
محتويات المقال :
تمثل هذه المرحلة عائقًا كبيرًا أمام المبتدئين والمتوسطين في الشطرنج؛ ففيها نجد أن معظم القطع، وأحيانًا كل القطع، موجودة على الرقعة في ترتيب مشوب بالفوضى العارمة، هذه الفوضى تجعل من حصر الاحتمالات والنقلات الصحيحة مستحيلًا على من لم يعتد هذه المواقف الفوضوية من قبل. وبسبب انتشار القطع وكثرتها في هذه المرحلة، ستجد أنك تخطئ كثيرًا وأحيانًا تنسى قطعك عندما يهاجمك الخصم لينتهي بك الأمر منزعجًا بسبب خسارتك للوزير -مثلًا- وبالتالي خسارة المباراة على الأرجح.
تبدأ مرحلة وسط الدور مباشرة بعد الافتتاح، وبالتحديد بعد أن تطبق قواعد الافتتاح وتُخرج جميع قطعك من أماكنها التي بدأت بها المباراة؛ أي تضع بيدقًا في المنتصف، وتنشر القطع الخفيفة (الحصانين والفيلين)، وتحمي ملكك بالتبييت، وأخيرًا تربط القلاع ببعضهما. [1]
البناء البيدقي أو ال Pawn Structure هو الشكل الذي تتخذه البيادق. يوجد أسماء كثيرة لمختلف التراكيب البيدقية، ولكنك لست مطالبًا بمعرفتها في هذه المرحلة. ويعد البناء البيدقي بمثابة الهيكل العظمي في الشطرنج، وكلما تمكنت من اللعب بالبيادق، أصبحت تتمكن من الرقعة أكثر، وازدادت فرصك في فرض السيطرة عليها.
يمكن لهذه النصيحة أن تتخذ أشكالًا متعددة ويمكنك الحفاظ على التركيب البيدقي الخاص بك بأكثر من طريقة. أهم هذه الطرق تتمثل في عدم دفع البيادق إلى الأمام بدون هدف واضح وحسابات مسبقة؛ فكلما دفعت بيدقك إلى الأمام، أصبحت المربعات التي كان هذا البيدق يحميها أكثر عرضة للاستغلال من قبل الخصم، ناهيك أصلًا عن أن البيدق الذي تدفعه إلى الأمام بدون هدف واضح، غالبًا ستفقده.
المربع الضعيف هو المربع الذي لا يمكن حمايته بسهولة عند هجوم الخصم ويمكن اعتباره بمثابة “الحفرة” في التركيب البيدقي. يسعى اللاعب المحترف دائمًا أن يخلق هذه المربعات لدى الخصم وأن يستغلها أفضل استغلال عن طريق وضع حصانًا فيها على سبيل المثال، وبالمناسبة، فإن الحصان هو أفضل قطعة لاستغلال هذه المربعات التي تنشأ بسبب الكثير من العوامل، منها مثلًا دفع البيادق إلى الأمام، وتكسير القطع بلا داعٍ وهي النقطة التالية التي سنأتي على ذكرها.
من أكبر مشاكل المبتدئين أنهم يكسرون القطع بدون هدف أو خطة واضحة ومحددة، وبالتأكيد نعني بتكسير القطع هنا: تبادل نفس القطعة مع الخصم (التخلص من القطعتين) لمجرد التبادل، أو تخليص الرقعة من بعض القطع التي ترى أنها تُزحم الرقعة وتسبب الفوضى ظنًا منك أن هذا سيساعدك. الأمر لا يسرى هكذا تمامًا؛ فتكسير القطع له مواقف وأسباب معينة لا يجب أن تحيد عنها. الأمر يأتي بالممارسة وكثرة التعود على المواقف، ولكن هناك مواقف لا تحتاج إلى الكثير من التفكير فيها لتكسر قطعك بقطع الخصم، فمثلًا:
إذا لم تكن تعرف، فالفيل يتساوى مع الحصان -تقريبًا- في القوة. في الواقع، إن كل منهما يمتاز بشيء عن الآخر، وهذا ما سنأتي على ذكره في النقطة الخامسة. على أية حال، فإن الفيلين معًا يشكلان قوة لا يستهان بها؛ فكل منهما يسيطر على عدد كبير جدًا من مربعات الرقعة. الفيل الأبيض يسيطر على كل المربعات البيضاء، والأسود على المربعات السوداء، بالتأكيد إذا مركزت كل منهما في المكان الصحيح.
من أهم النصائح في مرحلة وسط الدور. كما ذكرنا، فإن كل من الفيل والحصان يتساويان في مقدار القوة -تقريبًا- حيث يساوي كل منهما ثلاثة بيادق، لكن الأمر ليس بتلك السهولة. فهناك مواقف يتفوق فيها أحدهما على الآخر؛ على سبيل المثال، في المواقف المغلقة يتفوق الحصان على الفيل بسبب حركته المميزة وسهولة انتقاله بين القطع المزدحمة، أما الفيل فيتفوق في المواقف المفتوحة حيث حرية الحركة وكثرة المربعات المتاحة أمامه بنفس لونه الخاص. لذلك قبل أن تكسر أحدهما، انظر إلى الموقف بتمعن. [2]
قد يبدو الأمر غريبًا، ولكنك قد تضطر إلى التضحية ببعض القطع مقابل الانتشار. لا تنسى أن الهدف الأساسي من وراء المباراة هو الفوز، سواء قتلت الملك بقطعتين، أو ثلاثة، أو حتى بقطعة واحدة، فالأهم هو أن تفوز، لذلك اهتم بالانتشار أولًا ولا تكن جشعًا بأكلك للبيادق الكثيرة لمجرد أنها غير محمية، لربما تكون فخًا من خصمك على حساب الانتشار الأسرع، وهذا ما يعرف بالجامبيت Gambit؛ أي التضحية ببيدق، أو بيدقين، أو حتى بقطعة كاملة مقابل الانتشار.
بعد أن انتشرت حاول أن تهاجم، ولكن تذكر أولًا أن تغلق الوسط. وهذه قاعدة في غاية الأهمية؛ فعندما تهاجم، يجب أن تختار إحدى الجهتين -جهة الملك أو الوزير- لتهاجم عليها، وذلك -على الأرجح- بناءً على اتجاه بيدقك المتقدم، سواء ناحية الملك أو الوزير. إغلاقك لمربعات الوسط يؤمن هجومك بحيث يمنع اللعب المضاد لخصمك عن طريق استغلال وسط الرقعة.
في النهاية، يجب أن تعرف الفرق بين أهم مصطلحين في هذه المرحلة، وهما التكتيك والاستراتيجية. الفرق يكمن في المدة الزمنية؛ فالتكتيك في الشطرنج يُعنى به: التفكير في خطة ناجحة وماهرة يمكن لها أن تفيدك في مدى زمني قصير، أما الاستراتيجية، فيُعنى بها: التفكير في خطة تفيدك على المدى الطويل، مثل شكل البيادق المستقبلي ووضع القطع في أفضل الأماكن لها على الرقعة لتفيدك مستقبلًا. ولكي تحترف كل منهما تحتاج إلى شيئين فقط، ألا وهما التدريب والممارسة، والتي سنأتي على ذكرهما مستقبلًا. [3]
المصادر:
1- Chess.com
2- MasterClass
3- Garry Kasparov| WIRED
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…