Ad

في الثانية الواحدة، هناك أكثر من 28 ألف شخص يشاهدون المواد الإباحية، وأكثر من 3 ملايين دولار تُصرف على هذه الصناعة. أكثر من 65% من إجمالي عدد الذكور البالغين وحوالي 18% من الإناث، أقرّوا بأنهم يشاهدون المواد الإباحية، على الأقل مرة واحدة في الأسبوع. وإذا استمررنا في طرح مثل هذه الإحصائيات المرعبة، فلن يسعنا الوقت للإحاطة بها.

وصلت مشاهدة المواد الإباحية إلى مستويات لم يعد بالإمكان السيطرة عليها. فبمرور الأيام يصبح الأمر أكثر خطورة. تَوفُّر الإنترنت في كل مكان وسهولة الوصول إلى كل ما يخطر على البال عجّل من الانحدار إلى الهاوية، وإذا استسلمنا للأمر الواقع، فقد تُدَمر أجيالٌ قادمة بالكامل.

ما هو إدمان المواد الإباحية؟

تتواجد هذه القاذورات المُسماة بالأفلام الإباحية في كل مكان على الإنترنت ويستطيع أي شخص أن يصل إليها مجانًا، لكنها قد تكلف ما لا يُعوّض بالمال. لا يعد كل من يشاهد المواد الإباحية مدمنًا عليها وإلا لكان الوضع أسوأ بكثير. فالمدمنون المرضيون هم حوالي 6% من البالغين حول العالم.

تعريف الإدمان على المواد الإباحية يختلف حسب الأشخاص، بل وحتى بين الأطباء النفسيين. ولكن بشكلٍ عام، يمكننا أن نضع أُطرًا واضحة نُعرّف من خلالها بالإدمان بشكل عام، وإدمان المواد الإباحية بشكل خاص.

فالإدمان Addiction هو أكثر من مجرد اهتمام بشيء ما. إنه مرضٌ طبي يغير من فسيولوجية العقل والجسد. ويجبر الشخص على الاستمرار في فعلٍ ما حتى وإن كان هذا الاستمرار يضره. تخبرنا معظم الأبحاث العلمية بأن الإدمان يحدث لأنه يعمل على نظام الحافز والمكافأة في الجسم، وهذا عن طريق إفراز الهرمونات المسؤولة عن ذلك مثل الدوبامين.

اعتمدت منظمة الصحة العالمية سنة 2018 مفهوم السلوك الجنسي القهري compulsive sexual behavior كمرض نفسي. وعلاج هذا المرض يكون بالعلاج المعرفي السلوكي أو CBT.

مشاهدة الأفلام الإباحية تجعل عقلك يفرز هرمون الدوبامين، وهذا بدوره ما يوصلك إلى الشعور بالنشوة. ومع التكرار، يعتاد جسدك على هذه الحالة “الإكستاسية” المُبهجة التي تحدث عندما يفرز الدوبامين بغزارة. وبما أن العقل يعتبر المواد الإباحية مصدرًا لإفراز الدوبامين، نجده يُقلل إفراز هذا الهرمون، فيجعلك تلهث وراء مصدره ـ الإباحية ـ حتى يُفرز بغزارة مرةً أخرى وهكذا دواليك.

كيف تعرف أنك مدمن على المواد الإباحية؟

الأغلبية الساحقة ممن يشاهدون المواد الإباحية لديهم رغبة جامحة في ممارسة الجنس، وهذا سببٌ يجعلهم يجدون في الأفلام الإباحية متنفسًا لهم. تجدهم يعانون في أوقات فراغهم وحتى في عملهم. وهذا الأمر ينعكس على من حولهم، خاصة على أحبائهم والمقربين منهم.

 كما قلنا، تعريف الإدمان على المواد الإباحية يختلف من شخص لآخر. ولكن هناك أُطرا عامة تبين إدمان الشخص أو عدمه. فإذا كانت المواد الإباحية تؤثر على أنشطتك اليومية المعتادة، فقد تكون مدمنًا. والتأثير على الأنشطة اليومية هنا يعني تخليك عن فعل أشياء أخرى تستمتع بها لكي تشاهد المزيد من الأفلام الإباحية.

دفعة الدوبامين التي تحصل عليها من المواد الإباحية تفقدك شغفك تجاه الأشياء التي تهتم بها. وهذا من أكثر المؤشرات خطورة ووضوحًا. ويعتبر العجز من الناحية الاجتماعية مؤشرا جديدا، خصوصا إذا أصبح تواصلك الاجتماعي يتراجع.

لا تصدق كل ما تراه

الأفلام الإباحية ليست سوى وهم بعيد كل البعد عن الواقع. فهي “أفلام” إباحية، وهذا يعني أن هنالك طاقمًا مختصًا وراء صناعتها. طاقم من الممثلين والمخرجين، مع تواجد نص مكتوب يسيرون عليه. زوايا التصوير وساعات التعديل والمونتاج يوهمانك بما هو ليس موجوداً في الحقيقة. وهذا الإيهام هو أحد أهم أسباب تحطم العلاقات الحميمية الطبيعية.

يجب أن تعرف أن النشوة الجنسية التي تراها على وجوه هؤلاء الممثلين ليست حقيقية، ويكمن وراءها الكثير من الاستغلال والتعنيف. يجب أن تعرف أيضًا أن هؤلاء الممثلين يمتهنون صناعة المواد الإباحية، وأنهم لا يفعلون ذلك لمجرد المتعة.

علاج إدمان المواد الإباحية

الطريقة الأمثل لبدء العلاج هي الذهاب إلى طبيبٍ نفسي واستخدام العلاج المعرفي السلوكي. يصعب على المجتمعات العربية تفهم هذا النوع من الإدمان. لذلك، ورغم أنها الطريقة المباشرة باعتبار الإدمان على المواد الإباحية مرضاً نفسياً. لكنها ليست الخيار الوحيد.

حاول أن تشغل جُل وقتك قدر المستطاع، ولا تجلس بمفردك إن امتلكت خيارات أخرى. اصنع لنفسك هوايةً وشغفاً واجعلهم يلتهمون وقتك التهامًا. تحدث إلى الأصدقاء المقربين. احجب جميع المواقع الإباحية من خدمة الإنترنت الخاصة بك وصعّب على نفسك الوصول إليها؛ فسهولة الوصول هي أحد أهم مسببات الإدمان.

ختاما، يبدأ التعافي بالمعرفة. معرفتك بأن ما تشاهده هو مجرد وهم غير موجود في عالمنا المعيش. إدراكك للجُرم الذي ترتكبه بحق نفسك ومن حولك قد يحرك وازعك الأخلاقي ويجعلك تنفر من المواد الإباحية. سماعك عن الحيوات التي انتهت على يد الأفلام الإباحية سيشكل فارقًا.

المصادر:
1. MedicalNewsToday

2. WebMD

3. The Recovery Village

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Ahmed Safwat
Author: Ahmed Safwat

طالب كيمياء، محب للعلوم والبحث العلمي، وكذلك الفن بأشكاله٠

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


حياة طب فكر علم نفس

User Avatar

Ahmed Safwat Salah Al-Din

طالب كيمياء، محب للعلوم والبحث العلمي، وكذلك الفن بأشكاله٠


عدد مقالات الكاتب : 31
الملف الشخصي للكاتب :

شارك في الإعداد :
تدقيق لغوي : زكية بلحساوية

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *