أثبت الباحثون أن البكاء يُطلق الأكسيتوسين والمواد الأفيونية، والمعروفة أيضًا باسم الإندورفين، حيث تساعد هذه المواد الكيميائية على تخفيف الآلام الجسدية والعاطفية، وتحسين المزاج. يعتقد العلماء أن دراسة البكاء، أكثر من أي تعبير عاطفي آخر، قد تساعدنا في الحصول على رؤية أفضل للطبيعة البشرية، ومن هنا اجتهد العلماء في الأبحاث للإجابة عن الأسئلة المطروحة والتي من أهمها هل هناك فوائد صحية للبكاء؟
محتويات المقال :
هل هناك فوائد صحية للبكاء؟
البكاء هو استجابة طبيعية لمجموعة من المشاعر، من الحزن العميق إلى السعادة المفرطة والفرح، ولكن هل البكاء مفيد لصحتك؟ يبدو أن الجواب نعم.
يتفق الفكر النفسي اليوم إلى حد كبير، مع التأكيد على دور البكاء كآلية تسمح لنا بالتخلص من التوتر والألم العاطفي، وهنا البكاء هو بمثابة صمام أمان مهم، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن كبت المشاعر الصعبة يمكن أن يكون ضارًا بصحتنا.
ربطت الدراسات بين كبت المشاعر وضعف المناعة وأمراض القلب والأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم، وكذلك مع حالات الصحة العقلية، بما في ذلك التوتر والقلق والاكتئاب.
ثبت أيضًا أن البكاء يزيد من سلوك التعلق، ويشجع على التقارب والتعاطف والدعم من الأصدقاء والعائلة.
قسم العلماء السائل الدمعي إلى ثلاث فئات متميزة، وهي:
الدموع الانعكاسية، والدموع المستمرة، والدموع العاطفية، تؤدي الفئتان الأوليان الوظيفة المهمة لإزالة الغبار والعوالق الأخرى، وتساهم في حماية أعيننا من العدوى، أما الفئة الثالثة، فهي الدموع العاطفية التي تطرد هرمونات التوتر والسموم الأخرى من جسمنا، والتي من المحتمل أن تقدم معظم الفوائد الصحية.
لماذا تبكي النساء أكثر من الرجال؟
يشير الباحثون إلى أن النساء الأميركيات يبكين في المتوسط من ٣_٤ مرات كل شهر، بينما يبكي الرجال الأمريكيون حوالي مرتان، قد تُفاجئ هذه الأرقام البعض منا، خاصةً وأن مجتمعنا غالبًا ما ينظر إلى البكاء – وخاصة من قبل الرجال – على أنه علامة على الضعف وعدم القدرة على التحمل العاطفي.
والتفسير هنا هو أن هرمون البرولاكتين (الذي يظهر في مستويات أعلى عند النساء) يعزز البكاء على عكس منه هرمون التستوستيرون (الذي يظهر في مستويات أعلى عند الرجال).
وجدت دراسة أجريت على أشخاص في 35 دولة أن الفرق بين عدد مرات بكاء الرجال والنساء قد يكون أكثر وضوحًا في البلدان التي تسمح بقدر أكبر من حرية التعبير.
تقول مؤلفة الدراسة الرئيسية ديان فان هيمرت، الحاصلة على درجة الدكتوراه، والباحثة في المنظمة الهولندية للبحث العلمي التطبيقي:
إن الناس في البلدان الأكثر ثراء قد يبكون أكثر لأنهم يعيشون في ثقافة تسمح بذلك، بينما الناس في البلدان الفقيرة – الذين من المحتمل أن يكونوا أكثر عرضة للبكاء – لا يفعلون ذلك بسبب الأعراف الثقافية التي تستهجن التعبير العاطفي.
بُني، كن رجلًا ولا تبكِ!
تلخص هذه الكلمات بإيجاز العديد من معضلات الرجل حول التعبير العاطفي، وغالبًا ما يقال للأولاد أن الرجال الحقيقيين لا يبكون، وعندما يكبر هؤلاء الأولاد، قد يكبتون مشاعرهم بعمق وينسحبون عاطفياً من حياة أحبائهم، أو يتعاملون مع مشكلاتهم بسلوكيات ضارة، مثل أدمان الكحول أو تعاطي المخدرات، أو حتى يفكرون بالانتحار. ومن هنا يحتاج العديد من الرجال إلى تعلم مهارات كيفية إعادة الاتصال بمشاعرهم.
في تسعينيات القرن الماضي، قاد الشاعر روبرت بلي ندوات للرجال درّس فيها المشاركين كيفية التواصل مع مشاعرهم المدفونة منذ فترة طويلة من الحزن والفقد، والبكاء علانية إذا احتاجوا إلى ذلك.
من الجيد أن يبدأ مثل هذا التعليم في وقت مبكر، في المنزل أو في المدرسة، وإعطاء الأولاد حرية للتحدث عن المشاعر الصعبة.
متى تكون الدموع مشكلة؟
هناك أوقات يمكن أن يكون فيها البكاء علامة على وجود مشكلة، خاصةً إذا كان يحدث كثيرًا و / أو بدون سبب واضح، أو عندما يبدأ البكاء في التأثير على الأنشطة اليومية أو يصبح خارج نطاق السيطرة، على العكس من ذلك، قد لا يتمكن الأشخاص الذين يعانون من أنواع معينة من الاكتئاب من البكاء، حتى عندما يشعرون بالرغبة في ذلك.
في كلا الحالتين، سيكون من الأفضل رؤية طبيب متخصص يمكنه المساعدة في تشخيص المشكلة واقتراح العلاج المناسب.
البكاء علاج جيد
يربط الكثير من الناس البكاء أثناء الحزن بالاكتئاب، في حين أنه يمكن أن يكون في الواقع علامة على الشفاء، وقد يؤدي تعليم الأولاد والشبان أنه لا بأس في البكاء إلى تقليل السلوكيات السلبية ومساعدتهم على التمتع بحياة أفضل.
تشرح Roseann Capanna-Hodge، خبيرة الصحة العقلية، قائلة:
البكاء هو إشارة للتوقف لحظة والتعامل مع الضغوطات أو المشاعر غير المريحة أو أحاسيس الجسد، وإن قضاء الوقت في البكاء والتغلب على هذه المشاعر المُتعبة ليس فقط فعلًا إيجابيًا لا يسمح للعواطف والضغوط بالتراكم، بل يمكن أيضًا أن يكون علاجًا جيدًا.
إن أفضل طريقة للتعامل مع المشاعر الصعبة، بما في ذلك الحزن والأسى، هي تقبل وجودها، ومن المهم أن تسمح لنفسك بالبكاء إذا شعرت بذلك.
المصادر:
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :