ملخص مسرحية “هاملت”
أطول مسرحية كتبها شكسبير وكانت بين عام 1599 و 1601. تدور أحداثها في مملكة الدنمارك حول الأمير هاملت وحيرته ورغبته في الانتقام من قاتل والده وهو عمه كلاوديوس الشرير1 صور فيها شكسبير العديد من المعاني الإنسانية من الحيرة والانتقام والطمع والغضب وحتى الحب وموقف الإنسان من الحياة والموت.
القصة:
تبدأ مسرحية شكسبير بمشهد لحراس القصر الملكي، وهم يتبادلون نوبات الحراسة حتى يستلمها كلاً من هوراشيو ومرسيلوس وبرناردو. في خلال نوبات حراسة هؤلاء الثلاثة ظهر شبح للملك هاملت الأكبر -الذي تُوفي من فترة بسيطة- يمشي أمامهم مرتدياً كامل زيه العسكري.
ظهر مرتين في تلك النوبة دون أن ينطق بكلمة للحراس رغم صراخهم عليه وحتى تهديدهم له. فتعاهد ثلاثتهم على الإفضاء بما شاهدوه لصديقهم هاملت ابن الملك الراحل.
كان هامت ابن الملك في حالٍ يرثى لها ليس فقط لوفاة والده الذي يحبه كل الحب، بل السبب الأكبر أنه لم يأخذ وقته الكافي لبث الحزن على وفاة أبيه الحبيب الذي كان رمزاً للشجاعة والإقدام في مملكة الدنمارك كلها.
لم يستطع هاملت أن يأخذ وقته لرثاء أبيه نتيجة لزواج أمه من عمه بعد الوفاة بشهرٍ فقط!! الأمر الذي آثر في نفس هاملت وجرحها لمعرفته بمدى قوة أواصر الحب، والعشق بين أبيه وأمه فكيف تسلاه بتلك السرعة الغريبة! بل يقيمون الاحتفالات والمراسيم بتلك السرعة كأن اللحم الذي تم تقديمه في العزاء ساخناً تم تقديمه هو نفسه في مراسيم الزواج بارداً.
وفي أثناء تعجب هاملت من هذا الأمر، وزيادة لهيب الشكوك اتقاداً تجاه عمه، إذ بهوراشيو ومن معه من الحراس يدخلون عليه يقصون ما حدث ورؤيتهم لشبح أبيه الملك بكامل زيه العسكري، فيخرج معهم هاملت للمشاركة في الحراسة مساءاً حتى رأي بنفسه شبح أبيه يطل عليهم بعد منتصف الليل،
يجري خلفه مسرعاً للحديث معه رغماً من رفض هوراشيو ومن معه. وعندما التقي هاملت بشبح أبيه إذ بذلك الشبح يفضي إليه بخبر يقلب كيانه رأساً على عقب: أن والده لم يمت نتيجة عضة ثعبان كما قيل، لكنه مات مسموماً على يد أخيه ليفوز ليس فقط بالحكم بل وبالزوجة أيضاً. فأراد الشبح من هاملت أن ينتقم له، ويسترد حقه المسلوب دون المساس بأمه قيد أنملة.
من تلك اللحظة تغير حال هاملت وتعاهد أن يوقع بعمه، وقرر أن يمثل الجنون والاضطراب على كل الناس، ولم يدرك أحد في القصر ما السبب وراء اضطراب هاملت الغريبة وتغير أحواله.
كان مستشار الملك بولونيوس له بنت بارعة الجمال تُسمى أوفيليا أحبها هاملت بشدة، فأعطاها الهدايا القيمة المصحوبة بالأشعار المعبرة عما شغل قلبه من عشقٍ تجاه تلك الحسناء. وكان قد أمرها بولونيوس أن تعرض عنه حتى لا يصيبها مكروه، فهو في النهاية أمير قد يكون لا يكن إليها الحب كما يزعم وإنما الهوى العابر ليس إلا.
بعدها، بدأ الاضطراب يظهر على هاملت ففكر بولونيوس ودبر في سبب ذلك الجنون إذا هو الحب ولوعة الاشتياق لابنته الجميلة هما السبب الكامن وراء ما يقبع هاملت فيه من اضطراب، وإذا به يفضي للملك -عم هاملت- والملكة بما استنتج، وقد اقتنعوا بالفعل بعد ظهور البراهين، لكن بالطبع لم يكن للحب علاقة فالأمر كله من صنيع هاملت ليداري على ما أصابه من حيرة بعد لقائه بالشبح.
في أثناء تلك الحيرة المصحوبة بالجنون المزعوم الذي أصاب صديقنا هاملت، إذ بمجموعة من الممثلين ينزلون بالقصر. فكر هاملت أن يستخدمهم ليتأكد من كلام الشبح خوفاً أن يكون ما هو إلا شيطان تنكر في صورة أبيه لخداعه ليس إلا.
نتيجة لذلك أعدد لهؤلاء الممثلين مسرحية مبنية على ما عرفه من الشبح فإذا ظهر الاضطراب على عمه كان الشبح ينطق بلسان الصدق، ولم يكن شيطاناً. وبالفعل تم تنفيذ المسرحية التي تعكس مشهد مقتل أبيه بالسم كما قص الشبح بالضبط فإذا بعمه يغضب، ويفارق مجلسهم منزعجاً مضطرباً، وهنا تحديداً أزيحت الغشاوة من على وجه هاملت ليرى حقيقة الجريمة النكراء.
استدعت الملكة ابنها لتعاتبه عما بدر منه في الفترة السابقة، فتوجه هاملت إليها يلومها على ما ارتكبت من معاصي، وذنوب. كيف أنها تزوجت من قاتل زوجها، وزاد سخطه في الجدال حتى صرخت الأم طلباً للنجدة، وكان المستشار بولونيوس مختبأً وراء الستارة على علمٍ من الملكة؛ لتحري جنون هاملت. فإذا به يسمع ألفاظ النجدة تلك حتى أصدر هو الآخر أصواتاً فأسرع هاملت بغير علمٍ منه بمن وراء الستارة يضربها بسيفه بقوة، فإذا بالمستشار يسقط صريعاً بعد ضربةٍ واحدةٍ لا غير.
في أثناء رجاء هاملت من أمه أن تبتعد عن عمه المجرم، وألا تظهر له الود والمحبة ظهر الشبح ولم تراه الأم فظنت أن ابنها مجنون لا محال عندما تحدث لشخصٍ غير موجود. فتوجهت الملكة للملك بسرعة تقص عليه ما حدث من قتل، وجنون فارتعدت فرائس العم الشرير من هاملت، وأمر بأن يتم إرساله لأنجلترا زاعماً لزوجته أن هذا لمصلحة هاملت كما هو لمصلحة الجميع.
لكن في قرارة نفسه كان يريد الخلاص منه كما خلص من أبيه فأعد رسالة لملك إنجلترا يطلب منه أنه فور قراءة الرسالة عليه أن يقتل هاملت. وبالفعل تم إرسال هاملت مع رسولين -كانا من أصحابه في السابق لكن الآن يعملان في خدمة الملك ضد هاملت- في رحلة بحرية لإنجلترا.
إلا أن شكوك هاملت التي لا تنام جعلته يفتش غرفه وحقائب من معه من الرسل في أثناء نومهم فوجد الرسالة، وعرف ما يضمره عمه من خيانة، فقام بكتابة رسالة جديدة تطلب من ملك إنجلترا أن يقتل الرُسل فور قراءته لها، وختمها هاملت بالختم الملكي الذي هو ملكٌ لأبيه. هرب صديقنا هاملت على ظهر سفينة للقراصنة عائداَ لوطنه.
في تلك الأثناء كان لايرتس ابن بولنيوس قد عاد من فرنسا للدنمارك على إثر خبر وفاة أبيه الذي شابته الشوائب؛ فلا سرادق للعزاء، ولا غيره. فعلم أن في الأمر سرٌ خطير جعل عقله يغلي من الغضب، وتوجه للملك في جمعٍ غفير غاضب من الناس يريد تفسيراً لموت أبيه. فاجتمع به الملك وهدأ من روعه وأخبره بحقيقة ما فعله هاملت واتفق معه على تدبير خطير للتخلص منه.
في أثناء حوارهما وصل خبر غرق أوفيليا في الماء تلك الحسناء المسكينة التي فقدت عقلها عقب وفاة أبيها الذي تحب وتهوى، وأصبحت تطوف بين الناس تتحدث، وتغني بكلامٍ غير مفهوم، وتوزع عليهم أكاليل الورود حتى ذهبت لتُعلق إكليل من الزهود على غصن شجرة قد تدلى فوق النهر فإذا بها تهوي في الماء، وترسل أنفاسها الأخيرة وهي تغرق وفارقت الحياة في حزن وشجنٍ اختلط بالجنون ليزيد من كآبة الوضع، والمنظر ويزيد من غضب أخيها وعزمه على الانتقام الذي أعمى بصره.
وبعد أن دُفنت أوفيليا في غير زحام ولا جموع غفيرة ولا مراسيم دينية كاملة لأن موتها كان مشكوكاً فيه أنه عن عمد وهذا ما تبغضه الكنيسة لكنها دفنت في الأراضي الطاهرة بأمرٍ من الملك. عزم الملك ولايرتس على إعداد خطة تودي بحياة هاملت.
دبر الملك أن يدعو هاملت لمبارزة مع لايرتس، وكان قد نُزع غلاف الأمان من سيف لايرتس وسُمم آخره فإذا خدش هاملت سينتشر السم في جسمه، ويموت. فيظهر الأمر أمام الجميع أنه حادثة لا أكثر، ولن تثور أمه ولا الناس الذين يحبونه أشد الحب. وقام الملك أيضاً حرصاً منه على التخلص من هاملت بوضع السم في كأس هاملت فإذا لم يستطع لايريتس التخلص منه كان الخلاص على يد كأس الشراب المسمومة.
وجاءت ساعة المبارزة، فتغلب هاملت على غريمه جولتين حتى استطاع لايرتس أن يصيب هاملت بجرح في الجولة الثالثه، فغضب هاملت بشدة؛ لاكتشافه أن سيف الخصم منزوع الأمان. فاشتد القتال بينهم حتى سقطت السيوف وتبدلت فإذا بهاملت يجرح لايرتس، فيعترف لايرتس أن السيف مسمومة ولا دواء لداء ذلك السم، وأن كلاهما سيموت لا محالة، وأن هذا كله كان من تدبير عمه.
نظر هاملت لأمه فوجدها تسقط على الأرض فقد شربت من كأس هاملت المسمومة فسقطت صريعة وهي تقول: لقد سمموا الكأس يا هاملت. فإذا بهاملت وفي يده السيف المسممومة يطعن الملك جزاءاً على ما فعل فيموت الملك الشرير، وتموت زوجته الجميلة غير المخلصة، ويلفظ لايرتس آخر أنفاسه، ويسقط هاملت عاجزاً ليلقى مصير الموت وقد عهد إليه هوراشيو أنه سيصحح للناس صورته ويخبرهم الحقيقة.
كان المنظر كأنه مشهد من حربٍ دموية بلا أجانب ولا جنود بل كانت أدواتها الطمع الذي أصاب العم والحيرة التي أخرت ابن أخيه عن اتخاذ قراره، والانتقام لأبيه. فكان كلاً من الطمع والحيرة سلاحين فتكوا بأصحابهم ومن حولهم.
كي لا نظلم المسرحية
لم تكن مسرحية هاملت للمبدع شكسبير مجرد قصة جميلة فقط؛ حيث كان الحوار بين أصحابها مرآة تعكس أسئلة وجودية وفلسفية حول العديد من القضايا مثل: ما هو الموت؟ هل هو رقاد وصمت كما كان يتمنى هاملت، أم هو رقاد امتلأ بالأحلام المزعجة والمشاعر الصعبة؟
هل يمكن أن يكون خوف الناس من المجهول بعد الموت أو من احتمالية وجود تلك الأحلام هو الدافع وراء تمسكهم بالحياة بما يشاهدونه فيها من هوان وألم ؟ كذلك عكس شكسبير ألم الحيرة على أكمل وجه في شخصية هاملت شخصية أكون أو لا أكون؛ فهو أراد الانتقام لأبيه يدفعه لذلك الغضب والحب، وفي نفس الوقت تردد مراراً وتكراراً بسبب طبيعته الطيبة البيضاء.
لكن تلك الحيرة كانت سبب في فقد من أحب بعدها وحتى في فقد نفسه. واستطاع صديقنا شكسبير أن يعكس الأوضاع في الحضارة الأروبية آن ذاك في مجالات المسرح، والتمثيل والصراع بين القائمين على تلك الأعمال، وكيف أن الجودة الخلاقة للعمل الفني وبخاصة المسرحي قد تعود عليه بالضرر إذا كانت أعلى من مستوى تفكير العامة، فيعجزوا عن حب العمل فيقصر عمره بين الأنام.
لم تخلو المسرحية كذلك من الحديث عن عيوب المجتمع الأروبي وقتها مثل الإسراف في شرب الخمر التي تعود على صاحبها بعلة العقل والجسد، وتعود على شعوبها بالهوان. وكذلك حديثه عن الطبقية التي تُحلل دفن المنتحر في الأراضي المطهرة إذا كان من أولاد الأعيان، وأولي السلطة وإن لم يكن كان مصيره خارج تلك الأراضي. كل هذا وأكثر استطاع شكسبير أن يعكسه فيما بين أيدينا من قطعة أدبية رفيعة المستوى.
المزيد: ملخص رواية “يوتوبيا” للكاتب أحمد خالد توفيق
مصادر (ملخص مسرحية “هاملت”): 1.Brittannica
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
عظيم جدا شغل ممتاز جدا