Ad

ملخص رواية “الغريب” للكاتب والفيلسوف الفرنسي ألبير كامو

“في ذلك الليل الذي يفيض بالنجوم، أحسست للمرة الأولى برقة وعذوبة اللامبالاة، وأحسست أنني كنت سعيدًا في يوم من الأيام ولا زلت حتى الآن” ألبير كامو، رواية الغريب

رواية “الغريب” للكاتب الفرنسي ألبير كامو

تعتبر رواية الغريب أولى روايات الكاتب والفيلسوف الفرنسي ألبير كامو والتي نال على إثرها شهرة واسعة، تجلت فيها فلسفته الخاصة ومحاولاته لاكتشاف الإنسان وتجريده من كل ما هو لا إنساني، فجاء ميرسو بطل رواية الغريب ليمثل حقيقة البشر عندما يتخلصوا من كل الأقنعة الزائفة وينزعوا قشور المجتمع الباهتة، وظهر بهيئة المظلوم المتوحش الذي لا يبالي بأحد ويجهل تمامًا ماهية الكثير من المشاعر، بعدما ضاع من ضميره الإنساني، وفقد إنسانيته المتمثلة في مجموعة من المشاعر الإنسانية المعتادة، واتبع مبادئه الخاصة التي أوصلته بدورها إلى خشبة الإعدام.

الخطاب:

تبدأ حكاية ميرسو عندما تلقى خطابًا من دار المسنين التي أودع فيها والدته مسبقًا بعدما أصبح غير قادر على إعالتها، لإعلامه بوفاتها ووجوب حضوره لإتمام مراسم الدفن اللائقة، لذلك طلب إجازة من عمله واستعد للسفر، وكان يوم سفره شديد الحرارة وبسبب إرهاقه الشديد وحرارة الجو المرتفعة غفى ميرسو طوال الطريق حتى وصل إلى الدار، وفور وصوله اتجه إلى غرفة المدير ليسمح له برؤية الفقيدة، ولكن عندما أصبح أمام التابوت شعر فجأة بعدم رغبته في رؤيتها ورفض أن ينزع الحارس المسامير من غطاء التابوت.

جلس ميرسو أمام جثمانها وشعر برغبة شديدة في التدخين ولكنه كان مترددًا أن يدخن أمام والدته ثم أدرك أن ذلك ليس مهمًا على الإطلاق من وجهة نظره فقدم للحارس سيجارة ودخنا معًا، وبعدها عرض عليه الحارس قهوة باللبن فقبلها دون تردد وبعدما أنهى قهوته شعر برغبة في النوم فغفى على كرسيه، واستيقظ ميرسو ليجد أن أصدقاء والدته قد حضروا ليسهروا بجانب الجثمان حتى تتم مراسم الدفن، فسهر معهم في صمت.

أخبره الحارس أن كل أصدقاء والدته قد حضروا ما عدا السيد بريز أكثرهم قربًا منها والذي سمح له مدير الدار أن يحضر مراسم الدفن شرط ألا يسهر معهم حتى لا يصيبه مكروه بسبب المجهود الزائد، في الصباح انطلق الجميع لدفن السيدة وسار معهم في صمت يراقب العجوز بريز من بعيد وعندما سأله الحارس عن سن والدته فأجابه أنه لا يعلم، وبعد إتمام مراسم الدفن في هذا اليوم الكائظ رحل ميرسو على عجل دون أن يجثو على قبر والدته أو يبدو عليه أي حزن فقط كان صامتًا حتى أنه لم يبك.

عند استيقاظه في اليوم التالي قرر الذهاب للاستحمام في حمامات الميناء، وهناك رأى ماري زميلته السابقة في العمل فتجددت العلاقة بينهما وقررا الذهاب إلى السينما معًا في مساء ذلك اليوم، وعندما إرتديا ثيابهما ورأته ماري في ملابس الحداد سألته عن السبب فأجابها أن والدته دفنت في أمس ذلك اليوم، ففزعت ماري ورجعت إلى الخلف ولكنها وافقت على الذهاب معه إلى السينما على أية حال، وبعدما انتهى الفيلم الكوميدي الذي حضراه رجعت معه ماري إلى البيت.

وفي اليوم التالي بعد رجوعه من عمله قابل جاره العجوز سالامانو وكلبه الذي لم يفارقه منذ ثماني سنوات رغم خلافاتهما المتكررة، كما التقى بجاره ريمون على السلم وكان يقال عن ريمون أنه يكسب قوته من النساء وكان منبوذ من الجميع إلا أن ميرسو كان يتقبله فلم يجد سببًا يكرهه لأجله ولم يكن يهتم.

قتل بمحض الصدفة:

دعاه ريمون للعشاء فقبل ميرسو وأثناء تناول الطعام أخبره ريمون عن عشيقته السابقة التي خدعته وعن رغبته الملحة في الانتقام، وطلب منه أن يكتب خطابًا باسم ريمون ليستطيع أن يستدرجها إلى شقته وينفذ انتقامه، وقبل ميرسو كتابة ذلك الخطاب فلم يكن يرى مانعًا من ذلك ولم يشعر بأهمية ما يقوم به على الإطلاق، وفي نهاية الأسبوع حضرت ماري لتقضي العطلة مع ميرسو وفجأة سمعا أصوات مشاحنات من غرفة ريمون وصوت امرأة تصرخ بشدة جعلت الطابق يعج بالبشر، ثم حضر رجل الشرطة الذي أمر ريمون بالذهاب إلى قسم الشرطة في وقت لاحق ليدلي بأقواله، وطلب ريمون من ميرسو الذهاب معه ليشهد على خداع عشيقته فلم يمانع.

عند عودتهما وجدا سالامانو العجوز يبحث عن كلبه بلهفة واضحة بعدما ضاع منه، فشرعا يخففان عنه وأخبره ميرسو أن يذهب إلى مستودع الكلاب ويسأل هناك عن كلبه العزيز، وبعد فترة من صعود شقته تبعه العجوز وجلس معه لبعض الوقت يحكي له عن كلبه ويأمل أن يطمئنه ميرسو، وبرغم ضيق ميرسو بالعجوز الجالس في غرفته إلا أنه استمع له بسبب إشفاقه عليه وأنه لا يرغب في النوم.

في اليوم التالي دعاه ريمون لقضاء العطلة معه هو وصديقه ماسو على الشاطئ وأن يحضر ماري معه حتى لا تظل زوجة صديقه بمفردها، وفي يوم الأحد استعد كل من ماري وميرسو وانتظرا ريمون أسفل البناية، وعندما نزل أشار لميرسو أن ينظر باتجاه مجموعة من العرب يقفون في الزاوية وأخبره أن أحدهم هو شقيق عشيقته التي ضربها وأنه يضمر له الشر بكل تأكيد.

انطلق الجمع ووصلوا إلى الشاطئ حيث قابلوا صديق ريمون وزوجته، وبعد وجبة الغداء قرر الرجال الثلاثة التنزه على الشاطئ، وأثناء تلك النزهة وجدوا اثنين من هؤلاء العرب السابق ذكرهم وكان أحدهما هو غريم ريمون، اشتبكوا معًا في معركة أصيب فيها ريمون بجروح سطحية وهرب العربيان، ذهب ماسو مع ريمون للطبيب وضمدت جراحه ولكنه لم يهدأ.

قرر ريمون الخروج مرة أخرى ومعه مسدسه ينوي على شر فتبعه ميرسو وأقنعه ألا يفعل ذلك وأخذ منه المسدس ورجع معه إلى بيت صديقه، ولم يرغب ميرسو أن يدخل إلى البيت على الرغم من حرارة الجو المرتفعة وفضل أن يمشي على البحر، وأثناء سيره بغير هدى وجد نفسه أمام غريم ريمون الذي انتفض من مكانه وأظهر سكينه التي التمع نصلها في الشمس، فاهتاج ميرسو بسبب التماع نصل السكين والشمس الملتهبة فوق رأسه فلم يشعر بنفسه إلا بعد أن انطلقت رصاصة من المسدس واخترقت جسد العربي وحطمت هدوء الشاطئ وأتبعها بأربعة طلقات أخرى.

المحاكمة:

بعد إلقاء القبض على ميرسو عينت له المحكمة محام للدفاع عنه، استجوب عدة مرات حاول خلالها قاضي التحقيقات معرفة شخصيته ومعتقداته ولكن خاب أمله عندما أظهر الصليب لميرسو وأخبره الأخير بعدم إيمانه بالرب وأن هذا لا يهمه على أية حال، بعدها انهار القاضي أمام صلادة ميرسو وقرر إكمال التحقيق بعيدًا عن تلك النقطة الشائكة، واستمرت الاستجوابات فترة طويلة ثبت فيها ميرسو على أقواله وأصر أنه لم يبيت نية القتل وأن كل ذلك حدث بمحض الصدفة.

لم يكن ميرسو في البداية يعتبر نفسه مسجونًا فقد كان ينتظر ليعرف ماذا سيحدث له، ولكنه بدأ الإحساس بوحشة الزنزانة عندما تلقى خطابًا من ماري تخبره فيه أنهم لن يسمحوا لها بزيارته مرة أخرى لأنها ليست زوجته، وكانت ماري قد طلبت منه الزواج قبل الحادثة فوافقها معلقًا أن لا فرق لديه في ذلك وأنه لا يحبها لأنه لا يعرف ماهية الحب ولكنه مستعد من الزواج منها على أية حال ولكن لم تساعدهم الأحداث، لذلك أصبح السجن بالنسبة له عذابًا يمضي جل وقته في مشاهدة السماء ومعايشة خيالاته.

جاء يوم المحاكمة واقتادوا ميرسو إلى المحكمة ليحددوا مصيره، وبدأ الاستجواب وراح رئيس المحكمة يسأله في هدوء ووقار عن شخصيته ويعدد أمامه الوقائع والتهم الواقعة عليه وفي كل مرة كان ميرسو يجيب “نعم سيدي الرئيس” طبقًا لتعليمات المحامي، ثم حضر الشهود وكانوا من عرفهم ميرسو أو تعامل معهم قبل الحادثة بوقت قصير ومنهم مدير وحارس دار المسنين.

وعند استجواب الشهود تباينت الآراء حول ميرسو، وأوضح رئيس دار المسنين ثباته وجحوده يوم وفاة والدته وأنه لم يبك أبدا ولم يعرف سن أمه الحقيقي وأنه دخن مع الحارس وشرب قهوة باللبن أمام جثمان والدته، وتوالت الاتهامات لميرسو وهو في القفص يستمع وعندها فقط شعر برغبة شديدة في البكاء لأنه أحس لأول مرة كم أنه ممقوت من كل هؤلاء الناس، وحاول المحامي السيطرة على الوضع ولكن لا جدوى فقد أدان النائب العام ميرسو معتمدًا على قسوته مع والدته وأنه دفنها بقلب مجرم، وأن من يودع والدته في دار مسنين فقد قتلها معنويًا لذلك فهو قاتل له تاريخ في الإجرام.

لم يكن يعرف ميرسو هل هو يحاسب لأنه قتل رجلًا أم أنه لم يحزن لوفاة أمه، بعد الكثير من المناقشات أخذوا ميرسو إلى حجرة مجاورة حتى تتشاور اللجنة فيما بينها، ولكن كان قرار المحكمة أن يطيحوا رأسه في أحد الميادين العامة.

رفض ميرسو استقبال القس عدة مرات وتقوقع على نفسه في زنزانته تزوره الكثير من نوبات الهلع ويعتريه الشعور بالبرد في داخله يجعله يرتجف، ينتظر الفجر طوال الليل بقلب قلق وعين لا يزورها النوم لأنهم ينفذوا تلك العمليات في وقت الفجر دائمًا، وعندما لا يحدث شيء ولا يأتون لاصطحابه يكون قد فاز بيوم جديد على الأرض، وحينها أدرك أن الموت هو الحقيقة الوحيدة في هذه الحياة ولكن ذلك لم يمنع خوفه واصطكاك أسنانه الدائم دون أن يمكنه إيقافها.

كان يراوده الأمل في كثير من الأحيان في قبول الالتماس ويعيش خيالات سعيدة ولكنه سرعان ما يعود إلى ظلمة الزنزانة والخوف من لحظات الفجر وصوت وقع الأقدام، وفي يوم استيقظ فوجد القس أمامه ودارت بينهما مناقشة كان مفادها أن أمسك القس من ياقته بكل قوته ولعنه وصب عليه كل ما سكن أعماق قلبه، أخذ يصرخ بكل ما كان يشعر به ويتساءل ما الذي يجب أن يهمه في موت الآخرين أو في حب الأم، ما الذي يهمه في الإيمان بالرب أو الحياة التي تختارها طالما هناك قدر واحد فقط قد اختاره، وظل على صراخه حتى أوشك على الاختناق.

وأخيرًا استطاعوا انتزاع القس من يديه، وعندها ألقى بجسده على السرير واستيقظ كانت النجوم هناك في السماء تلتمع فوق رأسه، وعندها انطلقت الصفارات إيذانًا برحيله عن هذا العالم الذي لم يعد يهمه في شيء، وللمرة الأولى منذ زمن طويل تذكر والدته وأحس أنه مستعد لأن يبدأ الحياة من جديد، وكانت تلك الغصة الكبرى التي خلصته من الشر وأفرغته من الأمل، وشعر بعدها برقة وعذوبة اللامبالاة وأنه كان سعيدًا في يوم من الأيام ولا زال حتى الآن.

للمزيد من ملخصات الكتب

اقرأ أيضًأ ملخص رواية “العمى” لجوزيه ساراماغو

Aya Gamal
Author: Aya Gamal

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فكر ملخصات كتب

User Avatar

Aya Gamal


عدد مقالات الكاتب : 36
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *