ما هي الحوسبة الكمية؟

تُسخّر الحوسبة الكمية أو الكمومية ظواهر ميكانيكا الكم كي تحقق قفزة فريدة في الحوسبة لحل مشاكل معقدة، عجزت عن حلها الحواسيب العملاقة الحالية. وهذا المقال هو بداية لسلسلة (مقدمة في الحوسبة الكمية)، وفي السطور التالية ستتعرف على ماهية الحوسبة الكمية وتاريخها وأهميتها.

علم المعلومات الكمي

ظهرت ميكانيكا الكم في عشرينيات القرن الماضي لوصف السلوكيات المحيرة للمادة والضوء، وأحدثت ثورة في شتى العلوم. نتج عنها اختراعات مثل الترانزستورات والليزر ونظام تحديد المواقع. من ثم توصل العلماء إلى أن المعلومات نفسها يمكن اكتسابها وتشفيرها. كذلك يمكن معالجتها في أنظمة الكم؛ فنتج عن ذلك “علم المعلومات الكمي”. حيث يعتمد علماؤه على الرياضيين والفيزيائيين وعلماء الحاسوب، إضافةً إلى علماء المواد والكيميائيين والمهندسين.

فيُعدّ علم المعلومات الكمي (QIS) من المجالات المثيرة، إذ يعتمد على نظرية المعلومات وعلوم الحاسوب وميكانيكا الكم والهدف منه هو معالجة المعلومات بطرق جديدة وفريدة.

ما هي تطبيقات علم المعلومات الكمي؟

قامت فرق متعددة التخصصات بتطبيق علم المعلومات الكمي على تقنيات الكم الجديدة في الاتصالات والشبكات وأمن البيانات والملاحة والتشخيص الطبي… كما أحرزوا تقدمًا في تطوير أنظمة الحوسبة التي قد تسمح بمعالجة تحديات كانت حلمًا في مجالات مثل التشفير واللوجستيات والعلوم الطبيعية.

بالطبع سيؤثر علم المعلومات الكمية على طريقة عيشنا وعملنا وحدوث تطورات في العديد من الجوانب مثل التجارة والتعليم والتوظيف! فكما ذكرنا أن علم المعلومات الكمي ساهم في تطوير أنظمة الحوسبة، فذلك التطور الهائل الذي حدث مناقض تمامًا للحوسبة الكلاسيكية والتي كانت خاضعة لحل مشكلات معينة. إذ تم تصميم الحواسيب الكلاسيكية لتقليد العمليات التي نقوم بها نحن البشر. فمنذ الستينيات تقدمنا في أربعة مجالات:

  • صنع أجهزة أسرع.
  • ‏تحسين الأجهزة استنادًا إلى عمليات البرامج المتكررة.
  • ‏إعادة تصميم البرامج استنادًا إلى نقاط القوة والضعف.
  • ‏زيادة سعة مساحة التخزين وسرعة عملية التخزين.

‏خلال تلك التطورات، تحسنت أيضًا مناهج البرمجة. لكن كل المهام لا تزال مشابهة إلى حد كبير للمهام البشرية. تكمن الاختلافات بين الحوسبة الكلاسيكية والكمية من تلك اللبنات الأساسية. فبدلًا من بناء شيء يحاكي الآلة الحاسبة، اكتشف العلماء الظواهر الكمية وسألوا أنفسهم، كيف يمكننا استخدم تلك الظواهر لإجراء العمليات بشكل أسرع أو أفضل من هذه الآلة الحاسبة التي صنعناها؟ نتج عن السؤال ظهور الحوسبة الكمية.

تاريخ الحوسبة الكمية

اقتُرحت الحواسيب الكمية في الثمانينيات من قِبل ريتشارد فاينمان ويوري مانين. لاحظ الفيزيائي الأمريكي الحائز على جائزة نوبل «ريتشارد فاينمان-Richard Feynman» أنه عندما تبدأ المكونات الإلكترونية في الوصول إلى المقاييس المجهرية، تحدث التأثيرات التي تنبأت بها ميكانيكا الكم والتي كما وضح أنه يمكن استغلالها في تصميم حواسيب أكثر قوة. يأمل باحثو الكم في تسخير ظاهرة تُعرف باسم التراكب. والتراكب هو المصطلح المستخدم لوصف حالة كمية. توضح وجود الجسيمات في حالات متعددة في نفس الوقت وهو ما يسمح للحواسيب الكمية بالتعامل مع العديد من المتغيرات المختلفة في نفس الوقت.

‏ ‏دور ميكانيكا الكم

تم تطوير ميكانيكا الكم بين عامي 1900 و1925، وهي تظل حجر الزاوية الذي ترتكز عليه في النهاية الكيمياء، وفيزياء المادة، والتقنيات مختلفة مثل رقائق الحاسوب وحتى إضاءات الليد LED. على الرغم من هذه النجاحات حتى بعض أبسط الأنظمة بدت وكأنها تتجاوز قدرة الإنسان على النمذجة بميكانيكا الكم. فمحاكاة أنظمة بضع عشرات من الجسيمات المتفاعلة تتطلب قوة حوسبة أكبر مما يمكن أن يوفره أي حاسوب تقليدي، وسيستغرق آلاف السنين لتنفيذ المحاكاة.

فرق جوهري

عليك معرفة أن الحوسبة الكلاسيكية موجودة في كل مكان حولنا من الهواتف المحمولة إلى الحواسيب الفائقة. ما تعتمد عليه هذه الأجهزة هو أنواع مختلفة من البرامج مثل أنظمة التشغيل والتطبيقات ومتصفحات الويب. لكن، إذا كان لدينا كل هذه القوة الحاسوبية، لماذا قد نحتاج إلى حاسوب كمي؟

ببساطة، على الرغم من قوة الحواسيب الكلاسيكية وقدرتها على حل المشكلات في الجبر وحساب التفاضل والتكامل وغيرها أسرع من الإنسان، لكن لا يزال هناك العديد من المشاكل المعقدة التي لا حل لها. ما زلنا نحتاج إلى الكثير من الوقت والموارد لحلها.

فمثلًا تواجه الحواسيب الكلاسيكيّة صعوبة في تمثيل المعلومات المرتبطة بالروابط الكيميائية. يرجع ذلك إلى أن جميع المكونات في الجزيء مترابطة مع بعضها البعض. لذلك، إذا قمت بالعبث في ذرة في جزئ، فإن باقي مكونات الجزئ ستتأثر. على سبيل المثال الكافيين، وهو مجرد جزيء مكوّن من 24 ذرة. سنحتاج إلى 10 ^ 48 بت لتمثيل الكافيين وهو ما يفوق قدرات أفضل حاسوب كلاسيكي.

نهايةً، سيحل الحاسوب الكمي الناتج عن الحوسبة الكمية مشاكل التطبيقات الكيميائية مثل اكتشاف مواد البطاريات، وإنتاج الأسمدة، واكتشاف الأدوية، ومتانة المواد. إضافة إلى مشاكل في تحليل بيانات السوق المالية، وتطبيقات الصناعة، وتحسين النقل أيضًا. ستساعد الحوسبة في توفير أنظمة تشفير أكثر قوة. فتتمثل أهمية الحوسبة الكمية في تخزين المعلومات في الحالات الكمية للمادة واستخدام عمليات البوابة الكمية لحساب تلك المعلومات من خلال تسخير وتعلم “برمجة” التداخل الكمي. وانتظرنا في المقالات المُبسطة القادمة؛ لمعرفة المزيد عن الحوسبة الكمية.

المصادر

نُشرت بواسطة

Ayaa Yasser

آية من مصر، أدرس الرياضيات، مُحبة للعلوم والبحث العلمي.

Exit mobile version