Ad

مقدمة عن ثورة الحواسيب الكمية

لمحة فيزيائية بسيطة

في فيزياء الكم كل جسيم لديه طبيعة موجية، والطبيعة الموجية للإلكترون تختار حالة طاقة معينة له من عدة حالات داخل النواة. ويمكن أن ينتقل الإلكترون بين الحالات المختلفة من خلال امتصاص أو انبعاث فوتونات الضوء.

ماذا نستفيد من هذا الشيء في الحوسبة؟ حسناً، نظام كمي مع الحالات المنفصلة يجعل بالإمكان اختيار حالتين لتكون واحدة منهم هي 0 والأخرى 1، ومعاملتهم كحالات البيت الواحد الذي يأخذ قيميتين فقط، ولكن الفرق أنه سيحمل القيمتين معاً. ويمكنك الانتقال بالبيت بين هذه الحالات من خلال تطبيق الضوء ذا التردد المناسب للانتقال. وبذلك يمكن تشكيل العناصر الأساسية للحوسبة مع وجودهم في عدة حالات في نفس الوقت.

تتحكم وتخزن أجهزة الكمبيوتر الحالية المعلومات بالتمثيل الثنائي 0 أو 1. ولكن الحواسيب الكمومية تستفيد من ظواهر ميكانيك الكم للتحكم بالمعلومات. فهي تستخدم ما يسمى بال  «البيت الكمي – qubit» الذي يحمل القيمتين 0 و1 معاً في نفس الوقت.

تعتمد الحواسيب الكمومية على ثلاث خصائص من العالم الكمي للتحكم بال qubits وهي:

«التراكب – Superposition»

ويشير إلى مزيج من الحالات التي بالعادة تكون منفصلة وبشكل مستقل. فحسب نظرية الكم يكون الجسيم في جميع الحالات معاً عندما لا يكون مراقب أو حتى في أكثر من مكان، أي qubit يكون 0 و1 في نفس الوقت. عند نهاية العملية الحسابية سوف نقوم بالقياس لنختار واحدة من هذه الحالات، ولكن خلال العملية، الحالة لا تكون محددة.

«التشابك – Entanglement»

وهو ظاهرة كمية تعبر عن تصرف لم نره أبداً من قبل. تتصرف الجسيمات الكمية المتشابكة كنظام لا يمكن تفسيره بالمنطق الطبيعي، حيث تتفاعل مع بعضها لإنتاج ارتباط بين حالاتهم. أي أن تشابك جسيمان كلن منهم يبقى في وضع التراكب حتى يُقاسوا، ولكن في نفس الحظة التي تعرف فيها حالة واحد منهم ستعرف حالة الأخر. وبالتالي في الحاسوب يمكن أن يكون qubit متشابك مع أخر أو مع مجموعة الداخلة في عملية حسابية.

مثال شهير:

إذا كان هناك جسيمان كميان متشابكان أحدهم يدور بعكس الأخر دائما عند المراقبة ولكن عند عدم المراقبة يكون كلاً منهم يدور بالاتجاهين معاً والأخر بعكسه أي يمين-يسار ويسار-يمين في نفس الوقت. لنتصور أنه أخذنا الجسيم الأول لنهاية الكون والأخر في بدايته. تخيل أنه بمجرد أن تراقب وتعرف حالة واحد منهم سيستجيب الجسيم الأخر بنفس الحظة وتصبح حالته بعكس دوران الأول فإذا كان يدور يمين فالأخر يمكن أن نتأكد أنه يدور يسار.

«التداخل – Interference»

يمكن للجسيم أن يعبر في مساره الخاص أو يتداخل مع مسارات أخرى جديدة أو مع مساره أيضاً وظهر ذلك في تجربة الشق المزدوج.

عندما تكون البيتات في حالات التراكب، فهذا يعطينا مجال أوسع بكثير من الاحتمالات من البيتات العادية. والتشابك يسمح ل qubits أن تستمر في هذه حالات خلال العمليات الحسابية، ولكن الحالة النهائية تعتمد على حالة بقية ال qubits الداخلة في هذه العملية. فاذا أردنا تمثيل جسيمات كمية مرتبطا ببعضها بحيث كل جسيم يرتبط بالتالي ويدور عكسه، مع خصائص التراكب والتشابك، فمن المستحيل تمثيله على الحواسيب الحالية فهو يتطلب قدر ضخم من الموارد، ولكن على الحواسيب الكمومية فهذا أمر سهل ولا يتطلع إلا عدة qubits.

الحساب الكمي

هناك عدة طرق مختلفة تستخدم فيها الأنظمة الكمومية الخصائص الكمية للحساب. دعنا نتحرى نوعًا واحدًا من الخوارزميات المصممة للأجهزة الكمومية الحالية، والتي تستخدم الحوسبة الكمية للعثور على الحل الأفضل من بين العديد من الحلول الممكنة.

يمكن استخدام هذه الخوارزمية لمحاكاة جزيء عن طريق تحديد أقل حالة طاقة بين أطوال الروابط الجزيئية المختلفة. من أجل كل طول رابطة، تُمثل أجزاء من حالة الطاقة على معالج كمومي. بعد ذلك، تُقاس جوانب الحالة الكمومية وربطها بالطاقة في الجزيء، من أجل التكوين الإلكتروني المحدد.

يؤدي تكرار هذه العملية من أجل مباعدات مختلفة بين الذرات في النهاية إلى طول الرابطة بأقل حالة طاقة، والتي تمثل التكوين الجزيئي المتوازن.

ويوجد خوارزميات أخرى مثل  «خوارزمية غروفي- Grover’s algorithm» لتطبيق بحث أسرع، «خوارزمية شزر –Shor’s algorithm» التي أثبتت أنه يمكن للحواسيب الكمومية الكبيرة يوماً ما من كسر أنظمة حماية الحواسيب المعتمدة على RSA، وهي وسيلة منشرة للحماية، تستخدم على سبيل المثال في الأيميل والمواقع المالية، وهذا ما يثير مخاوف البنوك وخبراء الأمن من أمكانية الحاسوب الكمي في المستقبل من فك تشفير البيانات بسهولة.

 الكمبيوتر الكمي هو جهاز يستغل طبيعة الموجة والتراكب والتشابك لإجراء عمليات حسابية تتضمن خصائص رياضية جماعية أو محاكاة أنظمة الكم بشكل أكثر كفاءة مما يمكنك فعله بأي كمبيوتر تقليدي. ويمكن الاستفادة في محاكاة العالم الكمي وأمور الفضاء والكيمياء والبحوث النانوية. ولكن ما يزل هناك شوط كبير لنقطعه ويحرز الباحثون تقدمًا واضحًا، وإن كان بطيئًا. ربما في غضون 10 سنوات أو 20 عامًا، سنصل إلى حاسوب كمومي متكامل.

مصادر:
forbes
IBM
scientificamerican

مواضيع أخرى: هل حقا الديب ويب مكان للجريمة؟

Joseph Kalash
Author: Joseph Kalash

طالب في كلية الهندسة المعلوماتية جامعة دمشق

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


تقنية فيزياء

User Avatar

Joseph Kalash

طالب في كلية الهندسة المعلوماتية جامعة دمشق


عدد مقالات الكاتب : 11
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *