في المشهد المتغير باستمرار للصيحات الخاصة بالصحة (health trends)، تمكنت إحدى الممارسات من البقاء، وهي المضمضة بالزيت (oil pulling). تتضمن تقنية الأيورفيدا القديمة هذه المضمضة بالزيت حول فمك لعدة دقائق، بدعوى تقديم العديد من الفوائد، بدءًا من معالجة رائحة الفم الكريهة إلى معالجة مرض السكري. ولكن ما مدى صحة هذه الادعاءات؟
محتويات المقال :
ما هي المضمضة بالزيت ومن أين أتت؟
المضمضة بالزيت هي ممارسة تقليدية متجذرة في الطب الهندي القديم، وتتضمن المضمضة بكمية صغيرة من الزيت الصالح للأكل في الفم لمدة 20 دقيقة تقريبًا قبل بصقه. وقد اكتسبت هذه التقنية القديمة شعبية مؤخرًا، حيث روج العديد من المشاهير ومستخدمي الإنترنت لفوائدها. ولكن من أين أتت؟
يؤكد طب الأيورفيدا، وهو نظام شمولي للطب التقليدي نشأ في الهند منذ أكثر من 3000 عام، على أهمية صحة الفم في الحفاظ على الصحة العامة. في نظرية الأيورفيدا، يُنظر إلى الفم على أنه بوابة للجسم، ويُعتقد أن صحة الفم مرتبطة بالصحة العامة. من المحتمل أن يكون المضمضة بالزيت، والمعروفة أيضًا باسم “كافالا” أو “غوندوشا”، قد تم تطويرها كوسيلة لتطهير الفم والأسنان واللثة وتعزيز الصحة العامة.
يرتبط مفهوم الأيورفيدا عن “أما” أو السموم، التي يمكن أن تتراكم في الجسم وتسبب المرض، ارتباطًا وثيقًا بفكرة المضمضة بالزيت. يعتقد أنصارها أن هذه الممارسة تساعد على إزالة الآما من الفم، مما يسمح للجسم بالتخلص من السموم بشكل أفضل والحفاظ على الصحة.
كيف تؤثر على رائحة الفم الكريهة؟
عند الخوض في قلب الفوائد المزعومة للمضمضة بالزيت، نجد أن أنصاره غالبًا ما يشيرون إلى آثاره على صحة الفم. ولكن ماذا يقول العلم؟ عندما يتعلق الأمر برائحة الفم الكريهة، تشير الدراسات القليلة الموجودة إلى أن المضمضة بالزيت قد يكون لها بعض الفوائد. على سبيل المثال، وجدت دراسة صغيرة أجريت على 20 مراهقًا أن المضمضة بزيت السمسم كانت فعالة مثل الكلورهيكسيدين، وهو مطهر يستخدم لقتل البكتيريا في الفم، في تقليل رائحة الفم الكريهة. ومع ذلك، فإن حجم العينة الصغير لهذه الدراسة يجعل من الصعب استخلاص أي استنتاجات محددة.
علاوة على ذلك، وجدت التحليلات والمراجعات الخاصة أنه يقلل من البكتيريا في اللعاب، مما قد يكون له تأثير على رائحة الفم الكريهة. ومع ذلك، لا يزال هذا بعيدًا عن الدليل القاطع على إمكانية أن يجعل رائحة الفم جيدة.
استكشاف تأثير المضمضة بالزيت على تسوس الأسنان وأمراض اللثة
تسوس الأسنان وأمراض اللثة هي حالات معقدة ناجمة عن مجموعة من العوامل، بما في ذلك البكتيريا، وسوء نظافة الفم، والنظام الغذائي. تعتبر اللويحة السنية (plaque)، وهي طبقة لزجة من البكتيريا عندما تتراكم تكون الجير، مساهمًا رئيسيًا في كلتا الحالتين. تعد قدرة المضمضة بالزيت على تقليل اللويحة السنية أمرًا بالغ الأهمية في تحديد مدى فعاليته في الوقاية من تسوس الأسنان وأمراض اللثة.
حاولت العديد من الدراسات التحقق من تأثيرها على تسوس الأسنان وأمراض اللثة. وجد تحليل التلوي (meta-analysis) لعام 2023 أن المضمضة بالزيت أدت إلى تحسن كبير في درجات مؤشر اللثة المعدل (modified gingival index) للمشاركين، وهو مقياس لصحة اللثة، مقارنة بغسول الفم الذي لا يحتوي على الكلورهيكسيدين. حددت مراجعة أخرى دراستين خلصتا إلى أنها تقلل من الترسبات، على الرغم من أن المؤلفين لاحظوا أنه لم يتم الإبلاغ عن أي فرق إحصائي في إحداهما.
ومع ذلك، فإن نظرة فاحصة على هذه الدراسات تكشف عن قيود كبيرة. كانت العديد من الدراسات التي تم تحليلها ذات جودة منخفضة، مع أحجام عينات صغيرة، وارتفاع خطر التحيز، وسوء تصميم الدراسة. ونتيجة لذلك، فإنه من الصعب استخلاص استنتاجات موثوقة حول فعالية هذا النوع من المضمضة في الوقاية من تسوس الأسنان وأمراض اللثة. في الواقع، لم يجد تحليل التلوي لعام 2022 أي فرق كبير في التهاب اللثة واللويحات السنية عند مقارنة عملية المضمضة بالزيت بطريقة التحكم (control method).
الوعد الكاذب بأسنان أكثر بياضًا
إن تبييض الأسنان صناعة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، والعديد من الأشخاص يبحثون عن حل أرخص وأكثر فعالية. يزعم بعض أنصار المضمضة بالزيت أنها تبيض أسنانك، ولكن هل هناك أي دعم علمي لهذا الادعاء؟ لسوء الحظ، الجواب هو لا.
في حين أن هناك الكثير من الشهادات المتناقلة عبر الإنترنت ومقاطع فيديو على التيك توك التي تروج لهذه الطريقة كأسلوب طبيعي لتبييض الأسنان، إلا أن الدراسات العلمية الدقيقة حول هذا الموضوع نادرة. بمعنى آخر، لا يوجد دليل ملموس يدعم الادعاء بأن المضمضة بالزيت تقوم بتبييض الأسنان. كما أن الدراسات العلمية المناسبة حول هذا الموضوع قليلة ومتباعدة
ومن الجدير بالذكر أن جمعية طب الأسنان الأمريكية (ADA) لم تؤيد عملية المضمضة بالزيت كوسيلة لتبييض الأسنان. في الواقع، توصي (ADA) بالالتزام بالطرق المجربة والحقيقية مثل تنظيف الأسنان بالفرشاة باستخدام معجون أسنان يحتوي على الفلورايد، والخيط، وتنظيف الأسنان بانتظام للحفاظ على ابتسامة بيضاء صحية.
الفوائد الصحية المحدودة
يؤكد المتخصصون الطبيون مثل الدكتورة ساندرا دارلينج، أخصائية الطب الصحي والوقائي، أن صحة الفم قد يكون لها بعض الفوائد غير المباشرة للصحة العامة، لكن المضمضة بالزيت ليس آلية مباشرة لتحسين حالات مثل مرض السكري أو الأمراض المزمنة الأخرى. إن فكرة أن المضمضة بالزيت يمكن أن “يزيل السموم” من الجسم هي أيضًا خرافة، فالكبد والكلى لدينا هما المحركان الحقيقيان لإزالة السموم.
على الرغم من أنها قد لا تكون ضارة (إلا إذا كنت تعاني من حساسية تجاه الزيت أو تبتلع كمية كبيرة منه)، فمن الضروري فصل الحقيقة عن الخيال. ولا توصي جمعية طب الأسنان الأمريكية بالمضمضة بالزيت كممارسة لصحة الأسنان، والأدلة لا تدعم فوائده الصحية المعلنة.
إذن، ما هي خلاصة الموضوع؟ التزم بالطرق المجربة والحقيقية للحفاظ على صحة الفم الجيدة. قم بتنظيف أسنانك بالفرشاة مرتين يوميًا باستخدام معجون أسنان يحتوي على الفلورايد، واستخدام خيط الأسنان يوميًا، وعدم استخدام التبغ. إذا كنت لا تزال ترغب في تجربة هذه المضمضة، فقط كن مدركًا أنها ليست حلاً سحريًا لجميع مشاكلك الصحية.
المصدر
Oil Pulling: What Is It And Does It Really Benefit Your Health? | iflscience
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :