يعد الوعي الكمي أحد علوم الفيزياء الحديثة المثيرة للجدل، حيث يندرج تحت علم الفيزياء الحيوية الكمومية. ويركز هذا العلم على قضايا الوعي والذكاء وعلاقتهما بفيزياء الكم. حيث أن حجة العلماء العاملين على هذا الفرع العلمي قائمة على وجود فوتونات حيوية في الدماغ. وأين وجدت الفوتونات بالتالي فبالتأكيد يوجد مكان لفيزياء الكم!
محتويات المقال :
الوعي الكمي “Quantum mysticism”
يعرف أيضاً باسم التصوّف الكمي. يعد أحد أكثر العلوم (إذا صح التعبير) المثيرة للجدل في الأوساط العلمية. حتى أنه يشار إليه بازدراء في الكثير من الأحيان. وهو عبارة عن مجموعة من معتقدات الميتافيزيقيا والممارسات المرتبطة بها. والتي تدعي إمكانية بل حتمية ربط جوانب الوعي والروحانيات والذكاء ( والتي تمثل جانب كبير من معتقدات الصوفية ) بأفكار و نظريات ميكانيكا الكم. ولذلك سميت بالتصوّف الكمي.
وقد تعرّض هذا العلم وهذه الأفكار والنظريات إلى سيل من الانتقادات في الأوساط العلمية وخاصة علماء ميكانيكا الكم. وقد وصفت بالدجل وبالعلم الزائف.[1]
ورقة ويجنر
كتب العالم ويجنر “Eugene Wigner” في العام 1961 ورقة بعنوان ملاحظات على أسئلة العقل والجسد “Remarks on the mind-body questions”. أشار فيها إلى أن المراقب ( الواعي ) لعب دوراً أساسياً في ميكانيكا الكم. وقد اتخذت هذه الورقة كمصدر إلهام للصوفيين اللاحقين. وذلك بالرغم من أن ويجنر اتبع أسلوب وأفكار فلسفية في المقام الأول أثناء إعداده لهذه الورقة. وذلك الأمر يعد مخالفاً إلى حد ما للأفكار و المعتقدات الموجودة في تعاليم الصوفية. ولكن في أواخر سبعينيات القرن الماضي قام ويجنر بالتراجع عن أفكاره ورفض ارتباط الوعي البشري بميكانيكا الكم. [1]
الوعي الكمي أحد خرافات الميكانيكا الكمية!
في وقتنا الحاضر تتعرض نظرية الوعي الكمي للكثير من الانتقادات في أروقة أقسام الفيزياء في جميع الأقطاب العلمية في العالم. حيث يرفض العلماء فكرة لعب الميكانيكا الكمية التي وضعت من قبل مجموعة من العلماء المرموقين و هم آينشتاين وبور وبلانك وباولي وهايزنبيرغ دوراً في الصوفية والروحانيات. ولكن لنعود قليلاً إلى الوراء، إلى أوائل سبعينيات القرن الماضي حيث بدأت ثقافة صوفية العصر الجديد بالظهور.
بدأ بعض العلماء الذين اعتنقوا التصوّف الشرقي بتحليل الظواهر التخاطبية المزعومة بواسطة ميكانيكا الكم. حيث ظهرت كتب لعلماء وكُتّاب مثل آرثر كوستلر ولورانس لي شان وآخرون اقترحوا فيها إمكانية تفسير ظواهر التخاطر باستخدام ميكانيكا الكم. وفي نفس العقد ظهرت مجموعة فايزكس الأساسية، وهي مجموعة تتكون من عدد من علماء الفيزياء الذين تمسكوا بالوعي الكمي بعد انخراطهم في أمور التخاطر، والروحانيات، والتأمل، وتمارين مختلفة من العصر الجديد للصوفية الشرقية. وقد كتب أحد منتسبي هذه المجموعة وهو فريتجوف كابرا كتاب “استكشاف أوجه التشابه بين الفيزياء الحديثة والتصوّف الشرقي” وذلك عام 1975. تبنى هذا الكتاب العصر الجديد للوعي الكمي، واكتسب شهرة واسعة بين عامة الناس.[2] [3]
ما هو الوعي الكمي؟
حسناً، تكلمنا عن أن الوعي الكمي علم زائف كما يقول الكثير من العلماء. وتكلمنا أيضاً عن علماء آمنوا بالوعي الكمي. ولكن ما هو الوعي الكمي؟
بصورة مبسطة، الوعي الكمي هو علم يفسر الوعي البشري والذكاء وظواهر التخاطر في علوم الروحانيات والصوفيات بميكانيكا الكم وبالتالي فهو يقع بين التصوّف الشرقي وميكانيكا الكم. وفي بداية ظهور هذا العلم آمن به الكثير من الناس، وذلك لأنه دعم ببراهين مقنعة إلى حد ما وقتها. مثل أن ما يتحكم بالوعي البشري هي الفوتونات العصبية أو الحيوية. ويمكن أن يطبق على تلك الفوتونات مبادئ ميكانيكا الكم. وبالتتابع أصبح تفسير الوعي البشري بميكانيكا الكم ممكناً بل أكيداً بوجهة نظر المؤمنين بالوعي الكمي.
وبالرغم من غرابة هذه النظرية، وغرابة التفسيرات التي أوجدتها لربط الوعي بالكم. إلا أن ظهر مجموعة من العلماء الذين دافعوا عنها وقاوموا لربط الإثنين معاً. فقد كان كلا العلمين صعب الفهم، ومعقدين إلى حد ما. وهذا لا يعني بالضرورة أنهما مرتبطان بشكل ما حقًا أو أنهما يفسران بعضهما البعض. ورغم تزايد عدد المعارضين لها منذ ظهورها في النصف الثاني من القرن السابق. إلا أن أول نظرية مفصلة للوعي الكمي ظهرت في التسعينيات على يد الفيزيائي الحائز على جائزة نوبل من جامعة أكسفورد روجر بنروز، وعالم التخدير ستيوارت هامروف من جامعة أريزونا. والذين قالوا في هذه النظرية ( بشكل شديد الإختصار ) بأن الحسابات الكمومية في الأنابيب الدقيقة (وهي نوع من أنواع الهياكل الخلوية) لها دور وتأثير في إطلاق الخلايا العصبية وبالتبعية الوعي. [3]
اعتقادات بنروز وهاموفر
ذكرنا سابقاً بأن من بين مجتمع العلماء الرافض بأغلبيته الساحقة لهذه النظرية ظهر عدد من العلماء المرموقين المؤيدين لهذه النظرية. ومنهم بنروز الحاصل على جائزة نوبل وعالم التخدير هاموفر. فقد اتفق الاثنان على أن أحد مكونات الدماغ المسؤلة عن إطلاق الخلايا العصبية وهي الأنابيب الدقيقة كما أشرنا سابقاً لها القدرة على إجراء حسابات كمومية عالية الدقة لإطلاق الخلايا العصبية ( وهذا يعني بأن أدمغتنا عبارة عن حواسيب كمومية ). و الخلايا العصبية لها دور كبير في عملية الوعي والإدراك وبالتالي يكون الوعي نتيجة عدد من الحسابات الكمومية. ويدعي العالمان بأن هذه الأنابيب الدقيقة تتمتع بسلوك كمي، وذلك يتجلى في خصائصها المتمثلة في الموصلية الفائقة والميوعة الفائقة ( وذلك في درجات الحرارة المنخفضة فقط ). وذلك ما جعل هذين العالمين يؤمنان بنظرية الوعي الكمي.[2][3]
لماذا رفضت الأغلبية الساحقة من العلماء نظرية الوعي الكمي؟
لاقت نظرية الوعي الكمي رفضاً كبيراً منذ ظهورها في ألمانيا في عشرينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا. فقد رفضها في بداية ظهورها عدد من العلماء منهم اينشتاين رغم اتهامه بالتصوف وماكس بلانك وغيرهم. ولكن لماذا رفض العلماء هذه النظرية؟
يدعي المتصوفون والمؤمنون بهذه النظرية بأن ميكانيكا الكم ترتبط بالوعي، والوعي هو المسؤول عن خلق الواقع وبالتالي فإنه يمكننا التحكم بالواقع بواسطة ميكانيكا الكم. ويقر المتصوفون بإمكانية التحكم بالواقع إذا قمنا بتطبيق قوى عقلية كافية.
وقد وصل بعض المؤمنين بهذه النظرية إلى حد تفسير ظواهر نفسية وربما ظواهر خارقة بميكانيكا الكم. مثلما فعل أميت غوسوامي “Amit Goswami” حيث فسر الرؤية عن بعد والخروج من الجسد بالكم. وقد ذكر ذلك حرفياً في كتابه: كيف يخلق الواقع العالم المادي. وغيره من فسر إمكانية شفاء الأمراض بواسطة التفكير وجلسات التأمل بميكانيكا الكم مثلما فعل الطبيب ديباك شوبرا.
وقد رفض العلماء هذه النظرية لعدم وجود أدلة واضحة ومنطقية على صحتها. وقد رفض العلماء فكرة تفسير أمور غير منطقية بتاتاً بميكانيكا الكم. [1]
مصادر
1.Wikipedia
2.phys.org
3.physicsworld.com
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :