كان أول توحيد بين قوتين أساسيتين هو التوحيد القوة المغناطيسية مع القوة الكهربية تحت مسمى القوة الكهرومغناطيسية. ويعتبر أول الخطوات ذلك التوحيد هو اكتشاف التأثير المتبادل بين المجال الكهربي والمغناطيسي كما في الحث الكهرومغناطيسي. فما هو الحث الكهرومغناطيسي؟ وما هي تطبيقاته؟
محتويات المقال :
المجال المغناطيسي
عرفت الحضارات القديمة المواد المغناطيسية والخصائص المصاحبة لها، كقدرتها على جذب معدن الحديد مثلًا. فكان يعتقد بعض فلاسفة الإغريق أن المغناطيس له روح لأنه يجذب الحديد، كما قال طاليس [1]. ولكن ظهرت الدراسات العلمية الحقيقة لظاهرة المغناطيسية عام 1269 ميلاديًا على يد العالم «بيتر بيريجرينوس – Peter Peregrinus». عمل بيتر على وصف العديد من الخصائص المغناطيسية للمغناطيس، كما أنه أول من استخدم مصطلح قطب مغناطيسي. ألهمت أعمال بيتر الكثير من العلماء بعده ك «وليام جيلبرت – William Gilbert» الذي وصف مغناطيسية الأرض في كتابه «المغناطيس – De Magnete».
يتكون المغناطيس من قطبين شمالي (N) وجنوبي (S). الأقطاب المتشابهة تتنافر والأقطاب المختلفة تتجاذب. ووصف العالم «مايكل فاراداي – Michael Faraday» طريقة تفاعل المغناطيس مع مغناطيس آخر أو مع المعادن عن طريق مفهوم خطوط القوى. وخطوط القوى (أو خطوط الفيض) تتمثل كخطوط في الفراغ تخرج من القطب الشمالي ويستقبلها القطب الجنوبي.
وتسمى عدد خطوط الفيض التي مرت في مساحة معينة باسم «كثافة الفيض – magnetic flux». ويستخدم مصطلح كثافة الفيض لتبسيط وصف التأثير المتبادل بين المجال المغناطيسي والمجال الكهربي.
التأثير المتبادل بين المجال المغناطيسي والكهربي
لاحظ العالم الدنماركي «هانز أورستيد – Hans Ørsted» عام 1820 حيود إبرة تجاه القطب الجنوبي عند مرور تيار كهربي بالقرب منها [2]. وكانت ملاحظة أورستيد هي أول خطوة نحو توحيد القوى الكهربية مع المغناطسية كقوة واحدة هي القوة الكهرومغناطيسية. وتفسير ما حدث في تجربة أورستيد هو أن مرور التيار كهربي ينتج عنه مجال مغناطيسي وذلك الذي صاغه رياضيًا «أمبير – Ampère».
وعكس تلك الظاهرة هو خَلق مجال كهربي عن طريق وجود مجال مغناطيسي في ظاهرة تسمى «الحث الكهرومغناطيسي – Electromagnetic induction». وأول من اكتشف الحث الكهرومغناطيسي هو مايكل فاراداي عن طريق بعض التجارب التي نشر نتائجها عام 1831 [3]. وشرط الحث الكهرومغناطيسي هو تغير في خطوط المجال المغناطيسي مع الزمن. ولتوضيح معنى ذلك الشرط تخيل ملف على شكل حلقة دائرية ومغناطيس يمكنه ان يعبر من خلال تلك الحلقة.
ينتج التيار الكهربي في الحلقة الدائرية فقط عند تغير عدد خطوط الفيض المار داخل الحلقة مع الزمن. افترض أن المغناطيس يقترب من الحلقة فستزيد عدد خطوط الفيض مع اقترابه وعند تلك اللحظة سيتولد تيار كهربي مستحث داخل الحلقة. والعكس عند ابتعاد المغناطيس عن الحلقة فسيقل عدد خطوط الفيض وبالتالي ينشأ تيار مستحث نتيجة هذا التغير في خطوط الفيض. أما إذا ظل المغناطيس ساكن بلا حركة مثلًا فلن ينشأ تيار مستحث داخل الحلقة.
ويحدد اتجاه التيار عن طريق قاعدة وضعها العالم «إميل لينز – Emil Lenz». وقاعدة لينز هي أن التيار يمر في الحلقة بحيث يُنشئ مجال مغناطيسي يلاشي التغير الناشئ عن تحرك المغناطيس. فمثلًا إذا اقترب المغناطيس من الحلقة، يمر التيار في الحلقة بشكل ينتج عنه مجال مغناطيسي يحاول إبعاد المغناطيس عن الحلقة.
المولّد الكهربي
للحث المغناطيسي تطبيقات عديدة، ولكن أشهر ما قد ترى منهم هو المولّد الكهربي الذي تقوم فكرته على مبدأ الحث الكهرومغناطيسي. اخترع مايكل فاراداي أول مولد كهربي وأسماه «مولد قرص فاراداي – Faraday disk generator». والمولّد الكهربي من اسمه ينتج طاقة كهربية عن طريق طاقة حركية تُبذل بسبب ظاهرة الحث الكهرومغناطيسي. وبالتالي فالمولّد الكهربي هو جهاز يحول الطاقة الحركية لطاقة كهربية.
يتكون المولد في الأساس من مغناطيسين، أحدهما شمالي والآخر جنوبي، كلاهما مسؤولان عن توليد خطوط الفيض اللازمة للحث الكهرومغناطيسي. وفي المنتصف ملف كهربي يدور بشكل دوري بين المغناطيسيين. مع دوران الملف يتغير عدد خطوط الفيض الذي يعبر من خلال الملف حيث لا تعبر خطوط الفيض إذا كان الملف موازي لخطوط الفيض، وتعبر أقصى عدد لخطوط الفيض إذا كان الملف عمودي على خطوط الفيض. ونتيجة لتغير خطوط الفيض خلال الملف، ينتج تيار كهربي مستحث داخل الملف. وهكذا تتحول الطاقة الحركية الناتجة عن دوران الملف إلى طاقة كهربية.
المصادر
[1] Ancient Greece: The Science of Magnetism is Born
[2] experiments on the effect of a current of electricity on the magnetic needle
[3] The field concepts of Faraday and Maxwell
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :