Ad

ما هو التواصل اللا عنفي؟

ظهرت فكرة اللا عنف لدى عالم النفس السريري الأمريكي الحائز على الدكتوراة؛ «مارشال برترام روزنبرج- «Marshall Bertram Rosenberg (1934 – 2015) في السبعينات [1] وذلك بتأثير من أفكار عالم النفس «كارل روجر -«Carl Ransom Rogers (1902 – 1987) حول الاستماع التعاطفي، والتقدير الإيجابي غير المشروط. حيث تعاون كارل مع «إبراهام ماسلو – Abraham Harold Maslow» (1908 – 1970) على تأسيس علم النفس الإنساني.

وفكرة «التواصل اللا عنفي – NonViolent Communication» بحد ذاتها ليست بجديدة، وإنما ظهر نشاط اللا عنف بشكل واضح في الوعي والسلوك السياسي الذي تبناه غاندي ومارتن لوثر كينج.

“اللاعنف لا يعني تجنّب العنف الجسدي الخارجي فحسب، بل أيضاً العنف الداخلي ضد الروح، أنت لا ترفض إطلاق النار على الرجل فحسب، بل ترفض أن تكرهه” [2] .

مارتن لوثر كينج

والتواصل اللا عنفي هو عملية تحويل الكلمات وردود الأفعال التلقائية إلى استجابات واعية تعتمد على إدراكنا لما نلاحظه، ونشعر به، ونريده[1] .


والإيمان بعملية التواصل اللا عنفي يقوم على استحضار أمرين:
الفارق بين “احتياجي” الأعمق وبين “ما أريده الآن” كأداة أخدّم بها احتياجي. ثم إن البشر جميعاً لديهم احتياجات أساسية، غير مشروطة بمكان أو شخص، ولا حتّى وقت، أو شيء، مثل: الاحترام، والاتصال، والتفهّم، وأن يكون مسموعاً ولديه استقلال وحريّة [1].

الخطوات الأربعة لعملية التواصل اللا عنفي

“فليكس، عندما أرى بعضًا من جواربك المتسخة مكوّرة وملقاة أسفل مائدة السفرة، والبعض الآخر منها بجوار التلفزيون. أشعر بالضيق والغيظ، لأنني أحتاج لمزيد من النظام في حجرات البيت التي نتشاركها جميعا، فهل تتكرّم بوضع جواربك المتسخة في الغسالة!”

  • ماذا ألاحظ؟

علي أن أنتبه إلى صياغة الملاحظة والتعبير عنها دون حكم أو تقييم. “فليكس، عندما أرى بعضًا من جواربك المتسخة مكوّرة وملقاة أسفل مائدة السفرة، والبعض الآخر منها بجوار التلفزيون.”

  • كيف أشعر؟

“أشعر بالضيق والغيظ” تحديد المشاعر التي نشعر بها إزاء هذا التصرف.

  • ماذا أحتاج؟

علي أن أعرف أن فهمي لشعوري هو الذي يحدد حاجتي. “لأنني أحتاج لمزيد من النظام في حجرات البيت التي نتشاركها جميعاً”

  • الطلب المحدد بدقة.

“فهل تتكرّم بوضع جواربك المتّسخة في الغسالة” [3].
وبتفكير مستمد من علم النفس، يمكننا استخدام هذا الأسلوب ليس فقط عندما نريد أن نقول شيئاً ما، بل في وإعادة صياغة طلب الشخص الآخر حسب الخطوات (ملاحظة، شعور، احتياج، طلب).

ملاحظة: “هناك نصف ساعة قبل بدء العرض وأرى أنك تتصبب عرقًا”، شعور تخميني: “هل أنت متوتر؟”، في حال أجاب بنعم نسأله عن حاجته: “هل يمكنني عمل شيء لتخفيف التوتر؟” [3].

معوقات التواصل اللا عنفي

  1. الأحكام الأخلاقية التي تصنّف الناس وأفعالهم إلى فئتين خيّر وشرّير، سوي وشاذ، ذكي وجاهل. ويحدث ذلك من قبيل؛ “مشكلتك أنك أناني جداً”، “إنه أحمق”، “إنهم منحازون”، “هذا أمر لا يليق”. وغير هذه من الإهانات والتحقير والانتقاد والشخصنة. يقول الشاعر جلال الدين الرومي: “هناك وراء أي أفكار عن الخطأ والصواب، ميدان؛ سألاقيك عنده”. بل ويعتقد روزنبرج أننا عندما نصادف شخصيات أو سلوكيات لا تعجبنا أو لا نفهمها نسارع إلى اتّهامها أو اتّهام أنفسنا، وذلك لأننا لا نفكر بالطريقة اللا عنفية وإنما نصب تركيزنا على التصنيف والتحليل والحكم والتقييم.
  2. عقد المقارنات بين أنفسنا والآخرين، ويشير روزنبرج إلى أن هذا الأمر طريقة مضمونة إلى إتعاس النفس وتدمير التعاطف.
  3. إنكار المسؤولية حيث أننا جميعاً مسؤولون عن أفكارنا ومشاعرنا وتصرفاتنا. وأي تعبير نستخدمه نحمّل الآخر فيه مسؤولية عما نشعر به أو نفكّر به أو نسلكه يعتبر مثالاً عن إنكارنا لمسؤوليتنا الشخصية كما في قول: “أنت تشعرني بالذنب”. أو قول “ما فعلته ليس سوى تنفيذ للأوامر العليا”. وكثيرًا ما نقوم بعزو أسباب أفعالنا إلى شمّاعات مثل: (1) قوى مبهمة مجرّدة. (2) حالتنا النفسية. (3) تصرفات الآخرين. (4) أوامر السلطة. (5) ضغط الجماعة. (6) القوانين والقواعد والسياسات المؤسساتية. (7) الأدوار الاجتماعية والعمرية. (8) رغبات لا يمكن السيطرة عليها.[3] .

أنواع القوة واستخداماتها في التواصل غير العنيف

ربما نحتاج إلى القوة في المواقف الحسّاسة ذات الخطر الوشيك على الحياة وحقوق الأفراد والتي يتعذّر معها الحوار. إلا أن هذا يتطلّب منا التفريق بين الاستخدام الوقائي والعقابي للقوة.

تهدف القوة الوقائية إلى منع أذى أو ظلم، أما القوة العقابية فهي تهدف إلى جعل المذنب يعاني ويدفع ثمن فعلته.

وتتمثّل القوة الوقائية في الواقع العملي حين نمسك طفلاً يجري في الشارع لمنعه من التعرض للأذى. أما العقابية تأتي على شكل صفعة أو توبيخ أو تأنيب كأن تقول للطفل: “كيف تكون بهذا الغباء؟! عليك أن تخجل من نفسك!”[3].

ويأتي تأثير القوة العقابية بشكل عكسي يدمّر الدافعية الذاتية للإنسان نحو الأشياء لأنه لا يتوقف عن القيام بها لأسباب وجيهة وإنما تفادياً للعقاب الذي ينتظره فيما لم يفعلها. هذا بدوره يقلل من تقديره لذاته، ولربما يجب أن تستدعي دائماً خطورة ما. نحن مقبلين عليه وعواقبه على الصحة النفسية لأطفالنا عندما تتأتّى لذهننا فكرة استخدام القوة العقابية [3] .

المصادر
[1] Society For Conversation Biology
[2] Journal of History Culture and Art Research
[3] التواصل غير العنيف لغة حياة، د.مارشال بي. روزنبرج. 

 

 


 

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


علم نفس

User Avatar

Ahmad Abdulbaset

باحث في الإدارة، الفلسفة والعلوم الإجتماعية.


عدد مقالات الكاتب : 4
الملف الشخصي للكاتب :

شارك في الإعداد :
تدقيق لغوي : abdalla taha

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق