للكهرباء استخدامات عديدة في حياتنا اليومية. فقد جعلت الكهرباء حياتنا أسهل حين وظّفناها واخترعنا الأجهزة الكهربائية المختلفة في المنزل مثل المكنسة الكهربية، التلفاز، الراديو، وغيرهم من الأجهزة. كذلك أصبح بإمكاننا تخزين الطاقة وتحويلها من صور مختلفة لطاقة كهربائية عن طريق البطاريات والمكثفات. بذلك تداخلت علوم الكيمياء والفيزياء وتوصلنا لعلم الكيمياء الكهربائية والكيمياء الكهروتحليلية. لكن هل تسائلت يومًا عما إذا كان بإمكاننا الاستفادة من الكهرباء في علوم الأحياء والعقاقير بطريقة سلمية لعلاج مرض ما مثل التعرق المفرط؟ سوف نتناول في هذا المقال تقنية الإرحال الأيوني المُستخدمة كوسيلة علاج حديثة فعالة.
محتويات المقال :
الإرحال الأيوني – Iontophoresis :
يعتبر الإرحال الأيوني هو إجراء يتم فيه تمرير تيار كهربائي عبر الجلد حيث يتم نقعه في ماء الصنبور للسماح للجسيمات المتأينة أو المشحونة بعبور حاجز الجلد الطبيعي. بذلك تعتبر هذه الطريقة بمثابة تقنية غير جراحية لتوصيل الأدوية محليًا عبر الجلد، وتعتمد على نقل الجزيئات المشحونة باستخدام تيار كهربائي منخفض الكثافة يتم التحكم به عن طريق جهاز الإرحال الأيويي. فإنه يعزز وصول الأدوية والجزيئات الكبيرة إلى الجلد ويقلل التعرق في جميع أنحاء الجلد. كما إنه آمن وفعال وغير مكلف ومفيد للغاية. [1]
آلية عمل الإرحال الأيوني:
المبدأ الأساسي هو وضع العلاج الأيوني تحت القطب الكهربي بنفس الشحنة. حيث يتم وضع أيون سالب تحت القطب السالب. وحينئذ يُعرف هذا القطب بعد ذلك باسم “القطب النشط“. يعتمد الإرحال الأيوني على التنافر الكهربي. فعند وضع الأدوية سالبة الشحنة على القطب السالب تتنافر هذه الأيونات عن القطب بمجرد تمرير التيار وتتجه لاختراق الجلد. من ثم يتم تمرير تيار مستمر ودفع الأيونات الكهربائية إلى المريض. وبالمثل، يتم إدخال الأدوية موجبة الشحتة عبر الجلد عن طريق وضعها تحت القطب الموجب.
مما سبق نستنج أن العقاقير المُستخدمة في تقنية الإرحال الأيوني يجب أن تكون متأينة (موجبة أو سالبة الشحنة). وكذلك يجب وضع العقار تحت القطب المشابه له في الشحنة ويُسمى حينها “القطب النشط”. بينما يكون القطب الآخر المعاكس في الشحنة معروفًا باسم “القطب المشتت” [2].
كيف تطورت تقنية الإرحال الأيوني بتطور التكنولوجيا؟
يرجع الاقتراح الأول لاستخدام التيار الكهربائي في توصيل الدواء إلى منتصف القرن الثامن عشر. بعد ذلك تم إحراز تقدم كبير في القرن التاسع عشر. تمت تجربة استخدام أيونات المعادن وكذلك القلويات في ذلك الوقت. حتى أوائل القرن العشرين، كان توصيل الأدوية يُعرف باسم “الإرحال المهبطي”. لكن حديثًا يتحدث الباحثون عن “توصيل الأدوية عبر الجلد بمساعدة كهربائية”. لم يتم تبني هذه التقنية على نطاق واسع حتى الآن ولكن ثبت دائمًا أنها مفيدة إلى حد ما في حل مشاكل توصيل الدواء.
منذ اثنين وعشرين عامًا، تم تقديم أول نظام لتوصيل الأدوية عبر الجلد في الولايات المتحدة، مما حقق طفرة تاريخية واعدًا بإمكانية توصيل مركبات جديدة بطريقة آمنة ومريحة من خلال الجلد. ومع ذلك، خلال العقدين الماضيين، كان النجاح التجاري للتسليم عبر الجلد بطيئًا في التطور. ولكن مع انتقال مجموعة من المنتجات والتقنيات الجديدة نحو السوق ، يبدو أن توصيل الأدوية عبر الجلد أصبح متاحًا وفعالًا.
استخدمت أول رقعة عبر الجلد يتم تسويقها تجاريًا في أمريكا لإيصال الدواء يسمح للدواء بالانتشار عبر الأدمة اللاوعائية إلى الأدمة العميقة، مما يسمح بالتأثير الموضعي أو الاختراق إلى الشعيرات الدموية لإحداث تأثير نظامي. فقد اعتمد هذا النهج على خصائص الدواء لتسهيل النقل عبر الجلد باستخدام تدرج تركيز بسيط كقوة دافعة. حيث أن هناك عدد قليل من الأدوية المتاحة مع الخصائص الفيزيائية والكيميائية المناسبة لتكون مرشحة جيدة للانتقال عبر الجلد. لكن التقدم في البحث أدى إلى فهم أفضل لفسيولوجيا الجلد ومزيد من الإلمام بخصائص نقل الدواء [2].
كيف يُستخدم الإرحال الأيوني لعلاج فرط التعرق؟
يجلس المريض بكلتا يديه أو قدميه، أو يد واحدة وقدم واحدة، مغمورة في صواني ضحلة مملوءة بماء الصنبور لفترة قصيرة من الزمن مضافًا إليه بعض المواد العلاجية الأيونية. سوف يرسل الجهاز تيارًا كهربائيًا صغيرًا عبر الماء. أولًا يجب تكرار الإجراء ثلاث مرات في الأسبوع حتى يتم تحقيق النتائج المرجوة. بمجرد الوصول إلى الجفاف أو النتيجة المرضية، يتم عادة تزويد المرضى بالعلاج مرة واحدة في الأسبوع. سوف يستغرق العلاج حوالي 15 إلى 40 دقيقة حسب الجهاز. بعض الحالات يجب أن تتحسن لأشهر بعد علاج واحد وبعض الحالات تتطلب تكرار العلاج في أقل من أربعة إلى ستة أسابيع [3].
ما هي مميزات الإرحال الأيوني؟
1. عند مقارنتها بالحقن:
- ألم أقل ولا غزو.
- يقلل من حوادث الإبرة.
- يسمح بتوصيل الدواء عن طريق ملامسة الجلد فقط.
- يمكن استخدامها خارج المستشفى
2. عند مقارنتها بالحبوب
- يقلل الوقت المحدد.
- التخفيف من الآثار الثانوية.
- كما أن في العلاج بالحبوب، من الممكن أن تفقد الأدوية فعاليتها في الجهاز الهضمي.
3. عند المقارنة باللاصقات الطبية
- تقصير الوقت المحدد.
- يمكن توصيل الأدوية بشكل كمي.
- يقلل من كمية الدواء المتبقية.
هكذا ثبت أن العديد من العوامل تؤثر على نتائج الإرحال الأيوني. وتشمل هذه الخصائص الفيزيائية والكيميائية للمركب (الحجم الجزيئي ، الشحنة ، التركيز) ، تركيب الدواء (أنواع المركبات ، المخزن المؤقت ، الأس الهيدروجيني ، اللزوجة ، وجود أيونات أخرى) ، المعدات المستخدمة (النطاق الحالي المتاح ، التيار الثابت مقابل التيار النبضي ، نوع القطب الكهربائي)، والتغيرات البيولوجية (موقع الجلد ، وتدفق الدم الإقليمي ، والعمر ، والجنس)، ودرجة حرارة الجلد ومدة الإرحال الأيوني. فبالرغم من تقدم العلوم والتكنولوجيا، ما زالت تقنية الإرحال الأيوني محل دراسة ويسعى العلماء حثيثًا لتطويرها لما لها من مميزات مقارنة بالطرق العلاجية الأخرى [2].
تتوفر اللاصقات التقليدية عبر الجلد منذ أكثر من 20 عامًا لكن مع هذه التقنيات الجديدة، سيزداد عدد وتعقيد أنظمة توصيل الأدوية عبر الجلد في المستقبل القريب. سيكون الصيادلة الذين أصبحوا على دراية بهذه التقنيات أكثر قدرة على معالجة أسئلة المرضى ومخاوفهم.
المصادر:
1. Basics of Iontophoresis [+ Example Calculations] | Catalyst University
2. Transdermal Delivery by Iontophoresis | Indian J Pharm Sci
3. Iontophoresis | physio-pedia
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :