Ad

ماهو الحس المرافق-synesthesia؟

ترك الفنان التجريدي «كاندينسكي» القانون واتّجه للرسم عندما خاضَ تجربة غير عادية أثناء حضوره عرضًا لريتشارد فانجر في مسرح البلشوي، لقد رأى كاندينسكي الموسيقى في شكل ألوان، ووصف لاحقًا هذه التجربة قائلًا “رأيت كل الألوان في روحي قبل عيني لقد رُسِمت خطوط مجنونة أمامي”. لم يكن وصفه بلاغيًا بل رأى الموسيقى ألوانًا لأنه كان لديه مايعرف[1] «بالحس المرافق-synesthesia».

في الحقيقة كان العديد من المشاهير والرسامين لديهم الحس المرافق منهم فان جوخ وجوان ميتشل وغيرهم. لايقتصر الحس المرافق على جعل الشخص يرى الأصوات فقط بل يمكن جعله تذوق طعم يوم الأحد، أو رؤية لون حرف «أ» مثلًا. [2]

ماهو الحس المرافق-synesthesia؟

الحس المرافق هو حالة عصبية يؤدي فيها تحفيز مسار حسّي -على سبيل المثال السمع -إلى تحفيز لا إرادي في مسار حسّي آخر مثل الرؤية. ببساطة عندما يتم تنشيط حاسّة ما يتم تنشيط حاسة أخرى غير مرتبطة في نفس الوقت، فمثلًا يؤدّي سماع الموسيقى إلى الشعور بطعم الفلفل الحار، أو يكون لرقم 10 صوت ضجة، أو قد يرتبط يوم الأحد باللون الأزرق.

لكلمة «synesthesia» أصول يونانية، والتي تَعني حرفيًا «الإدراك المرتبط».

تم تسجيل أول حالات للحس المرافق في القرن التاسع عشر من قبل العالم فرانسيس جالتون، ولكن لم تتم دراسة الحالة بشكل جدي حتى أواخر القرن العشرين.

تُشير الدراسات إلى أنه حوالي 1% إلى 4% من الناس لديهم الحس المرافق، ولكن ربما تكون هذه النسبة غير صحيحة لأنه قد يمتلك الشخص الحس المرافق دون أن يدري، لأنه يعتقد أن كل شخص يشعر بنفس الطريقة الّتي يشعر بها. لُوحِظ كذلك أن الحس المرافق يتواجد بين الأشخاص الّذين يستخدمون اليد اليسرى أكثر من الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليمنى. أيضًا يقترح الباحثون أن بعض الأشخاص الّذين لديهم الحس المرافق هم فنانون، وغالبًا ما يكون لديهم هوايات مثل الرسم أو الموسيقى أو الكتابة.[3]

صورة العالم فرانسيس جالتون

أنواع الحس المرافق-synesthesia

نظرًا لأن الحس المرافق يمكن أن يشمل أي مجموعة من الحواس، فهناك ما يصل إلى 60 إلى 80 نوعًا فرعيًا. على الرغم من أنه لم يتم توثيق أو دراسة جميع أنواع الحس المرافق إلا أن هناك بعض الأنواع المعروفة مثل:

1. «الحس السمعي اللمسي-Auditory-tactile» يحدث عندما يثير الصوت إحساسًا جسديًا معينًا (مثل الشعور بوخز في الجزء الخلفي من الرقبة عند سماع الموسيقى).
2. «الحس اللوني-Chromesthesia» يحدث عندما تؤدي أصوات معينة مثل صفير السيارة إلى تحفيز الشخص على رؤية الألوان.
3. «الحس المواكب للتسلسل المكاني-Spatial sequence» يتضمن رؤية الأرقام أو المتواليات العددية كنقاط في الفضاء (على سبيل المثال قريب أو بعيد).
4. «الحس المشترك بين الحروف والأرقامGrapheme-color» يحدث عندما ترتبط الحروف والأرقام بألوان معينة، ويعتبر هذا النوع هو الأكثر تواجدًا.[3]

أعراض الحس المرافق

تختلف أعراض الحس المرافق حسب اختلاف أنواعه، فيرتبط صوت ما بلون معين في الحس اللوني بينما يُحفز الصوت الإحساس باللمس في الحس السمعي اللمسي، وقد يكون لدى الشخص نوع واحد فقط من الحس المرافق أو مزيج من عدة أنواع. ولكن يميل الأشخاص الذين يمتلكون أي نوع من الحس المرافق إلى ظهور هذه الأعراض الشائعة المشتركة:

1. يحدث الحس المرافق بشكل لاإرادي لا يمكن التحكم فيه؛ فمثلًا ترى الحرف «أ» فتراه باللون الأخضر بدون أن تُقرر ذلك.
2. يبقى التشابك في الحواس كما هو مع مرور الوقت بدون تغير؛ على سبيل المثال إذا رأيت الحرف «أ» باللون الأخضر اليوم، فسوف تراه باللون الأخضر حتى بعد 10 سنوات. طلبت إحدى الدراسات من الأشخاص الذين يعانون من الحس المرافق أن ينظروا إلى 100 كلمة ويقولون اللون الذي رأوه لكل منها. بعد عام أعطى الباحثون المشاركين الاختبار مرة أخرى دون إخبارهم مسبقًا، وتطابقت الإجابات مع الاختبار الأول بنسبة 90%.

غالبًا ما تبدأ الأعراض منذ الطفولة، ولكن تتطور مع مرور الزمن، فتكون ارتباطات اللون والحروف مثلًا عشوائية في البداية، ولكن تصبح أكثر ثباتًا مع التقدم في العمر.[2]

أسباب الحس المرافق

لا زال سبب الحس المرافق غير واضح بالتفصيل، ولكن الشيء المؤكد أنه يحدث بشكل وراثي هذا ما دفع العلماء إلى دراسة الأساس الجيني لهذه الحالة بالإضافة لتغيرات الدماغ.

في دراسة في عام 2011 حلّل فيها الباحثون الحمض النووي لخمسة عائلات تحتوي كل منها على 4 أشخاص أو أكثر لديهم الحس المرافق، وجد الباحثون ارتباط بين الحس المرافق اللوني وتغيرات حدثت في 6 جينات على الكروموسوم 16 هذه الجينات لها علاقة بتركيب ووظيفة الدماغ.

نظرت دراسة مماثلة أُجريت في عام 2009 في الحس المرافق السمعي البصري عبر تحليل الحمض النووي لأفراد من عدة عائلات، أظهرت النتائج وجود تغيرات في جينات على الكروموسوم 2.

تدل هذه الدراسات وغيرها أن الحس المرافق له أساس جيني، ولكن يبدو أنه لا يوجد جين واحد مسؤول عن جميع حالات الحس المرافق أو حتى جميع حالات نفس النوع الواحد من الحس المرافق، وبالتالي من المحتمل أن تكون هناك آليات جينية مختلفة مسؤولة عن حدوث هذه الحالة.

هذا في ما يخص الأساس الجيني، ولكن ماذا يحدث في دماغ من لديه الحس المرافق؟

في المعتاد تُحفّز كل حاسة من حواسك الخمسة منطقة مختلفة من الدماغ؛ على سبيل المثال يحفز النظر إلى جدار أصفر لامع القشرة البصرية الأساسية في دماغك، ولكن إذا كان لديك الحس المرافق قد يجعلك النظر لهذا الجدار تتذوق طعم الليمون اللاذع مثلًا. يحدث هذا لأن النظر للجدار حفز أيضًا الفص الجداري من دماغك هذا الفص مسؤول عن استقبال إشارات التذوق وتفسيرها. لهذا السبب يعتقد الباحثون أن الأشخاص ذوي الحس المرافق لديهم مستوى عالٍ من الترابط بين أجزاء الدماغ المسؤولة عن الحواس، تدعم عدة دراسات هذه الفرضية.[4]

علاج الحس المرافق-synesthesia

في الحقيقة لايُعتبر الحس المرافق اضطرابًا ولا مرضًا لأنه لا يؤثر بالسلب على الحالة الصحية للفرد بل على العكس تمامًا قد تكون له بعض الإيجابيات، فتشير بعض الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يمتلكونه قد يكون أداؤهم أفضل في اختبارات الذاكرة والذكاء من أولئك الذين لا يمتلكونه، وكذلك يبدو أن العديد من المصابين يستمتعون بهذا الإدراك المختلف للعالم عن عامة السكان، وبالتالي لا يوجد علاج للحس المرافق لأنه لا توجد حاجة إليه.[2]

إقرأ ايضًا: كيف تؤثر الموسيقى على أدمغتنا؟

مصادر ماهو الحس المرافق-synesthesia؟:
[1]. denverartmuseum.org
[2]. healthline
[3]. psychology today
[4]. visiblebody

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


حياة طب

User Avatar

Sahar mohammed

طالبة طب بشري مهتمة بالعلوم الطبية والبحث العلمي.


عدد مقالات الكاتب : 47
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق