Ad

استنكر عبدالله رشدي منذ أيام الشبه الجيني بينه وبين الموز، ورفض اعتباره دليلًا على التطور، وقد ذكر هذا الاعتراض في مقطع مصوّر له على يوتيوب يمكنك مشاهدته من هنا، إلا أنه وقع في 7 أخطاء علمية ومنطقية نناقشها ونرد عليها فيما يلي:

1- الأصل المشترك للنبات والحيوان

يقول عبدالله رشدي في الدقيقة 0:40 من مقطعه متحدثًا عن الخلية الأولى: “وهذه الخلية بعدما دبت فيها الحياة، انقسمت إلى قسمين، قسم طلع منه الأحياء النباتية اللي هي الأشجار بقى وكل ما هو نباتات، والقسم التاني خرج منه الأحياء الحيوانية”

وهذا الكلام لا وزن له في ميزان العلم، حيث أن آخر سلف مشترك بين الحيوانات والنباتات (LECA) – وهو اختصار لكلمة (Last Eukaryotic Common Ansector) بمعنى (آخر سلف مشترك من حقيقيات النوى) – قد عاش على الأرض منذ قرابة 1.6 بليون سنة (1)، علمًا بأن الخلية الأولى وُجدت منذ 3.7 بليون سنة على الأقل (2)، فهناك فارق زمني بين أول خلية وبين آخر سلف مشترك بين النبات والحيوان يبلغ حوالي 2.1 بليون سنة.

2- الخلط بين نظرية الانتخاب الطبيعي (داروين) ونظرية جان باتيست لامارك

في الدقيقة 4:03 يشرح مفهوم النشوء في نظرية داروين قائلًا: “النشوء هو خروج صفات في الكائنات الحية وفقًا للمؤثرات البيئية”

إلا أن هذه ليس ما تدعيه نظرية داروين على الإطلاق، فهذه نظرية عالم الطبيعيات الفرنسي «جان باتيست لامارك-Jean-Baptiste Lamarcke»، ولتبسيط الأمور دعونا نشرح الفرق بين النظريتين بمثال الزرافة، تدعي نظرية لامارك أن الزرافات كانت ذات أعناق قصيرة، ثم وهبت البيئة الزرافات أعناقًا طويلة بسبب ارتفاع الأشجار.أما نظرية داروين فتخبرنا أن الزرافات ذات الأعناق الأطول حصلت على فرصة أعلى في الغذاء من تلك ذات الأعناق القصيرة، وبالتالي التكاثر ونقل جيناتها إلى الأجيال التالية، مما أدى إلى انقراض الزرافات قصيرات العنق، وبقاء الزرافات ذات الأعناق الأطول، وهذا شرح بسيط لنظرية الانتخاب الطبيعي لداروين.(3)

3- مغالطة التوسل بالعاطفة

ثم ينتقل عبدالله رشدي في الدقيقة 6:53 إلى الحديث عن دور نظرية التطور في عمليات التطهير العرقي قائلًا: “فبدأ هنا ينشأ فكرة العنصرية، وبدأ يُرسخ للفكر العنصري” ثم يقول بعد ذلك أن هذا كان سببًا في عمليات التطهير العرقي التي قامت بها الحركة النازية.

في الواقع، لوم داروين على العنصرية مشابه للوم نيوتن على الصواريخ البالستية، فلا أعتقد أنه من الصواب لوم عالم على الاستغلال الخاطئ لنظريته العلمية والتي تهدف بالأساس لفائدة البشرية.

إلا أن نظرية التطور لم تقل أن عرقًا بشريًا أفضل من عرق آخر، فهذه صورة خاطئة عن التطور، إنما الأجناس البشرية المختلفة موجودة في شجرة تطورية معقدة (4)، الأمر أشبه بفروع شجرة، وليس بسهم ينطلق من الأقل تطورًا إلى الأعلى.

وحتى لو افترضنا أن نظرية التطور تقول بذلك -وهو ما ليس بصحيح-، فإن هذا لا ينفي من كونها صحيحة، وهنا وقع عبدالله رشدي في مغالطة منطقية تُدعى «التوسل بالعاطفة-Appeal to emotion»، وهو التلاعب بعواطف الجماهير لنقد فكرة ما (5)، بدلًا من استخدام العقل والمنطق، فكونها أخلاقية أو لا لن ينفي صحتها.

4- التشابه الجيني بين عبدالله رشدي والموزة

ثم يقول في الدقيقة 9:09 “مع إن على فكرة صباع الموز متشابه معايا في تقريبًا 50% من التكوين بتاعي”

وهذا حقيقي، فالإنسان يتشابه مع الموز في الجينات بنسبة 50%، وهذا لأن أصل الحياة كان من خلية واحدة، فنحن البشر نمتلك خلايا حيوانية، بينما يمتلك الموز خلايا نباتية، وعندما انقسم السلف المشترك بين النبات والحيوان (LECA) منذ 1.6 بليون، سنة فإن كلًا من السلف المشترك لكل الحيوانات والسلف المشترك لكل النباتات كانا مشتركين في نسبة كبيرة من الجينات، فهما ينحدران من أب واحد، وبالتالي هناك تشابه جيني بين الحيوانات والنباتات، فالجينات المسئولة عن العمليات الخلوية داخل الخلية مثل نسخ الحمض النووي، والتحكم في دورة الخلايا، ومساعدة الخلايا على الانقسام تتشاركها العديد من النباتات(بما فيها الموز) مع الحيوانات، ونعني بالتشابه الجيني هنا أن الجينات المسئولة عن العمليات الحيوية داخل الخلية النباتية لها نظائر مشابهة تقوم بنفس الوظيفة في الخلايا الحيوانية، إلا أنهم لا يمتلكون نفس تسلسل الحمض النووي(6)، فسواء عليك أصدقت ذلك أم لم تصدق فإنه يظل حقيقة.

5- التشابه الجيني بين الإنسان والقرد

وقع عبدالله رشدي في الدقيقة 9:29 في أكبر خطأ علمي له في المقطع عندما قال: “التشابه الجيني لا يمكن أن يُقرر بناء عليه أنه حتمًا كان هناك سلف مشترك”

وهذا خطأ علمي فادح، حيث أن معرفة الأشقاء قائمة على مقارنة جيناتهم عن طريق «اختبار الحمض النووي-DNA test»، وعندما نجد أن نسبة التشابه كبيرة جدًا فهذا يعني أن لهما أبًا واحدًا، ولكن دعونا نفكر في ذلك بشكل آخر.

الجينات هي ما يحدد خصائص الكائن الحي الجسدية (الخارجية والداخلية)، والجينات لا يمكن أن تنتقل من جسد لآخر إلا عن طريق التكاثر، فوجود جين ما مشترك بين كائنين دليل على أنهما انحدرا من أب واحد لهما في الماضي السحيق، فالتشابه الجيني بين الكائنات هو أقوى الأدلة على فكرة السلف المشترك ونظرية الانتخاب الطبيعي. (7)

6- اختلاف عدد الكروموسومات بين البشر والشيمبانزي

ثم يردد حجة الكروموسومات في الدقيقة 9:46 عندما قال: “إضافة إلى ذلك إن الشيمبانزي مختلف مع الإنسان في عدد الكروموسومات اللي موجودة في الخلية”

في الواقع، تحدث اختلافات أحيانًا في أعداد الكروموسومات داخل الجنس الواحد، ويحدث هذا الاختلاف نتيجة حدوث أخطاء في عملية نسخ الجينات أثناء «الانقسام الميوزي-Meiosis» الذي ينتج الحيوانات المنوية والبويضات، فمن الطبيعي حدوث اختلافات في أعداد الكروموسومات على مدار 3.7 بليون سنة.(8)

وهذه بعض الحالات التي تنتج عن اختلاف عدد الصبغيات (الكروموسومات) داخل الجنس البشري(9):

• «متلازمة داون-Down syndrome»، وتنتج عن وجود كروموسوم زائد مماثل للزوج رقم 21، وبالتالي فإن كل خلايا الجسم تحتوي على 47 كروموسوم بدلًا من 46.

• «متلازمة كلاينفلتر- Klinefelter syndrome»، وتنتج عن وجود كروموسوم X زائد في الحيوان المنوي، فيصبح تكوين الجنين XXY.

• «متلازمة تيرنر-Turner syndrome»، وتحدث في الإناث نتيجة عدم نقص وجود كروموسوم X بشكل كلي أو جزئي.

7- البقاء للأقوى

ثم يختم عبدالله رشدي أخطاءه بسوء فهم لمفهوم الانتخاب الطبيعي في الدقيقة 11:50 قائلًا: “بتنشأ النهاردة أجيال من الأمراض وأجيال من الشباب وأجيال من البشر هم أضعف بكثير من آبائهم وأجدادهم”

وهذا أيضًا خطأ كبير في فهم النظرية، فالنظرية لا تدعي ضرورة استمرار النوع الأقوى، أو الأسرع، أو الأذكى، لكنها تتنبأ باستمرار النسل الأنسب لظروف بيئته، ودعونا نتناول بعض الأمثلة فيما يلي(10):

• كان حيوان الماموث ذا كتلة جسدية وعضلية كبيرة، إلا أن كتلته كانت عائقًا أمام نجاته من صيد البشر له، ولم يسعفها حجمها.

• نجت الثدييات والطيور الصغيرة من حادثة انقراض الديناصورات لأنها كانت أسرع واستطاعت الاختباء، ولم يسعف الديناصورات حجمها أو قوتها.

• تستمر الطيور ذات المناقير الأصغر لأنها تستطيع أن تلتقط بها الحبوب الصغيرة، بينما تواجه الطيور ذات المناقير الكبيرة صعوبة في التقاط الحبوب.

اقرأ أيضًا: الرد على خمس ادعاءات لمعارضي نظرية التطور

المصادر:

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
abdalla taha
Author: abdalla taha

أحب القراءة ومتابعة العلوم.

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


تطور أحياء

User Avatar

abdalla taha

أحب القراءة ومتابعة العلوم.


عدد مقالات الكاتب : 81
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *