تهبط القطط على أقدامها مهما كانت طريقة سقوطها، حتى وإن كانت تسقط ورأسها لأعلى. فكيف تعدِل القطط جسمها أثناء السقوط؟ وهل هي فطرة أم صفة مكتسبة؟
تُعرّف هذه القدرة الاستثنائية عند القطط باسم «مُنعكَس اعتدال القط-Cat Righting Reflex»، وتستخدم القطط طرق فيزيائية بحتة لتفيذ تلك الظاهرة للهبوط على أقدامها، وفهم تلك الظاهرة مرتبط بفهم جوهر ما يسمى بالحركة الدورانية وبعض مفاهيمها.
محتويات المقال :
الحركة الدورانية
تتمثل الحركة في مفهومها التقليدي، وهو حركة الجسم في خط مستقيم، بمفاهيم شائعة كالكتلة والسرعة والمسافة بين نقطتين. فعندما يدور الجسم حول نقطة أو محور معين تسمى حينها الحركة ب”الحركة الدورانية أو الحركة الزاوية”. ولا تختلف مفاهيم الحركة الدورانية عن مفاهيم الحركة التقليدية كثيرًا. فالسرعة في الحركة التقليدية ما هي إلا المسافة التي يقطعها جسم من نقطة الى أخرى خلال زمن معين. أما السرعة الدورانية فهي إلا المسافة التي يقطعها جسم في خلال دورانه دورة كاملة حول نقطة في زمن تلك الدورة. أما الكتلة فمفهومها في ميكانيكا الدوران يكون معروف ب “عزم القصور الذاتي” وتعتمد على توزيع كتلة الجسم و بعده عن مركز الدوران. [1]
وللطبيعة قوانين صارمة لا يمكن مخالفتها، مثل قانون حفظ الطاقة وأن الطاقة لا تُخلق من لا شيء أو تفنى إلى لا شيء ولكنها تتحول من صورة إلى أخرى. وكذلك قانون حفظ كمية الحركة، وهي كمية تعتمد على كتلة وسرعة الجسم وحفظها يعنى أن تبقي مُحصلتها ثابتة ما لم تؤثر عليها قوى خارجية. أما في الحركة الدورانية فتعرف كمية الحركة على أنها كمية الحركة الدورانية وتعتمد هنا على عزم القصور الذاتي للجسم وسرعته الدورانية، فكلما قل عزم القصور الذاتي للجسم زات سرعته الدورانية والعكس صحيح. [1]
استخدام القط لقانون حفظ كمية الحركة الدورانية
يستطيع القط باستخدام قانون حفظ كمية الحركة الدورانية أن يغير وضعية سقوطه ليهبط آمنًا على قدميه دون أن يتكئ شيء. يبدأ السقوط وظهر القط متجه مباشرةً نحو الأرض وتكون محصلة كمية الحركة الدورانية صفر. ولكي يستطيع القط الدوران يبدأ بضم نصفه الأمامي (قدميه الأماميتين و رأسه) ليقلل من عزم القصور الذاتي لذلك النصف، وبالتالي يزيد من سرعته الدورانية نحو الأرض. ولكن في نفس الوقت يفرد القط نصفه الآخر (قدميه الخلفيتين و ذيله)، وبتالي يزيد من عزم القصور الذاتي لذلك النصف ويدور بسرعة قليلة في الاتجاه المعاكس للنصف الأول. وبالتالي تَبقى محصلة كمية الحركة الدورانية بصفر. [2]
يبدأ القط في عكس تلك العملية عندما يوجه نصفه الأمامي تجاه الأرض، ففي تلك اللحظة يفرد القط نصفه الأمامي ليزيد من عزم قصوره الذاتي وبالتالي يقلل من سرعة دورانه، ثم يقوم بضم نصفه الخلفي ليقلل من عزم قصوره الذاتي ويزيد من سرعة دورانه نحو الأرض. ولكن حركة نصفي الجسم في اتجاهات مختلفة ليست بصفة شائعة عند كل الحيوانات، فمرونة العمود الفقرى للقطط وغياب عظمة الترقوة ساعدهم على استخدام مثل هذه الظواهر. [3]
ولكن هل تلك الظاهرة فطرة ترثها بها القطط أم مهارة تكتسبها بمرور الوقت؟
مهارة القطط منذ صغرها
أجرى العلماء دراسة عام 1984م على قطط من مختلف الأعمار ليبحثوا إذا كان يوجد اختلاف بينهم. وأظهرَت الدراسة أن ظاهرة منعكَس تقويم القط تَبدأ في الظهور على القطط من أعمار 3 – 4 أسابيع، وتتقنها القطط تمامًا في أعمار من 6 – 9 أسابيع. [4] وبالتالي فيمكننا استنتاج أن منعكَس اعتدال القط ما هي إلا مهارة تكتسبها القطط. ولكن كيف للقطط أن تدرك وتفكر وتسنتج مثل هذه الاستنتاجات، بل وتتقنها لدرجة أن تكون ردة فعلها سريعة في المخاطر؟ شاركنا عزيزي القارئ برأيك في التعليقات.
المصادر
[1] D. Halliday, R. Resnick and J. Walker, “Force And Motion – II; The Drag Force And Terminal speed,” in Fundamentals of physic, Hoboken, John Wiley & Sons, 2003, pp. 121-124
[2] G. J. Gbur, Falling Felines and Fundamental Physics, Yale University Press, 2019.
[3] D. Nasaw, “Who, What, Why: How do cats survive falls from great heights?,” BBC News, Washington, 2012.
[4] “Cremieux, J; Veraart, C; Wanet, M.C.,” Experimental Brain Research, vol. 54, no. 3, 1984
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :