تنجو القطط عند السقوط من المرتفعات ؟
تسقط القطط من نوافذ الطوابق المرتفعة ثم تنهض وكأن شيئًا لم يحدث، فهل هي صدفة؟ أم أنها حقًا تمتلك سبعَ أرواح كما يشاع؟
تفسير ما يحدث بالضبط يتطلب أولاً فهم ما معنى أن يسقط جسم ما في الأساس، وماذا يحدث أثناء سقوطه؟ وما الذي يتأثر به الجسم الساقط؟
محتويات المقال :
معنى السقوط الحر
عندما يسقط جسم ما (وفي حالتنا هو القط) فإنه لا يتأثر إلا بقوتين إحداهما الجاذبية التي تجذبه اتجاه الأرض، والأخرى هي قوة المقاومة «مقاومة الهواء» التي تحاول أن تعيق سقوطه لأسفل.
تَجذِب الأرض الأجسام شديدة القرب منها بقوة جاذبية تعتمد فقط على كتلتها «القوة = الكتلة مضروبة في ثابت ما» فكلما زادت كتلة الجسم زادت قوة جذب الأرض عليه. أمّا ذلك الثابت فيسمى «عجلة الجاذبية الأرضية»، وذلك المصطلح يعني أن قوة الجاذبية تعمل على تسارع الجسم الساقط بقيمة ثابتة، بمعنى أخر، سرعة الجسم الساقط تزيد بقيمة 9.8 عن قيمتها في كل ثانية. [1]
أمّا عن مقاومة الهواء فهي قوة تعتمد على مربع سرعة الجسم، أي أن إذا زادت سرعة الجسم 10 أضعاف قيمتها فإن قيمة المقاومة تزداد 100 ضعف قيمتها. وعلى ذلك، تقل قيمة قوة الجاذبية باستمرار مع زيادة قيمة مقاومة الهواء. حتى نصل إلى نقطة تتساوى فيها قوة الجاذبية مع قوة المقاومة وعند هذه النقطة لا يتسارع الجسم تقريبًا وتُعرف سرعة الجسم حينها ب «السرعة الحدية أو النهائية – Terminal velocity». [1]
ولتوضيح الصورة النظرية لمبدأ السقوط فإن أقرب مثال عملي ملحوظ عليها هو القفز بالمظلات.
سقوط القطط كالقفز بالمظلات
تعتمد قيمة المقاومة أيضًا على مساحة سطح الجسم، فكلما قلت مساحة الجسم قلت المقاومة عليه. ولذلك، فإن رجال المظلات في بداية القفز يتعمدون تقليص مساحة سطح أجسادهم لتزيد سرعتهم ويصلون سريعًا للسرعة النهائية. حينها يستطيع القافز أن يفتح المظلة والتي تزيد من مساحة سطحه بقدر كافٍ يجعل قيمة مقاومة الهواء أكبر من قوة الجاذبية. بعد فتح المظلة يصل القافز لسرعة نهائية أخرى، ولكنها أقل كثيرًا عن سابقتها فتؤمن هبوطه.
ولا تختلف استراتيجية القطط في السقوط كثيرًا عما سبق. فالقطة تُقلِص جسمها في بداية السقوط لتصل إلى السرعة النهائية بشكل أسرع وحينها تفرد جسمها لتزيد من قيمة المقاومة، وبالتالي تقل سرعتها ايضًا لتصل لسرعة نهائية أقل كثيرًا من سابقتها فتجعل من جسمها مظلتها الخاصة. يساعد القطة في ذلك أن مساحة سطحها كبيرة بالنسبة لوزنها فتكون مرحلة السقوط آمنة. كما أن جسم القطط المرن يساعد في تقليص توابع الاصطدام لحظة وصولها للأرض. [2]
وعلى ذلك، فكلما زاد ارتفاع الطابق الذي سيسقُط منه القط كلما زادت فرص سقوطه بأمان.
المشكلة في الطوابق المنخفضة وليست المرتفعة!
الطوابق العليا ستسمح للقط الوصول للسرعة النهائية في وقت كافٍ قبل اصطدامه بالأرض وبالتالي هبوط آمن، أما السقوط من طوابق مُنخفضة تُصعِب فرصة القط للوصول للسرعة النهائية قبل اصطدامه بالأرض. وأثبتت الدراسات أن عدد وفيات القطط يزداد بشكل ملحوظ إذا سقط القط من طوابق بين الطابق ال 5 وال 8، أما إذا سقط من الطابق ال 9 حتى ال 32 فستكون فرصة بقائه على قيد الحياة أكثر بكثير. [4][3] ولكن قدرة القط على البقاء حيًا لا تعني الإهمال في سلامته، فعلى الرغم من بقائه حيًا إلا أنه يتألم وقد يُصاب بجروح خطيرة. فمن واجبنا أن نُحافظ على سلامتهم وأرواحهم البريئة.
ويبقى السؤال الأهم هنا، كيف للقط أن يُدرك بوجود سرعة نهائية؟ وكيف يعرف القط أن هذا ما يجب عليه فعله للنجاة؟
المصادر
[1] D. Halliday, R. Resnick and J. Walker, “Force And Motion – II; The Drag Force And Terminal speed,” in Fundamentals of physic, Hoboken, John Wiley & Sons, 2003, pp. 121-124.
[2] How do cats survive falls from great heights
[3] the falling cat phenomenon
[4] Why cats have nine lives.
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :