ظهر عصر الباروك في أبهى صوره من خلال إحياء المثل العليا للجمال في عصر النهضة والإحساس الكلاسيكي. تميز عصر الباروك بإغراق الأعمال الفنية والموسيقى والهندسة المعمارية بتلك المثل العليا، وعزز البذخ الغامر والميل وقتها لكل ما هو مزخرف ذلك التوجه.
تميزت الأعمال الفنية في تلك الفترة بتقنياتها وتفاصيلها المبتكرة، مما وفر لغة بصرية خصبة جديدة في فترة كانت منخفضة نسبيًا للفن.
انتشرت ثقافة الباروك في جميع أنحاء أوروبا، بقيادة البابا في روما والحكام الكاثوليك. وقد ساعدت الأوامر الدينية في انتشارها بشكل أكبر من خلال شبكة واسعة من الأديرة والكنائس. ونتيجة لذلك، أحيا الفنانون الموضوعات الدينية مرة أخرى للجمهور بعد أن انصرف عصر النهضة عنها بدرجة ما. فلجأ فنانو عصر الباروك للأعمال التي تحمل طابعًا بإحساسٍ سماوي أثيري وخيالي حالم.
أقر رواد حركة الباروك بضرورة فهم الفن بسهولة والشعور به بقوة من قبل عامة الناس. هذه المسحة المسرحية في الباروك جعلت النقاد ينتقدونها، لكنها جعلت أيضًا الأمر مناسبًا للأجيال اللاحقة، ممن رغبوا في الابتعاد عن البراعة المحضة.
يجب الإقرار بأنه أوسط تلك الآراء كان الأفضل، فمن العبث منع تلك الطاقة الدرامية النابعة من الأعمال الفنية الباروكية. كما كان من السخافة مساواتها مع أعمال عصر النهضة، بل يجب اعتباره أسلوبًا جديدًا بمُثله العليا وصموده طوال هذه الفترة.
محتويات المقال :
ظهر في تلك الحقبة الزمنية عدد كبير من الفنانين العظماء والتي ما زالت أعمالهم تلهمنا حتى اليوم بشكل كبير، ومنهم:
وسنسلط الضوء في هذا المقال عن بعض منهم لفهمٍ أكبر لسمات وخصائص أعمال ذلك العصر.
مصور إيطالي من رواد عصر الباروك وقد ظهرت أعماله في أواخر ال16 وأوائل القرن ال17. كان من أوائل الفنانين الذين بدأوا العمل على الطراز الباروكي الخلاب، وقد اشتهر بالواقعية الشديدة لأعماله الدينية الواسعة النطاق.
صوّر “كارافاجيو” قصص الكتاب المقدس بشكل درامي ومزدحم، وأظهر مشاهد التعذيب بشكل دموي. وصوّر أحداث الماضي كما لو كانت تحدث في الوقت الحاضر، وغالبًا ما كان يعمل من خلال أشخاص حقيقيين في لباس عصري صارخ. وقد زاد في أعماله من حدة الفقر والإنسانية لشخصياته الدينية والتاريخية من خلال التأكيد على الملابس الخشنة والأقدام المتسخة.
كان تأثيره على مجرى الفن الغربي هائلاً، فقد شكّل كارافاجيو عمل العديد من الفنانين اللاحقين. تأثر به الكثيرين بدءاً من (Rembrandt) في هولندا و (Diego Velázquez) في إسبانيا، إلى (Théodore Géricault) في فرنسا.
ألهم إحساسه الدرامي واستخدام التدريج والمعالجة المبتكرة للضوء والظل العديد من الشخصيات الرائدة في الوسط السينمائي أمثال: “Pier Paolo Pasolini” و”Martin Scorsese”. فاستخدام كارافاجيو للتباينات الشديدة من الضوء والظلام أكدت على تفاصيل الإيماءات أو التعبيرات مثل الذراع الممتدة، ونظرات اليأس أو الشوق وما إلى ذلك.
لم يسبق أن رسم فنان مثل هذه المجموعة المتنوعة من الموضوعات تقريبًا عدا بيتر بول روبينز. بيتر هو مصور فلامنكي مثّلت أعماله أشهر وأجمل أعمال عصر الباروك. جمع روبنز بين الأساليب والأنواع الفنية المختلفة، وقد تنوعت موضوعاته بين التاريخية والأسطورية والدينية المستوحاة من الكتاب المقدس. بالإضافة إلى مشاهد الصيد والحيوانات والوجوه والمناظر الطبيعية. وقد اشتهر بالتكوينات المزدحمة للغاية.
وقد صوّر الشخصيات التاريخية لأبطال الأساطير اليونانية والرومانية بروعة وأناقة، وقد أظهرت اعماله حرية وسلاسة شديدين تصويره للجسم البشري، وقد استمتع بتلوين جسم الإنسان بمختلف المواقف الدرامية، وكانت أجسامه عادةً عارية او ملفوفة في أقمشة.
ولشهرته برسم الجسد الأنثوي بشكل جذاب وممتلئ قليلًا، ظهر مصطلح الروبنسكية (Rubenesque) المأخوذ من اسمه، وهو المصطلح الذي يطلق على المرأة ذات النسب المماثلة لتلك الموجودة في لوحاته.
وقد افتتن روبينز أيضًا برسم الوحوش البرية والغريبة بشكل كبير. فاستخدم عناصر حيوانية في العديد من أعماله لخلق شعور مثير. وكثيراً ما كان يعرض مشاهد الصيد بين الحيوانات والبشر وسط مشهد تعبيري للغاية مؤكدًا على التعذيب ـو الوحشية.
كان أسلوب روبينز قوي ومفعم بالحيوية بدمجه للواقعية الفلمنكية بأساليب عصر النهضة، والذي يجسد سمات عصر الباروك. أصبح “بيتر بول روبنز” رمزًا للتيار (الرومانسي) لاحقًا.
هو مصور هولندي موهوب بشكل لا يصدق، ظهرت موهبته في سن مبكرة للغاية. برع رامبرانت في تصوير الوجوه بشكل رائع، بالإضافة إلى المشاهد التاريخية والدينية والأسطورية بالطبع. كما برع رامبرانت في تصوير المناظر الطبيعية الساحرة التي تشتهر بروعتها رغم بساطتها. وكانت أساليبه في إنشاء التكوينات واستخدامه للون ودقته في الظل والضوء دائمة التغير لإنتاج أكثر اللحظات إثارة للحركة.
وقد كان تأكيده على العمق العاطفي بإتقانه للضوء والملمس موضوعًا مشتركًا بين جميع إبداعاته مما عزز مكانته كأحد أعظم أساتذة الفن المبتكرون. تجلت تلك الصفات في لوحاته التاريخية الكبيرة، ويعتبر رمبرانت بشكل عام أهم فنان في تاريخ الفن الهولندي.
اشتهر رمبرانت بتصوير المشاعر الإنسانية العميقة، فقد كان يعتقد أن المشاعر أكثر أهمية من جوانب الحياة الأخرى. رأى رامبرانت أن مشاعر من يرسمهم وخبراتهم هي ما يجب إيصاله إلى الجمهور، حتى عند رسمهم في سياق تاريخي أو ديني أو اجتماعي.
وقد اشتهرت صور رمبرانت الشخصية بشكل ملحوظ من حيث أنها تعرض سيرة بصرية فريدة للفنان. وسواء كان يرسم نفسه بزي رسمي لشخصية ما أو كرجل عادي، فقد قام بدراسه ملامحه دون غرور، وبإخلاص وصدق شديدين.
نختم بانفوجراف مبسط يعرض أهم سمات وفناني عصر الباروك.
المصادر
في عالم الكم، لم تعد قواعد الفيزياء الكلاسيكية قابلة للتطبيق. واحدة من أكثر الحالات الرائعة…
أظهرت دراسة جديدة أن المرضى يجدون الذكاء الاصطناعي أكثر تعاطفاً وتفهماً من الأطباء النفسيين وخبراء…
باتت التجارب الرقمية أكثر عمقًا وانغماسًا مع دمج الحواس البشرية في البيئات الافتراضية. ويأتي نظام…
في اكتشاف رائد، كشف باحثون من جامعة أتينيو دي مانيلا عن أدلة على وجود شكل…
درس العلماء الأسماك الغضروفية الحديثة، مثل أسماك القرش وأسماك الزلاجات. وقارنوها بنظيراتها عديمة الفك، مثل…
تحول دماغ شاب إلى زجاج منذ ما يقرب من 2000 عام، وهي ظاهرة يعتقد العلماء…