Ad

تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن

شهد العالم في الأسابيع الماضية جحيم عاشته غابات الأمازون وبأرقام قياسية تصل إلى 76,000 حريق لأكثر من 3 أسابيع، وزيادة بنسبة 80 % عن حرائق العام الماضي وذلك حسب فترة اندلاع الحريق. ومقارنة بعام 2010 -أسوأ عام للجفاف مرت بها الأمازون- يعتبر عام 2019 هو الأسوأ في تاريخ حرائق الغابات، حيث التهمت النيران حوالي 7000 ميل مربع من الغابات، وهي مساحة أصغر بقليل من مساحة ولاية نيو جيرسي الأمريكية. وهو بداية لمستقبل مبهم سيزداد فيه وتيرة الاحتباس الحراري وتأثيراته الكارثية على الحياة البيئية.

ويشار إلى الرئيس البرازيلي بولسونارو بأصابع الاتهام في حرائق الأمازون، التفاصيل في المقال.

حريق هائل يندلع في غابات الأمازون، ونتائج كارثية على الاحتباس الحراري
خريطة توضح أعداد وأماكن حرائق غابات الأمازون

وتشير العديد من الدراسات إلى تحول كارثي نتيجة هذا الكم الهائل من الحرائق، فالغابات ستدخل في سيناريو الموت البطيء بإنتاج كميات كبيرة من الكربون قد تصل إلى 140 مليار طن، والذي بدوره سيزيد من وتيرة الاحتباس الحراري. ولاستيعاب أهمية غابات الأمازون، تطلق غابات الأمازون لوحدها نسبة لا يستهان بها من الأكسجين تتراوح بين 6- 20 % من أكسجين الكوكب، وبالإضافة إلى إيواء مليارات النباتات والحيوانات المعتمدة بشكل أساسي عليها. والأهم، أنها مسؤولة عن سلامة صحة كوكبنا.

عملية الموت البطيء للغابات

أظهر بحث في مجلة Nature Communications، شارك فيه Luiz Aragao محاضر في علوم نظم الأرض بجامعة Exeter وبمساعدة Jos Barlow أستاذ علوم الحفاظ على البيئة مع Liana Anderson الباحثة في جامعة Oxford، أن حرائق الغابات مسؤولة عن جزء كبير من الكربون المنبعث. فخلال الجفاف، يمكن أن تنتج هذه الحرائق حوالي مليار طن من CO₂. وهذا وحده ضعف كمية الكربون المنبعثة بشكل فعال من خلال إزالة الغابات في منطقة الأمازون. ومع ذلك، في حين أن إزالة الغابات معروفة كمحرك مهم لانبعاثات الكربون، فحرائق الغابات  تشكل تهديداً أقل وضوحاً ولكنها لا تزال ضارة. ولمعرفة مدى سوء المشكلة، قام علماء البحث بدمج بيانات الأقمار الصناعية حول المناخ الحالي ومحتوى الكربون في الغلاف الجوي وصحة النظم الإيكولوجية للغابات. وكشفت النتائج الانبعاثات الناتجة عن حرائق الغابات المدارية آخذة في الازدياد، على الرغم من أنها لا تزال غير محسوبة في تقديرات الانبعاثات الوطنية.

مساحات تقدر بالكيلومترات ن الغابات المحروقة في الأمازون والتأثير الكارثي على الاحتباس الحراري
مساحات شاسعة من الغابات المحروقة في الأمازون

حرائق الغابات، بشرية أم طبيعية؟

كثيراً ما أثير الجدل حول أسباب حرائق الغابات، وهنا الدراسة توضح مزيج من الأنشطة البشرية والجفاف الطبيعي في آن واحد. فالبشر هم العامل الأول من احتدام الحرائق، وخصوصاً الاحتباس الحراري؛ بسبب استخدام الوقود الحفري بكميات هائلة في الثورات الصناعية وحتى الآن. والذي سبّب بدوره ارتفاع معدلات الغازات الدفيئة وثنائي أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. وأيضاً إزالة الغابات واستبدالها بالزراعة والمراعي الطبيعية.

حرائق رئة الأرض الكارثية وتأثيرها الكارثي على لاحتباس الحراري
إزالة غابات الأمازون بقصد زراعي أو تربية الماشية

أما السبب الطبيعي يرجع إلى الجفاف السنوي، فالأشجار لديها كميات أقل من المياه أثناء موجات الجفاف، ويتباطأ نموها وتكون أقل قدرة على إزالة ثنائي أكسيد الكربون من الغلاف الجوي عن طريق عملية التمثيل الضوئي. ومن ثم تتساقط أوراق الأشجار، مما يعني المزيد من الحطب والأوراق الجاهزة للإحتراق على أرض الغابة، وبدون مظلة كثيفة للاحتفاظ بالرطوبة؛ تفقد الغابة بعض الرطوبة، والتي كانت بمثابة مانع وسد يحول بينها وبين حدوث الحرائق.
ويتفاقم الوضع من خلال قطع الأشجار الإنتقائي لأنواع محددة من الأشجار، حيث ستتضائل مساحة المظلات المحافظة على الرطوبة وتعريض أكبر مساحة للحرائق. والنتيجة: الغابات المطيرة المقاومة للحريق ستصبح قابلة للاشتعال.

غابات الأمازون على أعتاب بوابة الجحيم!

حريق هائل يندلع في غابات الأمازون، ونتائج كارثية على الاحتباس الحراري

كواحدة من الموقعين على اتفاق باريس بشأن تغير المناخ، تلتزم البرازيل بخفض انبعاثاتها إلى 37% أقل من مستويات عام 2005 بحلول عام 2025. ويعتبر الانخفاض الكبير في معدلات إزالة الغابات على مدار العقد الماضي بداية رائعة. ومع ذلك، فإن سياسة إزالة الغابات لا تساعد في الحد من حرائق الغابات لوحدها، وبالتالي فهي غير فعالة بشكل كامل في تخفيف انبعاثات الكربون من الأمازون. لذا تحتاج  البرازيل الآن للتركيز بشكل عاجل على دمج خسائر CO2 الناتجة عن حرائق الغابات في تقديراتها؛ فمن المتوقع أن تزداد انبعاثات الحرائق في المستقبل بفضل الجفاف الشديد، والتوسع في قطع الأشجار بشكل انتقائي، والاستخدام المستمر للحرائق لإدارة المراعي أو لإزالة الغطاء النباتي في الأراضي الزراعية.

لذلك يجب على البرلزيل أن تبدأ بزيادة ميزانية منظمة مكافحة الحرائق. كما ينبغي أن تتجنب قطع الأشجار الانتقائي في المناطق المعرضة للحرائق، وتضمن دائماً أن إدارة الغابات تشكل عوامل فعالة في الوقاية من الحرائق على المدى الطويل.

مخاوف فقدان غابات الأمازون والاحتباس الحراري

أوضحت دراسة  نشرت في عام 2000 مدى سوء ارتفاع درجات على غابات الأمازون، حيث ستتوقف غالات الأمازون عن إنتاج الأكسجين بحلول عام 2050.

تخزن غابات العالم  أجمع حوالي 25% من CO2، وفي حالة استمرار السيناريو دون الأخذ في الاعتبار بالاحتياطات اللازمة؛ ستصل غابات الأمازون لنقطة تحول لا رجعة فيها، حيث ستصبح الغابات المطيرة غابات سافانا أفريقة بالإضافة إلى إطلاق 140 مليار طن من الكربون المخزن في تلك الغابات إلى الغلاف الجوي وتأثيره بالسلب على ظاهرة الاحتباس الحراري، وذلك  حسب تقرير Rainforest Trust.

حرائق رئة الأرض الكارثية وتأثيرها الكارثي على لاحتباس الحراري
إزالة مكثفة لغابات الأمازون شمال ولاية بارا بالبرازيل عام 2000

واستناداً إلى تقارير عديدة، أوضحت صحيفة The Guardian في تقرير لها تحت عنوان تسارع إزالة غابات الأمازون تصل إلى “نقطة تحول” لا رجعة فيها: زيادة أعداد  المزارعين وشركات قطع الأشجار في منطقة الأمازون وإزالة مساحات  كبيرة منها خلال شهر يوليو فقط. ويقدر معدل إزالة الغابات في الدقيقة مساحة بحجم كرة القدم. حسب تقرير BBC، نقلاً عن بيانات الأقمار الصناعية لشهر يوليو.

في النهاية

دائماً ما تندلع الحرائق بغابات الأمازون في كل عام، لكنها تتسارع بسبب الظروف الحارة والجافة. ومعظمها بسبب المزارعين وشركات قطع الأشجار، وبالتأكيد ستنعكس بالسلب على  البشر مثل ما حدث في مدينة ساوباولو البرازيلية، التي تبعد 2000 ميل عن الغابات المطيرة، حيث غرقت في ظلام حالك نتيجة دخان الحرائق الكثيف حتى أصبح النهار ليلاً نتيجة حجب أشعة الشمس الصيفية عن المدينة.

المصادر

Business Insider

National Geographic

The Conservation

Nature

ولا تنس تقييم المقال 🙂

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


حياة بيئة

User Avatar

moaaz amin

A 2020 graduate-civil engineer Specialised in Steel Structures. Curious about Reading in Different subjects, especially Environmental articles.


عدد مقالات الكاتب : 10
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق