أحياء

دراسة تعيد شحن الخلايا لمحاربة أمراض الشيخوخة

ماذا لو تمكنا من إعادة شحن الخلايا، تمامًا كما نفعل مع هواتفنا، لمحاربة الشيخوخة والأمراض على المستوى الخلوي؟ لم يعد هذا الأمر مجرد خيال، وذلك بفضل الاكتشاف المذهل الذي توصل إليه الباحثون في جامعة تكساس إيه آند إم. حيث قاموا بتطوير طريقة جديدة لتحفيز تجديد الميتوكوندريا، مركز قوة الخلية، باستخدام تقنية النانو. قد يؤدي هذا إلى مستقبل حيث يمكننا إطالة العمر وتحسين النتائج للمرضى الذين يعانون من الأمراض المرتبطة بالعمر. وقد أثارت النتائج التي توصل إليها الفريق، والتي نشرت في مجلة (Nature Communications)، الإثارة في المجتمع العلمي.

دور الميتوكوندريا في الشيخوخة

الميتوكوندريا، مراكز الطاقة الصغيرة داخل خلايانا، هي المسؤولة عن توليد الطاقة لأجسامنا. إنها مثل البطاريات الصغيرة التي تغذي أنشطتنا اليومية، بدءًا من تحريك عضلاتنا وحتى التفكير. ولكن مع تقدمنا ​​في السن، تتراجع وظيفة الميتوكوندريا لدينا، مما يؤدي إلى التعب، وتدهور الأنسجة، وتسارع الشيخوخة. يبدو الأمر كما لو أن بطارياتنا تستنزف ببطء، مما يجعل من الصعب على أجسامنا العمل بمستويات مثالية.

يعد خلل الميتوكوندريا سمة مميزة للعديد من الأمراض المرتبطة بالعمر، مثل مرض السكري ومرض الزهايمر ومرض باركنسون. في هذه الظروف، تكون الميتوكوندريا غير قادرة على إنتاج الطاقة بكفاءة، مما يؤدي إلى تلف الخلايا وتدهور الأنسجة. إنها حلقة مفرغة تسرع الشيخوخة وتؤدي إلى تفاقم أعراض المرض.

تاريخ أبحاث الطاقة الخلوية

عند الخوض في تاريخ أبحاث الطاقة الخلوية، نجد سردًا رائعًا للاكتشاف العلمي والابتكار. لقرون طويلة، كان البشر مفتونين بأسرار الحياة وأسرار إنتاج الطاقة الخلوية. منذ الملاحظات المبكرة للهياكل الخلوية وحتى اكتشاف الميتوكوندريا، “محطات الطاقة” للخلايا، كان العلماء مدفوعين لفهم تعقيدات استقلاب الطاقة الخلوية.

في القرن التاسع عشر، وضع عالم وظائف الأعضاء الألماني هيرمان فون هيلمهولتز الأساس لأبحاث الطاقة الخلوية الحديثة من خلال اقتراح مفهوم الحفاظ على الطاقة. لاحقًا، في أوائل القرن العشرين، كان عالم الكيمياء الحيوية البريطاني بيتر ميتشل رائدًا في فهم التنفس الخلوي، مما أكسبه جائزة نوبل في عام 1978.

وفي التسعينيات، أدى مشروع الجينوم البشري إلى تسريع تطور البيولوجيا الجزيئية وعلم الجينوم. وأدى ذلك إلى فهم أعمق للتنظيم الجيني لإنتاج الطاقة الخلوية ومهد الطريق لاكتشاف أهداف علاجية جديدة.

الزهور النانوية وإعادة شحن الخلايا

تم تطوير جسيمات نانوية من ثنائي كبريتيد الموليبدينوم (MoS₂) من قبل الباحثين، وقد سميت هذه الجسيمات بالزهور النانوية (nanoflowers) بسبب بنيتها الشبيهة بالزهرة. حيث تحتوي على فراغات ذرية (atomic vacancies) يمكنها تحفيز تجديد الميتوكوندريا، مما يساعد الخلايا على توليد المزيد من الطاقة.

يمكن أن تقدم الزهور النانوية علاجات جديدة لأمراض مثل ضمور العضلات والسكري والاضطرابات العصبية التنكسية عن طريق زيادة إنتاج (ATP) والحمض النووي للميتوكوندريا والتنفس الخلوي. حيث اكتشفوا أن الفراغات الذرية في الزهور النانوية تحفز المسارات الجزيئية المشاركة في تكاثر الميتوكوندريا. يمكن لهذا الاكتشاف أن يوفر طريقة جديدة لمحاربة هذه الأمراض في مصدرها، بدلاً من مجرد علاج الأعراض.

Related Post
مصدر الصورة: https://www.nature.com/articles/s41467-024-52276-8

ما الخطوة التالية بالنسبة للزهور النانوية؟

استخدم فريق البحث أدوات حسابية متقدمة لفك تشفير الأنماط المخفية في الاستجابات الخلوية للمواد النانوية. ومن خلال تحليل البيانات، حددوا التفاعلات الجزيئية المُحددة المسؤولة عن زيادة الطاقة. إنه مثل إعطاء الخلايا التعليمات الصحيحة على المستوى الجزيئي لمساعدتها على استعادة محطات الطاقة الخاصة بها، الميتوكوندريا.

يخطط فريق البحث للتركيز على تطوير طريقة لتوصيل الزهور النانوية إلى الأنسجة البشرية، بهدف التطبيق السريري في نهاية المطاف. وقد يتضمن ذلك إنشاء أنظمة توصيل مستهدفة، مثل الجسيمات النانوية التي يمكنها استهداف خلايا أو أنسجة معينة بشكل انتقائي.

المصادر

Can we ‘recharge’ our cells? | eurekalert

Atomic vacancies of molybdenum disulfide nanoparticles stimulate mitochondrial biogenesis | nature communications

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
أخبار علمية

Share
Published by
أخبار علمية

Recent Posts

إنجاز عربي عالمي: الأردني-الأمريكي عمر ياغي يفوز بنوبل الكيمياء 2025

عمر ياغي ونوبل الكيمياء.. من تحديات شُحّ المياه إلى ثورة الأطر المعدنية العضوية (MOFs) الحلم…

أسبوع واحد ago

ثورة في عالم الاتصالات الكمومية: كيف تمكن عالم مصري من “ترويض” مبدأ عدم اليقين وتصويره في الزمن الحقيقي؟

ضوء كمومي مضغوط فائق السرعة: اختراق علمي يفتح آفاقاً جديدة للاتصالات المشفرة بسرعات "البيتاهرتز" على…

أسبوع واحد ago

نفق كمومي في يدك: نوبل الفيزياء 2025 تفتح آفاق الحوسبة الكمومية

مُنحت جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2025 (Nobel Prize in Physics 2025) لثلاثة من أبرز…

أسبوع واحد ago

مملكة دلمون: حضارة البحرين القديمة ومحطة التجارة الكبرى في الشرق الأدنى

تُعد مملكة دلمون واحدة من أقدم الممالك الحضارية في تاريخ الشرق الأدنى القديم، والتي ازدهرت…

أسبوع واحد ago

جائزة نوبل 2025 في الطب تكرم رواد “التسامح المناعي المحيطي”

الفرامل الخفية لـ "جيش المناعة": اكتشاف الخلايا التائية التنظيمية يفتح آفاق علاج أمراض المناعة الذاتية…

أسبوع واحد ago

“الساقية” الذكية: كيف تحولت عجلة الري المصرية القديمة إلى مصنع للطاقة النظيفة؟

السواقي المنسية: مصر تُحيي تراث الألفي عام لتوليد الكهرباء النظيفة.. طاقة المستقبل بين جنبات الماضي…

أسبوعين ago