Ad
هذه المقالة هي الجزء 5 من 8 في سلسلة أغرب طقوس الدفن عبر التاريخ
حقوق الصورة https://www.google.com/url?sa=i&url=https%3A%2F%2Fchaosgatebook.wordpress.com%2F2015%2F02%2F16%2F630%2F&psig=AOvVaw2mRa5e5QzjbRdV1FED04_n&ust=1624855002020000&source=images&cd=vfe&ved=0CAoQjRxqFwoTCIj2tJvIuPECFQAAAAAdAAAAABAJ

من هم الجرمانيون؟

الجرمانيون هم مجموعة إثنية تضم قبائل عدة. تم التعرف عليهم من خلال استخدامهم اللغات الجرمانية غالبًا، ويطلع عليهم اسم القبائل القوطية أحيانًا. نشأ مصطلح “جرماني في العصور الكلاسيكية فكان الرومان أول من وصفهم. تمركز أغلب الجرمانيون في شمال أوروبا في شبه الجزيرة الاسكندنافية، وفي بلاد الغال وفي ألمانيا عمومًا. واعتمدوا بشكل رئيسي على الزراعة وتدجين الحيوانات في حياتهم. توجد العديد من الأدلة الأركيولوجية على أن هذه القبائل كانت تتنقل بسبب نقص الموارد ولكن الجرمانيون الغربيون كانوا أكثر استقرارًا. [1]

الفايكنج، مجموعة قبائل أم حقبة زمنية؟

على عكس المفهوم الشائع بأن الفايكنج شعب أو مجموعة إثنية واحدة، إلا أن هذا غير صحيح. فالفايكنج لا يشكلون شعبًا واحدًا وإنما انحدروا من القبائل الجرمانية وكانوا حقبة زمنية امتدت ما بين القرن التاسع ميلادي والقرن الحادي عشر ميلادي. حيث غادر العديد من الإسكندنافيين بلدانهم الأصلية والتي تعرف الآن بالسويد والدنمارك والنرويج بحثًا عن الثروات في أماكن أخرى. وكانوا بحارين مهرة ومحاربون أشداء لا يهابون الموت. غزوا الجزر البريطانية وسيطروا على أجزاء منها وعرفوا كقراصنة وغزاة وتجار ومستوطنين.
ما يعطي الفايكنج وحدتهم هو أنهم كانوا غزاة من أرض أجنبية، وأنهم كانوا ما زالوا وثنيين، أو غير متحضرين بنظر البلدان التي غزوها. وكلمة “فايكنج” أصلها من كلمة vikingur في اللغات الاسكندنافية القديمة التي تعني قرصان.
لا يوجد سبب واضح لمغادرتهم لبلدانهم الأصلية، لكن الأغلب هو البحث عن الثروات الجديدة، وكان لاحتكاكهم مع العناصر الأوروبية الأخرى دور كبير في ازدهار تجارتهم وثقافتهم وتأثرهم بهذه البلدان. [2]

المعتقدات والنظرة للموت:

الديانة الجرمانية الوثنية “ديانة الفايكنج” أكثر تعقيدًا مما نتصور، فالمعروف أن لدى الجرمانيون أن المحاربون العظماء يذهبون إلى “فالهالا” أو نعيم المحاربين ليقضوا حياتهم مع أودين كبير الآلهة الاسكندنافية. المكان الثاني هو فولكفاغنر وهو مملكة الإلهة فريا زوجة أودين التي يذهب إليها المحاربون الذين لم يكن من نصيبهم الدخول لفالهالا.
وهناك مملكة هيل أو هيلهايم، الإلهة ابنة لوكي وأخت فينرير الذئب، وهي مملكة مظلمة ومرعبة وهي أقرب ما تكون للعالم السفلي. بالإضافة لمملكة ران التي تأخذ البحارين القتلى، والأموات الذين تبقى أرواحهم ملازمة لقبورهم ولا تصل للعالم الآخر وهي الأرواح التي تتحول لأشباح في القصص النوردية أو الموتى الأحياء أو ما يدعى بالدراوغر draugr الموتى السائرين الذين يهاجمون الأحياء. [3]

طرق الدفن الشائعة:

أهم المصادر التي وثقت حياة القبائل الجرمانية يعود الفضل فيها للرحالة المسلم أحمد بن فضلان الذي أُرسل كسفير للدولة العباسية التي حكمها أنذاك الخليفة العباسي المقتدر بالله وذلك عام 921 بعد الميلاد، وساهم ابن فضلان في توثيق حياة القبائل الجرمانية بالتفصيل بالإضافة إلى توثيق عادات الدفن عندهم ويعد هذا أول احتكاك بين الشعوب العربية الاسلامية والقبائل الجرمانية. [4]

الحرق:

كان الحرق من أكثر الطرق شيوعًا خصوصًا لدى الجرمانييين القدماء. ولكن اختلفت طرق الدفن حسب الطبقة والمكانة الاجتماعية للمتوفي. كان يتم الحرق في محارق كبيرة وساد الاعتقاد بأن النار الكبيرة ستساعد الروح للوصول للفالهالا التي تساعدها ال”فالكيري” المخلوقات الميثولوجية التي تشبه بمفهومها مفهوم الملائكة، وهن كائنات تساعدن الأرواح للوصول إلى الحياة الأخرة.
بعد الحرق كانت تجمع رفاة الميت وتحفظ في جرار أو تدفن في مقابر كبيرة. [5]

دفن السارقين والخونة:

حقوق الصورة https://www.google.com/url?sa=i&url=https%3A%2F%2Ftheheart756621753.wordpress.com%2F2019%2F06%2F12%2Fblood-eagle%2F&psig=AOvVaw2ljp9SAlj42pbjs7RgkMV1&ust=1624855311527000&source=images&cd=vfe&ved=0CAoQjRxqFwoTCKi52LLJuPECFQAAAAAdAAAAABAD

كان نصيب السارقين الشنق، وتركوا معلقين دون الالتفات لجثثهم. أما الخونة فكان نصيبهم أشد صعوبة، فلم تكن القبائل الجرمانية رحيمة في عقابها. أشهر طرق الإعدام وأكثرها دموية هي “النسر الدموي”. وهي طريقة تعذيب تتمثل في إبقاء الضحية على الحياة قدر المستطاع، تُربط يدا المحكوم بالإعدام إلى الأعلى في وضعية تشبه وضعية الصلب ثم يتم سلخ جلد الظهر وفرده فوق اليدين مشكلًا مظهرًا أشبه بجناحي النسر. تُكسر الأضلاع وذلك مع المحافظة على حياة الضحية لضمان عذابها. في النهاية تفرد الرئتين فوق الجلد المسلوخ ويترك المحكوم معلقًا حتى يموت. ويكون ذلك طقس يشاهده الجميع للتأكيد على أن مصير الخونة مرعب ومؤلم. [6]

الضريح العائم:

بنى الأثرياء محارقهم بشكل سفن غالبًا ولكن تم حرقها بالشكل التقليدي ودفنهم مع ممتلكاتهم. ولكن الحكام والأثرياء جدًا هم الوحيدون الذين حصلوا على ضريح عائم فعليًا وليس مجرد قبر على شكل سفينة. بنيت سفن صغيرة كقارب شخصي، معد لشخص واحد بالإضافة لممتلكاته وثروته معه. [5]

مراسم الدفن:

قام الرحالة ابن فضلان بتوثيق مراسم دفن أحد الملوك خلال بعثته، ووصف فيها بدقة مراسم الدفن. هناك بعض التشكيك بمصداقية الوصف، ولكن اجمع معظم المؤرخين أن هذا الوصف صحيح.
وفقًا لابن فضلان فإن الحاكم المتوفي يوضع في قبر مؤقت مع عصير العنب ليختمر. ريثما تتم حياكة جديدة له وذلك لمدة عشرة أيام، ويتم اختيار فتاة من العبيد لترافق سيدها إلى العالم الآخر.
عندما يحين وقت الدفن يوضع الزعيم في القارب بثيابه الجديدة مع ممتلكاته والطعام والشراب. ويضحى ببقرتين وحصانين وكلب ودجاجة وديك، تقطع أجسادهم وتنثر ضمن القارب لترافق الزعيم في رحلته للعالم الآخر.
في هذه الأثناء تكون الفتاة المختارة تشرب السم ليخفف عليها ألمها، وتذهب من خيمة لأخرى لتجامع الأسياد الآخرين. وفي النهاية يتم مجامعتها بشكل جماعي قبل خنقها وطعنها حتى الموت. بينما كان باقي الرجال يطرقون على سيوفهم ودروعهم في الخارج، لتغطي على صوت صراخ الفتاة كي لا تخاف بقية الفتيات من الطقس لاحقًا، ثم تمدد بجانب سيدها ويطلق القارب ويحرق. [5]

رمزية المراسم:

القارب كان يمثل رحلة الشخص للعالم الآخر، وبني الضريح بشكل قارب ولو لم يكن قاربًا فعليًا، فهو سيوصل الميت إلى العالم الآخر سواء كان فالهالا أو غيره.
أما الجنس الجماعي مع الفتاة فيتمثل في أن الفتاة هي الوعاء الذي سينقل جوهر الحياة. وفي كل مرة يجامعها أحد الأسياد يردد جملة “قولي لسيدك إنني فعلت هذا تقديرًا له” وساد الاعتقاد بأن السائل المنوي يمثل جوهر الحياة.
أما موضوع القتل العنيف للفتاة فذلك للاعتقاد بأن القتل العنيف والدموي هو ما يساعد الشخص إلى دخول فالهالا. [5]

هذه الشعائر جميعها اندثرت مع اندثار الوثنية في شبه الجزيرة الاسكندنافية، فمع الزمن والاحتكاك مع البلدان الأوروبية الأخرى شاعت المسيحية وبدأ من كانوا يدعون بالفايكنج باعتناق المسيحية، وبذلك انتهى عصر الفايكنج.
بالرغم من اعتناقهم المسيحية والتنكيل الذي صار بمن بقوا على دينهم الأصلي بعد أن أصبحت الديانة المسيحية سائدة والوثنية مرفوضة، فإن العديد من الناس في عصرنا الحالي ما زالوا بعتنقون دين أجدادهم القديم ويقدسون أودن، ولكن مع مراسم وشعائر أقل دموية.

المصادر:

1- lumenlearning
2- history
3- choicemutual
4- muslimheritage
5- lifeinnorway
6- allthatsinteresting

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


علم الإنسان تاريخ تراث

User Avatar

Farah Al Hussain

just a curious syrian sociologist


عدد مقالات الكاتب : 29
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق